تجسيدًا للدور المنوط بها، ألا وهو تبييض انتهاكات النظام الخليفيّ وسجلّه الحقوقيّ، لا تترك مؤسساته «الحقوقيّة» فرصة لذلك إلا واغتنمتها، إذ عند أي فضيحة حقوقيّة تسارع إلى تفنيد الواقعة وتكذيبها لصالحه.
وفي هذا السياق «زعمت» ما تسمّى «الأمانة العامة للتظلّمات» أنّ ما أثير حول إخفاء 14 معتقلًا سياسيًّا في سجون جوّ لأكثر من 25 يومًا، وعدم تواصلهم مع عوائلهم، هو محض ادّعاءات ولا صحّة له.
و«زعمت» أيضًا زيارة فريق من محقّقيها لسجن جوّ يوم الثلاثاء 6 سبتمبر/ أيلول 2022، حيث استمع إلى إفادة إدارته بشأن تلك «الادّعاءات» التي أفادت- أي إدارة سجن جوّ- بأنّ «هؤلاء النزلاء كانوا قد ارتكبوا مخالفات قانونيّة بتاريخ 10 أغسطس 2022م، وأنّها قامت باتخاذ الإجراءات الإداريّة الضروريّة في حينه، وتمّ إبلاغ النيابة العامة بتلك الواقعة لاتخاذ إجراءاتها، وأضافت إدارة المركز أنّها قامت بتوقيع الجزاءات التأديبيّة بحسب نصّ المادتين (53) و(56) من قانون مؤسّسة الإصلاح والتأهيل رقم (18) لسنة 2014م، وعقب انتهاء مدة الجزاء التأديبي تمّ السماح للنزلاء بالتواصل هاتفيًّا مع ذويهم إلّا أنّ عددًا منهم رفض التواصل»، وفق إفادة إدارة سجن جوّ.
وتابعت «أمانة التظلّمات» زعمها قيام فريقها بمقابلة كافة المعتقلين للتحقق من السماح لهم بالتواصل الهاتفي مع ذويهم، حيث أفاد عدد منهم بالفعل بإجراء اتصالات هاتفيّة مع ذويهم في الفترة الأخيرة، فيما أفاد الباقي بامتناعهم بإرادتهم عن إجراء الاتصال الذي أتاحته لهم إدارة المركز، وأنّهم موجودون حاليًّا بالعنابر المخصّصة لكلّ منهم.
وخلصت «تحقيقات» الأمانة العامة للتظلمات بشأن ما أسمته «ادعاءات (الاختفاء القسري) و(الحرمان من الاتصال) بحقّ بعض النزلاء في مركز جوّ»، أنه لا يوجد اختفاء قسريّ، وأنّ هؤلاء المعتقلين موجودون في السجن، وتمّت مقابلتهم.
هذه الزيارة «المزعومة» والبيان الرنّان جاءا بعدما أصرّ أهالي المعتقلين المخفيّين قسرًا على مواصلة حراكهم من أجل كشف مصيرهم بعد نقلهم إلى مركز التحقيقات سيّئ الصيت، وورود اتصالات من بعضهم لدقائق تؤكّد نقلهم إلى هناك، كما منع أهالي 9 معتقلين من زيارتهم بحجج واهية بعدما كانت إدارة السجن قد سمحت لهم بذلك.
إلى هذا دعا المركز الدوليّ لدعم الحقوق والحريات- عضو تحالف المحكمة الجنائيّة الدوليّة- أهالي الأسرى الـ14 المخفيّين منذ يوم 10 أغسطس/ آب 2022، إلى مقاضاة الديكتاتور حمد بن عيسى وابنه سلمان ووزير داخليّة نظامه.
وقال المركز في بيانٍ له عبر موقعه الإلكترونيّ، إنّ «المثير للخيبة والاستياء أنّ أهالي السّجناء تواصلوا مع الجهات التي أنشأتها البحرين، مثل المؤسّسة الوطنيّة لحقوق الإنسان ولجنة التظلّمات وغيرها، وطالبوا بتحديد موعد لزيارة أبنائهم، لكن بدون جدوى»، مؤكّدًا أنّ النظام لا يحترم حقوق السّجناء، كما هو واضح وعلنيّ من ارتكاب جرائم التّعذيب على نطاقٍ واسعٍ في السّجون، والتي تقود الضحيّة إلى اعترافات تقوده للإعدام أو السّجن لمددٍ طويلة، كما أنّ أغلب المحكوم عليهم بالسّجن يعانون الإهمال الطبيّ المتعمّد والحرمان من الزّيارة والحقّ في التواصل مع العالم الخارجيّ- بحسب البيان.
وطالب النظام الخليفيّ باتخاذ قرارات حاسمة نحو السّماح للسّجناء السّياسيين سالفي الذّكر بالزّيارة والحقّ في التواصل مع العالم الخارجيّ، وكفالة حقّ جميع السّجناء في معاملةٍ إنسانيّة، وتفعيل القواعد النموذجيّة الدنيا لمعاملة السّجناء، والالتزام بنصوص العهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة.
يذكر أنّ إدارة سجن جوّ أقدمت على نقل عدد من المعتقلين السياسيّين إلى مبنى التحقيقات ضمن سياسة التضييق والإرهاب الممنهج، حيث أشرف على عمليّة الاختطاف أشخاص مدنيّون، وذلك منذ نحو 20 يومًا، بدءًا من 9 أغسطس، وكان على شكل دفعات، حيث اقتحموا مبنى 5 وكلّ مرّة نقلوا مجموعة من السجناء، وكانت المجموعة الأولى مكوّنة من 7 سجناء، ثمّ في 10 أغسطس نقل 3، وفي مساء اليوم نفسه نقل اثنان، ولاحقًا نقل 3 سجناء، وانقطعت أخبارهم.
والمعتقلون هم: «حسين عياد، حسين فاضل، محمد عبد النبي الخور، محمد عبد الجليل، سيد محمد التوبلاني، سلمان إسماعيل، حسن أحمد وحيد، حسين المؤمن، ياسر المؤمن، حسين الشيخ، حسين مهنا، عقيل عبد الرسول، أحمد جاسم القبيطي، عمار عبد الغني».