صدر بيان عن المجلس السياسيّ لائتلاف شباب ثورة 14 فبراير حول القمةّ العربيّة الثانية والثلاثين التي انعقدت في جدّة، هذا نصّه:
بسم الله الرحمن الرحيم
انعقدت القمّة العربيّة الثانية والثلاثون في مدينة جدّة السعوديّة، وذلك في ظلّ المستجدّات المتتالية في المنطقة. وقد تابعَ المجلسُ السّياسي في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير مجملَ الأوضاع المحيطة بها، والبيانَ الختاميّ الصّادر عنها، ويشير في ذلك إلى النّقاط الآتية:
1- قبل عقد من الزّمن؛ اتّخذت غالبيّة الحكومات المشاركة في القمّة العربيّة قرارًا أمريكيًّا بتجميد عضويّة سوريا – أبرز مؤسّسي جامعة الدّول العربيّة – تحت غطاء دعْم الاحتجاجات التي شهدتها سوريا آنذاك. كما عملت تلك الحكومات – وفي طليعتها حكومة آل خليفة – على التّحريض العنفيّ لإسقاط الدّولة السّوريّة. ولكن بفضل صمود المحور المقاوم دُحر هذا المخطّط التّدميري، واضطّرت الحكومات العربيّة إلى تغيير مواقفها، وعادت الدّولة السّوريّة إلى مكانها الطّبيعي في قلب العالم العربيّ. وعليه، نشدّد على أهميّة أخذ العبرة من هذه التّجربة القاسية، والبناء على ذلك في تقدير الموقف تجاه المتغيّرات الرّاهنة، وعدم الانجرار وراء السّياسات الجديدة للأنظمة الخليجيّة، ولا سيّما تلك التي كانت في صُلب مخطّط التّدمير والإرهاب الذي لا تزال آثاره باقية حتّى اليوم.
2- في المجرى السّياسي والزّمني ذاته، أسهمت القممُ العربيّة المتعاقبة منذ العام 2011م في تكريس الحكم الدّيكتاتوريّ في البحرين، وتقديم كلّ أشكال الدّعم والتّغطية لسياساتِ القتل والقمع والاستبداد التي اعتمدها الطاغية (حمد بن عيسى آل خليفة) في مواجهةِ الاحتجاجات الشّعبيّة التي شهدتها البلاد. في هذه المرحلة؛ قدّمَ الموقفُ الرّسميّ العربيّ نموذجًا ساطعًا على ارتهانِ الحكوماتِ للإرادة الأجنبيّة، وتناقضها التّام مع مصالح الشّعوب وتطلّعاتها في الحريّة والعدالة، وكانت ثورةُ البحرين، بحقّ، المعيار الأخلاقيّ الذي فضحَ هذا التّناقض والنّفاق العربيّ الرسّمي، كما أسهمَ صمودُ هذه الثّورة، جدّيًا، في تفكيكِ المشروع التّدميريّ الذي حاقَ بالمنطقة وشعوبها.
3- لم تُوقف القممُ العربيّة تجاهلها الكلّي لمطالب شعب البحرين التي أكّدتها ثورة 2011م ولا تزال، وعلى رأسها المطالبة بالحقّ السّياسيّ وكتابة دستور للبلاد وفق الإرادةِ الشّعبيّة الحرّة وتقرير المصير. لقد تسبّب هذا التّجاهل في إلحاق مظلوميّة مضاعفة بشعب البحرين وثورته، وكان يمكن تجنّب عدّادٍ كبير من الآلام والمعاناة التي حاقت بالبلاد والعباد لو امتلك قادةُ الدّول العربيّة الحكمة والشّجاعة، ولكن كان غالبيّة هؤلاء القادة رهائنَ لإملاءات شيوخ البترودولار، وكانوا شركاء في المشروع الأمريكيّ- الصّهيونيّ لنشر الإرهاب في المنطقة، وتأجيج الثّورات المضادّة والحروب الأهليّة. ولأنّ الكيانات العربيّة وقممها لا تزال تغضّ الطّرف عن مطالب شعب البحرين؛ فإنّ أيّ استدارة في السّياسات لدى هذه الحكومات لن تكون إعلانًا للتّوبة أو تحوّلًا نحو خيار الشّعوب، بل هي مجرّد مناورة مؤقتة تستدعي الحَذر وأخذ الحيطة، مع توسيع الجُهد المبذول لانتزاع الحقوق المشروعة.
4- لم تفلح القمّة الثانية والثلاثون في إقناع الشّعوب العربيّة بأنّ ثمّة آمالًا حقيقيّة على صعيد إشراك الشعوب في بناء أوطانها وصون سيادتها واستقلالها، فالبيانُ الختاميّ للقمّة أعاد تكرار الكليشيهات والمعايير المزدوجة، ومنها عبارة عدم التّدخُّل الخارجيّ في الشّؤون العربيّة الدّاخليّة، وهي عبارةٌ تتناقض مع سياساتِ الحكومات في مواجهة الحراكات الشعبيّة، وكان المثال الأبرز التدخّل العسكريّ السّعوديّ الخليجيّ (قوّات درع الجزيرة) في البحرين، وقمْع الحراكِ الشّعبي فيها عام 2011م. وعلى المنوال ذاته، تطرّق إعلان القمّة العربيّة إلى احترام قيم الآخرين وثقافاتهم، وهي دعاية مضلّلة يُراد منها التستّر على مشاريع حرب الوجود والهويّة التي تورّط بها الكيانُ الخليفيّ في البحرين، وبدعم سعوديّ، للنيل من ثقافة شعب البحرين وقيمه الأصيلة، بما في ذلك هدْم المساجد وتخريب المقامات والآثار الدّينيّة، وإصدار قوانين لطمْس الذّاكرة التّاريخيّة لهذه البلاد وتخريب تركيبتها السّكانيّة الطّبيعيّة.
في الختام، نؤكد أنّ من غير اللائق أن يستضيف نظام خائن للقضيّة الفلسطينيّة ومطبّعٌ مع الكيان الصهيونيّ القمّةَ العربيّة المقبلة (2024)، وندعو الأحرارَ في العالم العربيّ إلى التعبير عن موقفٍ مناهض لهذه الاستضافة، لأنّها تكرّسُ مشاريع التطبيع وتمنح الحكم الاستبداديّ الاستيطانيّ المتصهيْن في منطقة الخليج غطاء سياسيًّا، وهنا نحذّر في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير من مشاركة الصّهاينة العلنيّة أو غير العلنيّة في القمّةِ المقبلة بتواطؤ مع النظام الخليفيّ، ونشدّد على موقفنا الثّابت في الحقّ القانونيّ والشّرعيّ بمقاومةِ الوجود الصّهيونيّ في البحرين وفلسطين وبكلّ السّبل الممكنة.
المجلس السّياسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الإثنين 22 مايو/ أيار 2023م