لم يتردّد النظام الخليفيّ يومًا عن إظهار طائفيّته تجاه غالبيّة أبناء الشعب الذين يتبّعون مذهب أهل البيت «عليهم السلام»، متذرّعًا في ذلك بعدد من الحجج والذرائع الواهية التي يغلّفها حينًا بتشويه حقيقة هذه الشعائر، وحينًا آخر بمؤتمرات دوليّة حول تشجيعه التعايش بين الأديان ليلتفّ على واقع أسود يسوّده أكثر التعتيم الإعلاميّ الممنهج والصمت الدوليّ المباع.
كما في كلّ عام، ومع اقتراب موسم عاشوراء الإمام الحسين «عليه السلام» يصعّد النظام الخليفيّ حربه على المقدّسات والشعائر الإسلاميّة التي يحييها شعب البحرين منذ مئات السنين، حتى منذ ما قبل احتلال النظام للبحرين، والشواهد التاريخيّة على ذلك كثيرة، باعتماد أساليب ووسائل متنوّعة منها التضييق على العلماء والخطباء، ومنع فعاليّات دينيّة، واستدعاء المواطنين على خلفيّة مشاركتهم في إحياء بعض الشعائر، زد على ذلك في هذا العام إقدامه على اعتقال خطيب أكبر صلاة جمعة في البلاد «سماحة العلّامة الشيخ محمد صنقور»، ومحاولته منع المواطنين من الوصول إلى مسجد الإمام الصادق «عليه السلام» لتأدية الصلاة فيه، وتعمّده الإساءة إلى مقام «الصحابيّ الجليل صعصعة بن صوحان» استفزازًا لمشاعر الموالين الذين يطالبون بفتح المقام وإيلائه العناية الضروريّة كونه أحد المزارات الدينيّة التاريخيّة، إلى جانب إكماله مشروع التجنيس السياسيّ لتغيير ديموغرافيا البلاد.
اليوم تصدح أبواق النظام بحريّة الأديان والتعايش السلميّ بينها، مستغلًّا تطبيعه مع الكيان الصهيونيّ لتبييض صورته لناحية عدم معاداته الساميّة، بينما يجهد لقمع أكبر طائفة في البلاد، والتي يصرّ علماؤها في المقام الأوّل على الدفاع عنها وحماية معتقداتها، ويتمسّك أتباعها بشعائرها حتى الممات، غير آبهين للخطوات التصعيديّة التي يتخذها النظام في حربه عليها، بدءًا من اختيار شعار موسم عاشوراء لهذا العام «القول منّا قولك»، أي لا تخلٍّ عن قول الإمام الحسين «عليه السلام» وفعله، وهو الذي آثر الشهادة دون الذلّ للحاكم الطاغي والفاسد والفاجر، إلى إصرارهم على إحياء المناسبات الدينيّة وإقامة شعائرها.
ولا يقف النظام الخليفيّ عند محاربة الشعائر والتضييق عليها، بل يعمل على خلخلة بنيان الدين الإسلاميّ متماهيًا بتطبيعه مع الصهاينة وانصياعًا لأوامر أسياده الأمريكان الذين عجزوا أمام الدين المحمدي الأصيل، فها هو يسمح اليوم لهم بترويج المثليّة والشذوذ الجنسيّ والتشجيع عليها من سفارتهم في العاصمة المنامة، في ظلّ استنكار واسع لها ورفض شديد لهذه المحاولات الدنيئة التي تمسّ القيم الإسلاميّة التي تربّى عليها الشعب البحرانيّ الأصيل.
ولا يخفى القول إنّ آل خليفة قوم تابعون لا يملكون قرارهم ذاتيًا، يدارون بحسب ما يديرهم النظام السعوديّ من جهة والصهاينة والأمريكان من جهة أخرى، بيد أنّه يتفق معهم على تصويب سلاحه على الشعب الذي يواصل ثورته منذ أكثر من 12 عامًا لإسقاط نظامه الدخيل على البحرين وعادات أهلها وقيمهم وثقافاتهم، والذي يتمسّك بإثبات وجوده وهويّته ودينه.