تعكس كلمات سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم حول انتخابات النظام وضوح رؤيته وموقفه الثابت والصارم حول الأهميّة البالغة لمقاطعتها، وهو موقف تتبنّاه قوى المعارضة في البحرين وأغلبيّة الشعب.
ليس جديدًا على النظام أن يعتمد ازدواجيّة المعايير في الانتخابات، فالصورة التي ينقلها إلى الخارج للتأثير في الرأي العام هي على النقيض تمامًا مما يجري على أرض الواقع، فأن يعمد نظام حاكم إلى إجراء «انتخابات» لهو خطوة يراها المجتمع الدولي تعكس ديمقراطيّة وحريّة، فكيف إذا ما تلوّنت دعايتها بكلّ بهرجة إعلاميّة ممكنة وعلاقات عامّة واسعة كنيّته استضافة «ملتقى حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني» على مدار يومين في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، بمشاركة رئيس مجلس حكماء المسلمين «شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب»، وبابا الفاتيكان «البابا فرنسيس»، وعدد من الشخصيّات الفكريّة وممثّلي الأديان من مختلف دول العالم.
واقعًا الوضع مختلف، فهذه الانتخابات التي من المفترض أن تكون مساحة واسعة لحريّة الرأي للمواطنين، إذ هم بالخيار بين المشاركة فيها أو مقاطعتها، حالهم حال مواطني البلدان التي تقام فيها الانتخابات، ليست إلا وجهًا آخر لديكتاتوريّة النظام الذي أقدم بداية على شطب أكثر من 94 ألف مواطن بعد تطبيق قانون العزل السياسيّ، ليحرمهم من حقّ الانتخاب والترشّح، ثم ليصرّح لاحقًا بأنّ التحريض على مقاطعة انتخاباته يُعدّ من الجرائم التي تستوجب العقوبة بالحبس والغرامة.
لن يسمح النظام للإعلام الحرّ بتغطية هذه الانتخابات التي ستجري في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وهو ما أكّدته رابطة الصّحافة البحرينيّة بتقرير لها حيث قالت إنّ الوضع البائس للصّحافة المحليّة يكشف طبيعة الحريات الصحافيّة المخنوقة ومستواها في البلاد، بما ينبّئ بطبيعة تناول الملفات السياسيّة في الانتخابات التي ستشهد مقاطعة شريحة واسعة من البحرينيين إمّا منعًا من خلال قانون العزل السياسيّ الذي يكرّس التمييز الطائفيّ في البحرين، أو كنتيجةٍ طبيعيّة لحالة فقدان الثقة بمجمل العمليّة السياسيّة ومخرجاتها، بعد تمرير من تدعى «المنظومة التشريعيّة» قوانين أثارت فيها سخط الشارع مثل قانون التقاعد، وقانون رفع ضريبة القيمة المضافة، وتوقيع اتفاقيّة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ من دون أن يكون لها رأي أو موقف يمثّل الصّوت الرافض للاتفاقيّة وخيار التّطبيع.
اليوم تقف البحرين عند مفترق طرق بين محاولات النظام البائسة في ترويج انتخاباته وسعيه إلى تحقيق ما يرجوه منها من مكاسب، وموقف سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم ومن خلفه قوى المعارضة، والشعب المستمرّ في ثورته منذ أكثر من 11 عامًا.
فالشيخ قاسم يرى أنّ النظام يرنو من هذه الانتخابات إلى إحكام طوق العبوديّة على رقبة الشعب، مستنكرًا تحويلها إلى فرصةِ استغفالٍ من الحكومات للشعوب، وتكريس للديكتاتوريّة باسم الديموقراطيّة، فهو يرى أنّ الرّأي الصحيح الذي لا ينبغي المراء فيه هو إمّا انتخاباتٌ فيها حلٌ لمشكلات الشَّعب، وإمّا لا مشاركة شعبيَّة تزيد من طغيان الحكم واستبداده.
وقد تحدّى سماحته النظام الخليفيّ مرّتين بإعطاء ترخيص لمسيرة حرّةٍ شعبيّة سلميّة واحدة بشأن الانتخابات، ليرى بأمّ عينه رفض الشعب لها الذي لا يقيم لها أيّ وزن.
قوى المعارضة في البحرين، من جهتها، أعلنت مقاطعتها الشاملة للانتخابات النيابيّة والبلديّة التي سيجريها النظام في البحرين، واصفة إيّاها بأنّها «عمليّة صوريّة فاقدة للمشروعيّة والتمثيل الشعبي»، يستثمرها النظام لمزيد من الاستبداد والتسلّط ومصادرة الإرادة الشعبيّة، والاستحواذ على الثروة، ونهب خيرات البلد ومقدراته، وزيادة الضرائب على الناس، ولمزيد من التطبيع مع الصهاينة والجرائم الماسة بحقوق الإنسان وتغوّل الفساد، بحسب بيان مشترك صدر عنها يوم الخميس 22 سبتمبر/ أيلول 2022، ليترافق ذلك بحراك شعبي مستمرّ وتأكيدات جماعيّة من مختلف أطياف الشعب، حتى المعتقلين السياسيّين، لوجوب مقاطعة انتخابات النظام الخليفيّ.