أطلقت قوى المعارضة الوطنيّة في البحرين «ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير وحركة أحرار البحرين الإسلاميّة وحركة الحريّات والدّيمقراطيّة (حقّ)» وثيقة «الإعلان الدستوري».
ويأتي إطلاق هذه الوثيقة السياسية بالتوازي مع مقاطعة الانتخابات الصورية في البحرين، وذلك بمؤتمر صحفي يوم الخميس 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 في العاصمة البريطانيّة لندن.
وقال الأمين العام لحركة أحرار البحرين الإسلاميّة «الدكتور سعيد الشهابي» في كلمته إنّ شعب البحرين يريد أن يكون منسجمًا مع نفسه ووطنه، وأن يحدد صلاحيات الحاكم والمحكوم بالتوافق بين الطرفين المتنازعين، مؤكّدًا أنّ كتابة الدستور لا يمكن أن تتحقق من طرف واحد، وإلا يكون ذلك إملاء واستعبادًا فما أراده الشعب من نضاله الطويل هو أن تعترف به العائلة الحاكمة كما اعترف بها في دستور 73.
ولفت الشهابي إلى أنّ آية الله الشيخ عيسى قاسم شدّد على ضرورة كتابة دستور للبلاد وهو أحد العناصر التي أسهمت في كتابة أول دستور لها، وتشكلت منه انتخابات حرّة لأوّل مجلس وطني منتخب في 1973، ولكنّ بعدها بعامين أدركت المعارضة والشعب أنّ هذه العصابة الحاكمة لا يمكن الوثوق بها، حيث حلّت البرلمان، وعلقت العمل بدستور 73، ومنذ ذلك الوقت دخلت البحرين في الحقبة السوداء.
وأضاف أنّه في انتفاضة الكرامة عام 1994 كان المطلب الأوّل هو إعادة العمل بالدستور، واستمرّت الانتفاضة إلى 2000 حيث جاء الحاكم الحالي واعدًا بتحقيق مطالب الناس، ولكن فوجئ الشعب في عام 2002 بدستور جديد مفروض عليهم، ما دفعه إلى رفضه منذ أوّل يوم إذ كان عبارة عن وثيقة استسلام مفروضة من الحاكم المستبد، وعلى مدى 20 سنة والبحرين تعيش أزمة دستوريّة ووطنيّة بسبب تصرف هذا الحاكم الأرعن، وفق تعبيره.
وأوضح الدكتور الشهابي أنّه بعد تفكير جدّي بين قوى المعارضة ارتأت أن تضع هذه الوثيقة اليوم، وهي لبنة أولى لوضع دستور جديد، يكون فيه تعاقد وتوافق، وأن يقرر الشعب الحقوق والواجبات لتنظيم العلاقة بين الأطراف، مضيفًا «من وثيقة الإعلان الدستوري أردنا تأكيد الحاجة إلى كتابة دستور جديد للبلاد، بعد طغيان الحاكم واستبداده المطلق. وقد لا ينصّ الدستور الجديد على حقّ العائلة الحاكمة في الحكم بعد تكرار فشلها ونكثها للوعود».
وألقى مدير المكتب السياسي لائتلاف 14 فبراير في بيروت الدكتور إبراهيم العرادي كلمته التي شدّد فيها على أنّ مؤتمر «الإعلان الدستوري» تأكيد من قوى الصّف الوطنيّ على الاستمرار الصّادق في تحمّل مسؤوليّة الإبقاء على جذوة الحراك المعارض السّياسي والدستوري، والارتقاء به جنبًا إلى جنب الحراك الشعبي في البحرين، وهو خطوة مهمّة على هذا الصّعيد الوطني والنضالي فهو يجمع القوى والشّخصيات والفعاليّات على قاعدة الاتّفاق والتوافق على خطّة إنقاذ وطنيّة شاملة، يكون أساسُها العمل المشترك على صياغة دستور جديد للبلاد وفق الشريعة الإسلامية.
وأكّد أنّ المعارضة ستبذل كلّ الجهد لتحويل المشروع الدستوري إلى نقطة ارتكاز في مسار العمل المعارض تأسيسًا على الحقّ السياسي الكامل والحلّ السياسي الشامل، واستنادًا إلى ما تضمنته وثيقة «الإعلان الدّستوري» من بنود عامّة تحظى بقبول شعبي واسع، مردفًا «لن نكون جزءًا من أيّ تطبيع مع الكيان الغاصب، ولا جزءًا من نظام الظّلمِ».
وقال العرادي إنّ قوى المعارضة ستنظر إلى البنود الواردة في وثيقة «الإعلان الدستوري» على أنّها ميثاق وطن للوصول إلى حقّ الشعب في وضْع دستور جديد عادل يكون للإسلام الحاكمية فيه، ويكون الشعب مصدرًا لتشكيل السلطات.
وكان لممثل حركة الحريّات والدّيمقراطيّة (حقّ) «الأستاذ عبد الغني الخنجر» كلمة وجّه من خلالها التحية للشعب وخاصة الرموز والعلماء خلف القضبان، والشباب في سجون الجور الخليفية.
وأكّد أنّ حركة حقّ مع هذا المؤتمر الذي تحدد فيه المعارضة موقفها من الانتخابات ومسألة الدستور فما تُسمى بالانتخابات البرلمانية في البحرين هي انتخابات شكلية، ولن تفرز سوى برلمان شكلي، تريد منه السلطة أن تمرر قوانين تتعارض مع قناعات الشعب، ولذلك كان قرار المقاطعة.
وشدّد خنجر على أنّ البعد الدستوري هو الموضوع المهم في البحرين والمطروح في هذا المؤتمر هو أن يكتب أبناء الشعب دستورهم بأيديهم، وأن يكون دستورًا شعبيًّا عصريًّا، ويعبّر عن طموحات الشعب ونضالاته، داعيًا إلى عدم اليأس والتخاذل أو التراجع حتى تحقيق أهداف الشعب، وأن يكون أبناء الشعب هم أصحاب السلطة والإرادة ويصنعون مستقبلهم بأنفسهم.
وقال رئيس لجنة مناهضة التعذيب في البحرين الباحث البريطاني «رودي شكسبير» في كلمته أنّ النظام الحاكم في البحرين نظام استبدادي قمعي شبيه بأنظمة القرون الوسطى ويقمع كلّ الحركات الديمقراطية وكلّ الأشخاص الديمقراطيين، مستنكرًا دعم أمريكا وبريطانيا له وخاصّة الاستخباراتيّ.
ورأى أنّ 90% من الشعب سيقاطع انتخابات هذا النظام الذي لا يملك أيّ شرعيّة سياسيّة أو قانونيّة أو ثقافيّة.
وكان للكاتب والباحث «الأستاذ عباس المرشد» الذي قدّم المؤتمر مداخلة قال فيها إنّ البحرين تعيش أزمة خانقة منذ عقود، وفي العقد الأخير تحولت إلى سجن يضيق بمواطنيه في ظل القمع والاضطهاد السياسي والطائفي، والمثير للقلق هو أنّ الاضطهاد السياسي وصناعة الفقر وتخريب الهوية وقتل الروح الطيبة في البحرين يحدث باسم الديمقراطية وتنفيذ القانون.
ورأى المرشد أنّ هذا المؤتمر هو لبنة إضافية في جدار الصمود، وينعقد من أجل تثبيت الشعب في الداخل والانحناء أمام تضحياتهم، وهو مؤتمر تثمن المعارضة فيه نضال الشعب وتكون صوته في المطالبة بدستور للبلاد.
وأكّد أنّ هذا المؤتمر الذي يتخذ عنوان «الإعلان الدستوري» ينسجم مع دعوة آية الله قاسم في أن يكون الموضوع الدستوري عنوانًا للحراك المعارض، والإعلان عن المطالبة الوطنية بدستور بديل عن الدستور المزيّف في البحرين.
وختم المؤتمر بإلقاء الدكتور العرادي نصّ وثيقة «الإعلان الدستوري».