وقد افتتحت الندوة الإعلاميّة والناشطة الحقوقيّة «رباب تقي» التي قالت إنّ التعذيب يعدّ جريمة في القانون الدوليّ، وهو محظور تمامًا وفق جميع الصكوك ذات الصلة، ولا يمكن تبريره في ظلّ أيّ ظروف.
وأضافت أنّ الأمم المتحدّة تؤكّد أنّ ممارسة التعذيب على نحو منتظم، وبشكل واسع النطاق، هي جريمة ضدّ الإنسانيّة، وتهدف إلى إفناء شخصيّة الضحيّة وإنكار كرامة الكائن البشريّ، لذا خصّصت له يومًا هو 26 يونيو/ حزيران من كلّ عام وأسمته «اليوم الدوليّ لمساندة ضحايا التعذيب»، بهدف القضاء التام عليه من خلال ملاحقة مرتكبيه، وعدم إفلاتهم من جرائمهم، وضرورة تفكيك الأنظمة التي تمكّن التعذيب وتسمح به.
وقالت تقي إنّ سجون البحرين وفلسطين تضجّ بآلاف المعتقلين بينهم أطفال، ويتعرّضون لشتى صنوف التعذيب النفسيّ والجسديّ وسوء المعاملة، منذ لحظة الاعتقال مرورًا بالتحقيق حتى الزجّ بهم في المعتقلات، من دون تفريق بين الرجال والنساء والأطفال وكبار السنّ والمرضى، إلى أن وصل التعذيب في بعض الأحيان إلى حدّ القتل.
ثمّ تناول المدير التنفيذي لمؤسسة الضمير لحقوق الإنسان «المحامي علاء سكافي» من فلسطين سياسة التعذيب في سجون الكيان الصهيونيّ بين الارتجال والمنهجيّة المدروسة، حيث قال إنّ سلطات الاحتلال تجاوزت مفهوم التعذيب وفق «اتفاقيّة مناهضة التعذيب والمعاملة القاسية»، فهي تبتكر كلّ يوم أسلوبًا جديدًا، وتضع القوانين التي تسمح لها بممارسته فيما تسميه حالة الضرورة أو القنبلة الموقوتة، لانتزاع اعترافات مهمّة من المعتقلين، إضافة إلى منعهم من تعيين محامٍ، وعدم توثيق إجراءات التحقيق رغم المطالبات الأمميّة بذلك، وصولًا إلى سياسة الإهمال الطبيّ.
الناشط الحقوقيّ ووالد الشهيد علي الدمستاني «الدكتور إبراهيم الدمستاني» تناول محور التعذيب في سجون البحرين من الأسس البريطانيّة إلى الأساليب الصهيونيّة، ولا سيّما بعد التطبيع وتوسيع دائرة التعاون الأمنيّ والاستخباراتيّ، حيث استذكر بداية كلّ شهداء فلسطين والبحرين الذين قضوا نحبهم في السجون.
وقال إنّ التعذيب في البحرين عام 2011 خرج عن حدود الدائرة الإنسانيّة حتى استشهد 4 معتقلين تحت التعذيب في السجون الخليفيّة، لكنّ النظام بعد هذه الحالات خفّف درجات التعذيب حتى لا يؤدّي إلى قتل المعتقلين.
وبعد توصيات بسيوني اتخذ النظام آليّات مختلفة للتعذيب، إذ أرسل مجموعة من الضباط يرأسها «العميد فوّاز حسن» إلى منطقة بلفاست في شمال إيرلندا، وهي مقاطعة تابعة إلى بريطانيا، وذلك للتدرّب على أساليب من التعذيب لا تصل إلى حدّ الموت، وفق ما وثّقه مجموعة من الحقوقيّين في البحرين.
ثمّ تناول الدكتور الدمستاني تجربته في الاعتقال والتعذيب في السجون الخليفيّة على خلفيّة علاجه المصابين خلال أحداث ثورة 14 فبراير 2011.
وأكّدت الأسيرة المحرّرة من السجون الصهيونيّة وعضو الاتحاد العام للمرأة الفلسطينيّة «الناشطة ميسّر عطياني» بدورها أنّ التعذيب في السجون الصهيونيّة يخضع لسياسة مدروسة وممنهجة، يشرف عليها علماء وخبراء، ويقرّ لها الكنيست قوانين يطبّقها.
وتطرّقت عطياني إلى نماذج عدّة من التعذيب التي عايشت بعضها كونها أسيرة سابقة، ومقدار المعاناة التي يعيشها المعتقلون الفلسطينيّون تحت التعذيب.
بعدها كانت مداخلة الناشط السياسيّ «الأستاذ علي مهنا» الذي أكّد أنّ نسبة السجناء السياسيّين في البحرين تعدّ جدًّا كبيرة مقارنة بعدد السكّان، إذ في مرحلة ما بلغ عدد الأسرى نحو 5000 أسير في وقت كان عدد السكّان يناهز المليون، وهذا دليل على وجود خلل ليس في الشعب بل في السلطة.
وقال إنّ البحرين هي فلسطين الثانية وذلك لتشابههما في كثير من الأمور، ولا سيّما المعتقلون، فالمعاناة واحدة، ويتجلّى ذلك في حرمان العلاج، وصعوبة تحصيل الموعيد الطبية والأدوية، ومنعهم من إقامة الشعائر الدينيّة.
وأوضح أنّه في البحرين يعمد النظام إلى وضع المعتقلين السياسيّين، ولو اعتقلوا على مشاركتهم في مسيرة أو تظاهرة، في مبانٍ مخصّصة لهم حتى يتمكّن من معاملتهم تلك المعاملة السيّئة من دون أن يضطروا إلى التفرقة، فتشملهم هذه المعاملة الموحّدة.
وأكّد مهنا أنّ البحرين منسيّة دوليًّا كما فلسطين، على الرغم من سقوط الشهداء وعدد السجناء الكبير، فإنّ الإعلام الدوليّ يغضّ الطرف عن البحرين وما يحصل فيها.
وقال إنّ شعب البحرين خرج في ثورته من أجل إقرار دستور يحفظ كرامته، ويكون له برلمان هو ينتخبه، لا لتحصيل لقمة العيش أو ما شابه من مطالب حياتيّة لا ترقى إلى مستوى الكرامة الإنسانيّة.
وفي الشقّ الثاني من كلمته، تطرّق إلى اعتقاله شخصيًّا، وقضيّة نجله حسين الموجود بالعزل مع رفاقه منذ أكثر من 320 يومًا بتهمة الهروب من سجن جوّ، وهي تهمة اعترفوا بها نتيجة التعذيب الوحشيّ الذي تعرّضوا له، مؤكّدًا استمراره بحراكه من أجل ولده على الرغم من التهديدات اليوميّة.
وكانت المشاركة الأخيرة للناشطة الحقوقيّة الفلسطينيّة «رهام القيق» التي ذكرت شواهد تعذيب ترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانيّة لعدد من الأسرى الفلسطينيّين في السجون الصهيونيّة.
هذا وكان لمدير المكتب السياسيّ لائتلاف 14 فبراير في بيروت الدكتور إبراهيم العرادي مداخلتان مكتوبتان وجّه خلالهما سؤالين للضيفين الدمستاني ومهنا، حول الدور الفعلي الذي كان يقوم به طبيب السجن في سجن جوّ المركزيّ إبّان اعتقال الدكتور الدمستاني، والسؤال الثاني كان للأستاذ مهنا: كيف ينظر شعب البحرين إلى المعارضة في الخارج، وخاصّة أنّ السلطة تعمل ليل نهار على تشويه سمعتها، وما المطلوب من المعارضة عمله أكثر لإيصال صوت الأسرى في سجون النظام الخليفيّ؟
فأكّد الأستاذ مهنا أنّ الشعب يدرك تمامًا ما تقدّمه المعارضة، كما يدرك كم حاول النظام شقّ صفوفها، وكيف أفشلت مساعيه إذ توحّدت أكثر وتجلّى ذلك في الفعاليّات الموحّدة والشعارات الموحّدة التي تصدر عنها في ظلّ قيادة سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم.
وأضاف انّه أمام هذا الفشل صعّد النظام وتيرة طأفنة الثورة وزرع الفتنة بين مذاهب الشعب عبر منابر بعض الشيوخ والعلماء.
ووجّهت الحقوقيّة البحرانيّة إبتسام الصائغ عبر مشاركة مكتوبة أيضًا التحيّة لشعب فلسطين، ولكلّ ضحايا التعذيب.
ووجّهت القياديّة في الجبهة الشعبيّة والأسيرة السابقة «الدكتورة مريم أبو دقّة» التحيّة لشعب البحرين، مشيدة بحراكه بوجه تطبيع النظام، وشدّدت على ضرورة إظهار مظلوميّة السجناء وضحايا التعذيب.
وشارك القيادي في حركة أبناء البلد والأسير السابق «الأستاذ محمد كناعنة» بمداخلة أكّد فيها أنّ شعب فلسطين صامد ومستمرّ في فضح سياسة الكيان الصهيونيّ تجاهه في الداخل.
ومن اليمن أشاد رئيس الحملة الدولية لكسر الحصار عن مطار صنعاء الدوليّ «العميد حميد عبد القادر عنتر» بموقف شعب البحرين مما يجري في اليمن ودعمه لشعبه، مؤكّدًا أنّ الأنظمة المطبّعة القمعيّة التي تنفّذ المشاريع الأمريكيّة في الخليج ستفشل أمام صمود الشعوب.
وفي الختام شكرت رئيسة المرصد العربيّ لحقوق الإنسان والمواطنة «الدكتورة رولا حطيط» الحضور، وأكّدت أنّ المرصد سيظلّ منبرًا حرًّا للقضايا المحقّة في الوطن العربيّ.