بسم الله الرحمن الرحيم
من النّاس من يعرفون قيمة العمر في هذه الحياة بما له من هدفٍ عظيم وما كان من أجله من إعمار الدّنيا الإعمارَ الذي يمثّل دوراً خلافيّاً عن الله عزَّ وجل تسعد به الإنسانية هنا، وتتحقّق لها الغاية الكبرى من سعادة الأبد من بعد الرحيل.
نعم يعرفون قيمة العمر، ويحرصون كلّ الحرص ألاّ يذهب منه يوم ولا ساعة ولا أقلّ من غير توظيف صحيح له في مرضاة الله وإثراء النفس والرقيّ بها وبالآخرين على طريق الحقّ في مسارٍ كريمٍ إلى الكمال.
أولئك لا يفوّتون لحظة، ولا يصرفهم صارف من سعةٍ أو ضيق، ولا محنةِ سجن، وظروفٍ صعبة عن مَهمَّة العمل على إنمائهم، وإنماء الآخرين الإنماء الصالح الزّكي الذي يدفع بحياة الذات والمجتمع في الاتجاه الصحيح، ويعالج انحراف الأوضاع، ويُثبّت الصحيح، وينفي الخطأ.
وإنَّ لنا لرجالاً صالحين واعين مخلصين جادّين كلّ الجدّ في العمل الصالح في داخل السجون للشعب عليه أن يفتخر بجدّهم واجتهادهم ودورهم، ويتخذ منهم قدوة في استثمار الوقت الاستثمار الذي يلتقي مع دور الاصلاح والبناء المجيد لإنسان الخير والرقيّ والهداية والإعمار الكريم، السالك لطريق الكمال.
دخلوا السجون لا لتموت هممهم، ولا لأنْ ييأسوا ، ولا ليصابوا بالخمول. دخلوها ليحيَوا ويُربّوا ويبعثوا عزائم الخير، دخلوها لينتجوا الانتاج الفكري والروحي المنقذ، ويدرّسوا ويخرّجوا الرجال الصالحين.
في السجن وخارجه رجالٌ رساليّون أوفياء للإسلام، عارفون بعظمته، يحرسونه ويُفدّونه بأنفسهم، ولا يجدون لحياتهم ولا لأنفسهم ولا لأحدٍ من الناس قيمة حقيقيّة خالدة إلا به.
هؤلاء لا يعدل بهم شيء، لا من ترهيبٍ ولا ترغيب ولا تضليل ولا إغفال ولا محاولات مدروسة للتحطيم النفسي، لأنّهم كلّهم على يقين بصدق الإسلام وعظمته، وكلّهم ثقة تامّة واطمئنان كامل بأنّهم لا شيء بلا الإسلام، وأنّهم العظماء الكرام الأمجاد المفلحون به، وبالتضحية في سبيله.
وهؤلاء كلّهم لن يغيب لهم صوت، ولن تختفي كلمتهم، ولن ينطفئ لهم نور، وسيبقون يمدّون غيرهم بأنفع العطاء، وأعظم الهداية، وبما ينقذ من الغرق والهلاك، والنهاية المخزية.
هؤلاء هم المشاعل التي لا تستغني عنها الحياة، ولا تضلُّ ما استمرّوا يضيئون الطريق.
والسلام على المؤمنين العاملين في كلّ مكانٍ وزمانٍ ورحمة الله وبركاته.
عيسى أحمد قاسم
مارس ٢٠٢٢