صدر عن المجلس السياسيّ لائتلاف شباب ثورة 14 فبراير بيان بمناسبة انعقاد الاتحاد الدوليّ البرلمانيّ في العاصمة المنامة، هذا نصّه:
بسم الله الرحمن الرحيم
نعرب في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير عن أشدّ عباراتِ الاستهجان والاستنكار لانعقاد اجتماع الاتحاد البرلمانيّ الدوليّ في البحرين، ونرى أنّ الاستجابة لطلبِ النّظام الخليفيّ استضافةَ هذا الاجتماع في المنامة تُمثل موقفًا سلبيًا في العلاقات الدوليّة، والتي تهيمنُ على شطرٍ كبير منها المصالحُ الاستعماريّة التي تُمليها الحكوماتُ الاستكباريّة في العالم على حساب الحقوق وكرامة الشّعوب.
وندعو وفودَ البرلماناتِ الحقيقيّة التي اختارت الحضورَ والمشاركة في الاجتماع إلى رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني بشكل قاطع وجازم؛ إلى جانب رفع الصّوت عاليًا وواضحًا لكشْفِ حقيقةِ الحياةِ البرلمانيّةِ المفقودة في البحرين، وإعلان إدانتها لتمركز السّلطةِ المطلقة والفاسدة في يد العائلة الخليفيّة وأعوانها، وعدم وجود دستورٍ شرعيّ في البلاد، فضلًا عن الآثار الكارثيّة التي نجمت عن الدمارِ الواسع الذي ألحقه النّظامُ في الحياةِ الأهليّة عبر تسميمه الفضاءِ السّياسيّ والاجتماعيّ بسياساتٍ متتاليةٍ من الإكراهات والعسْكرةِ وعمليّات القمع الأمنيّ والسّياسيّ.
وفي هذا الإطار، نوجّه الرّسائل الآتية إلى إدارة الاتّحاد البرلمانيّ الدّولي والوفود البرلمانيّة المشاركة في اجتماع المنامة باستثناء وفد الكيان الصهيونيّ:
1- نذكّر المشاركين في هذا الاجتماع بالجهودِ التي بذلتها قوى المعارضة في البحرين لمواجهةِ الانتكاسات السّياسيّةِ والأمنيّة التي كرّسها النّظامُ بعد الانقلاب على دستور البلاد العقدي، وفرْضه دستور 2022 المنفرد، والذي توالت معه الخطواتُ لترسيخِ الحكم الاستبداديّ العائلي، لتأخذ منحى أكثر دمويّةً بعد انطلاقِ ثورة 14 فبراير 2011. وفي هذا الصّعيد أجرى الائتلافُ استفتاء شعبيًّا في نوفمبر 2014، بالتّزامنِ مع مقاطعةِ قوى المعارضة للانتخاباتِ البرلمانيّة في ذلك العام، وقد شهدت الوكالاتُ الدّوليّة والمراقبون المستقلّون على نزاهةِ هذا الاستفتاء الذي أدارته هيئةٌ وطنيّة مستقلّة، وشارك فيه أبناءُ الشّعب بكثافةٍ واسعةٍ ومن مختلفِ المناطق التي أقامت مراكزَ علنيّةً لاستقبال المواطنين، رغم عمليّاتِ الهجوم التي شنّتها قوّاتُ المرتزقة على مراكز الاستفتاء، حيث أكّد المشاركون – وبنسبةٍ ساحقة – حقّ الشّعبِ في تقريرِ مصيره، وفي تحديد شكل النّظام السّياسيّ الذي يريده. وقد ثبّت الائتلاف نتائجَ الاستفتاء عبر سلسلةٍ من المشاريع الدّستوريّة، ومن بينها مشروع العريضة الشّعبيّة في نوفمبر 2018 التي قدّمت إطارًا عمليًّا للاستفتاءِ الشّعبي بتأكيدها ضرورةِ انتخاب مجلسٍ تأسيسيّ لإعداد دستورٍ ديمقراطيّ للبلاد، وفي نوفمبر 2022 أعلن الائتلاف – بالتّعاون مع قوى سياسيّةٍ أخرى – وثيقة «الإعلان الدّستوريّ» الذي قدّم أفقًا إضافيًّا لخارطةِ الطّريق التي تحتاج إليها البحرين للعبور السّليمِ نحو حياةٍ دستوريّة حقيقيّةٍ والخروج من ويلات الاستبداد الخليفي وكوارثه على العبادِ والبلاد.
2- إنّ نتائجَ الاستفتاء الشّعبي (2014) والعريضة الشّعبيّة (2018)، وتوقيع الإعلان الدّستوري (2022)؛ هي وثائق سياسيّةٌ وشعبيّة دامغة على حقيقة ما يجري في البلاد، وهي حريٌّ بأن تكون نصْب أعين البرلماناتِ الشّرعيّةِ في دول العالم، وهنا يدعو الائتلافُ أعضاءَ هذه البرلمانات المشاركة إلى النّظر إلى هذه الوثائقِ بوصفها صوت الشّعب المغيَّب عنها، كما يشدّدُ على أنّ هذه الوثائق تجسّد جانبًا من إرادةٍ نضاليّةٍ لشعب البحرين، وتطلّعه المتواصل إلى نيْل حقّه الطّبيعي في دستورٍ عصريّ وعادلٍ.
3- نرى في الائتلاف أنّ الموافقة على استضافةِ النّظام لاجتماعات الاتّحاد البرلماني هي في الأصْلِ قرارٌ خاطئ وغير أخلاقيّ، وسوف يتّخذه النّظامُ ذريعةً لاستمرار انتهاكاته وقمْعه للحرّيات، وهو ما تُظهره حملةُ الاعتقالاتِ التي طالت الأهالي والنّاشطين، وإغلاقه الأبواب في وجه المنظّمات الدّوليّة المستقلّة، وترهيب النّاشطين والمعارضين لمنْعهم من كشْف التخلّفِ الدّستوريّ الذي يجثمُ على البلاد، وبيان خواءِ البرلمانِ وأضحكوته، والذي تديره السّلطةُ من ألفهِ إلى يائه، ولا يحظى نتيجة ذلك بأيّ تأييد شعبيّ، كما بيّنت ذلك المقاطعة الواسعة لانتخابات 2022. ولذلك، نحمّل إدارةَ الاتّحاد المسؤوليّة المباشرة عن تداعياتِ إمعان النّظام في ارتكابِ هذه الانتهاكات المتزامنة مع اجتماعاته، ونأملُ في الوقت نفسه من النّوابِ الحقيقيّين وأصحاب الضّمائر الحيّة المشاركين في المؤتمر – باستثناء الوفد الصهيونيّ – أنْ يجْهروا بكلمةِ الحقّ في وجهِ النّظام الخليفيّ الجائر، وأن ينْزَعوا الحجابَ الخادعَ الذي ينشره النّظامُ على اجتماعاتِ المؤتمر، للتغطيةِ على الواقع المتردّي في البلاد.
ختامًا، نؤكّد أنّ ثورة شعب البحرين مستمرّة ولن تتوقّف حتى ترسو سفينتها على برّ المطالبِ الشّعبيّة الكاملة ونيل حقّ تقرير المصير، وأنّ هذه المسيرةَ لن تُعْجِزها يومًا ألاعيبُ النّظام وأحابيلُه الماكرة كما لم يكسرْها إرهابُه وجرائمه المستمرّة على مدى العقودِ والسّنوات، ونشدّدُ على أنّ هذا النّضال الحضاريّ والحكيم يجسّدُ الخيارَ الواثقَ والثّابت لشعبِ البحرين – بكلّ فئاته ومكوّناته – في بناء دولةِ الحقّ والعدالة في البلاد.
المجلس السياسيّ لائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
السبت 11 مارس/ آذار 2023م