يصرّ النظام الخليفيّ على تجاهل ما آلت إليه الأوضاع الاقتصاديّة في البحرين من تدهور نتيجة فساد مؤسّساته ومديريها من أبناء آل خليفة، أضف إليها تداعيات الأزمة العالميّة.
هذا ويحاول النظام تجميل الواقع المرّ الذي بات يحلّ ثقيلًا على البحرانيّين نتيجة ازدياد الضرائب وغلاء المعيشة، عبر عدم الاعتراف بفساده أوّلًا، ووضع وزر هذا الواقع على ارتفاع الأسعار العالميّة ثانيًا، حيث صدر عن «حمد بن عيسى» توجيه بصرف مبلغ شهر إضافيّ من الدعم الماليّ للأسر محدودة الدخل (علاوة غلاء)، وذلك لمواجهة آثار ارتفاع الأسعار العالميّة، وفق ما نشرته وكالة بنّا.
هذا القرار يأتي في وقت تؤكّد فيه التقارير أنّ ارتفاع الديون الداخليّة والخارجيّة في البحرين مستمرّ، وتداعياته السلبيّة، من بينها هبوط تصنيفها الائتمانيّ، تزداد بما يشي أنّ المديونيّة أصبحت أزمة مستعصية على برنامج التوازن المالي، حيث انتقل حجم الديون الحكوميّة من 3,169 مليون دينار في نهاية العام 2011 إلى 14,461 مليون دينار في نهاية العام 2021، وخلال هذه المدّة ارتفع الحجم بنسبة عالية معدّلها السنوي 35%، واستمرّ الارتفاع في الربع الأوّل من العام الجاري 2022 فبلغ 14,566 مليون دينار.
وفي تقرير للباحث الاقتصاديّ صباح نعوش، نشره موقع بيت الخليج، كشف أنّ نسبة الديون في البحرين ترتفع بمعدّل أعلى من نموّ الناتج المحلي الإجماليّ، كما ارتفعت فوائد الديون ارتفاعًا هائلًا خلال السنوات العشر الماضية، فقد انتقلت من 115 مليون دينار في 2011 إلى 708 مليون دينار في 2021، أي بمعدل سنوي قدره 51.5%، موضحًا أنّ فوائد الديون صورة من صور الإنفاق العام، فكلّما ارتفعت الفوائد زادت النفقات العامة وارتفع العجز المالي.
أمّا عن علاقة فوائد الديون بالصادرات فقد قال نعوش إنّها ارتفعت بصورة كبيرة خلال المدّة المذكورة حتى وصلت الفوائد إلى 10.1% من مجموع الصادرات النفطيّة وغير النفطيّة، ومن المتوقّع أن ترتفع في السنة الجارية 2022 إلى 10.7% رغم تحسن الصادرات النفطيّة، وفق قوله.
كما لفت إلى أنّ حجم الديون الخارجيّة يعادل تقريبًا حجم الديون الداخليّة، لكن الفوائد على الديون الخارجيّة أعلى بكثير من الفوائد على الديون المحليّة؛ الأمر الذي يشير إلى ارتفاع أسعار القروض الخارجية بسبب تدهور الوضع المالي للبلاد.
وخلص الباحث الاقتصاديّ إلى أنّ المديونيّة أزمة خطرة في البحرين أدّت إلى تدهور الحالة الاقتصاديّة، وبسبب ضعف المقدرة المالية تضطر المنامة إلى الاعتماد على المساعدات الخليجيّة الممنوحة من قبل السعودية والإمارات والكويت، مؤكّدًا أنّ هذه المساعدات ضروريّة ليس فقط للقيام بالإصلاح الاقتصاديّ بل كذلك لأسباب تتعلّق بالوضع السياسيّ للبلاد، ولكن أهميّة هذه المساعدات لا تلغي تردي الوضع المالي الذي أدى إلى تراجع التصنيف الائتمانيّ، الذي انتقل من درجات مرموقة إلى أخرى متدنية.
ورأى أنّ «برنامج التوازن المالي» الذي وضعه النظام في العام 2018 لا يعالج أزمة المديونيّة، بل عمل على الحدّ من تفاقمها فقط، وذلك لأنّ تصاعد المديونيّة خاصة سببها ارتفاع الإنفاق العسكريّ، مشدّدًا على أنّ معالجة المديونيّة تستلزم إصدار برنامج يتناول الضغط الشديد على النفقات غير الإنتاجية وفي مقدمتها المصروفات العسكرية التي تسهم إسهامًا فاعلًا في العجز المالي وبالتالي في تراكم الديون.