قال سماحة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله إنّ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أراده الأمريكان في الـ2006 كان يراد منه أن يكون الكيان الصهيونيّ المؤقت الغاصب هو المحور الأساسيّ في السياسة والأمن والاقتصاد والعلاقات، ويُصبح وجودًا طبيعيًّا.
وأوضح في كلمته بمناسبة عمليّة «الوعد الصادق» التي نفذت في 12 يوليو/ تموز 2006 عبر عمليّة الأسر، وبدأت بعدها الحرب العدوانيّة على لبنان، أن صمود محور المقاومة أفشل هذا المشروع، لتأتي الإدارات الأمريكيّة المتعاقبة بنسخ منه، آخرها زيارة الرئيس الأمريكي «جو بايدن» للمنطقة.
ورأى سماحته أنّ هذه الزيارة كثرت حولها خلال الأسابيع الماضية التحليلات والتوقعات، وتحدّث بعضهم عن تشكيل ناتو عربيّ، أو ناتو شرق أوسطي يضمّ دولًا عربيّة وخليجيّة مع كيان العدو، وبعضهم تحدّث عن مشروع دفاع جويّ واحد عربيّ إسرائيليّ، وبعضهم تحدّث عن تأسيس حلف جديد تحت أيّ عنوان من العناوين، وهدفه الوقوف في وجه إيران، مؤكّدًا أنّ الأيّام القادمة ستبيّن كلّ هذا.
وقال إنّ أمريكا اليوم غير أمريكا في الـ2003 والـ2006، فالرئيس الأمريكي العجوز صورة عن أمريكا التي بدأت تدخل مرحلة الشيخوخة أو دخلتها بالفعل، واليوم موقع أمريكا في العالم مختلف، فالخروج على إرادتها في العالم أصبح أمرًا مألوفًا وطبيعيًا في الكثير من مواقع العالم، وفي وضعها الاقتصاديّ أعلى نسبة تضخم منذ أكثر من أربعين عامًا، والفقر والتشرّد ينتشران في مدنها إضافة إلى الوضع الاجتماعي الداخلي، والثقافة العنصريّة وروح العنصريّة والتشققات الداخلية والوضع الأمنيّ الداخلي.
ولفت سماحة السيّد نصر الله إلى أنّ زيارة بايدن للمنطقة هي من أجل أمرين، الأوّل إقناع دول الخليج بإنتاج المزيد من النفط والغاز وتصدرهما، والثاني «إسرائيل»؛ فالأوّل مردّه إلى أنّ أمريكا اليوم تخوض حربًا كبرى في مواجهة روسيا، وطبعًا عندها لاحقًا مشكلة الصين، هي دخلت الحرب لكنّها لا تجرؤ على أن تواجه مباشرة لأنّها بالنهاية دول نوويّة يمكن أن يؤدي ذلك إلى حرب عالمية ونووية، فهي تقاتل بالأوكرانيين حكومة وشعبًا وجيشًا، وجرت معها كلّ الدول الأوروبيّة التي بدأت تعاني بشدّة على المستوى الاقتصاديّ، على مستوى اليورو، على مستوى الشتاء القادم، مشيرًا إلى أنّ أمريكا جاءت بالدول الأوروبيّة وجاءت بحلف الناتو وتخوض معركة حقيقيّة في أوكرانيا، ولا تستطيع أن تسمح لروسيا أن تنتصر في هذه الحرب، وأهمّ عناصر هذه المعركة بشدّة هو ما يرتبط بالنفط والغاز الروسي لأنّه إذا قبلوا باستمرار النفط والغاز الروسي بالوصول إلى أوروبا معناها كلّ العقوبات التي فرضت لن تنجح، والعملة الروسيّة تبقى قوية، والواردات المالية للخزينة الروسيّة عالية جدًا، لهذا جاء بايدن ليكتشف كم يمكن لدول الخليج أن تزيد إنتاج النفط والغاز وإيصالهما إلى أوروبا.
وقال سماحته إنّ الأمر الثاني هو «إسرائيل»، فهذه الزيارة هي لتأكيد التزام أمريكا بأمنها وأمن كيانها والدفاع عنه، وتأكيد مشروع التطبيع مع بعض الدول العربيّة إذا أمكن توسعة دائرة التطبيع، وبطبيعة الحال إيران ستكون حاضرة، محور المقاومة سيكون حاضرًا، لكن هذا هو الموضوع الأساسي الآن بالنسبة إلى بايدن، أمّا فيما يتعلّق بفلسطين فليس لبايدن أي شيء يقوله أو يقدّمه على الإطلاق للشعب الفلسطيني، وهو على كلّ حال من الساعة الأولى أعطى علمًا لكلّ شعوب المنطقة أنّه صهيوني، وقال ليس بالضرورة أن تكون يهوديًا لتكون صهيونيًا.