طرح عضو الهيئة المركزيّة في المجلس الإسلاميّ العلمائيّ «سماحة الشيخ محمد المنسي» في كلمته المصوّرة في ندوة «الحقّ السياسيّ في ثورة البحرين على ضوء خطابات آية الله قاسم» التي أقامها ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير يوم الثلاثاء 15 فبراير/ شباط 2022 في قاعة رسالات في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، 5 محاور من مجمل البيانات والخطابات والتصريحات الصادرة عن آية الله قاسم والتي تناولت الإصلاح السياسيّ.
المحور الأوّل: ما هو الإصلاح المطلوب وغاياته؟
الإصلاح المطلوب في نظر الشيخ القائد هو ما يحقّق العزّة والكرامة لهذا الشعب المظلوم، وأن يكون هذا الإصلاح لكلّ اعوجاج وفساد، ولرفع كلّ ظلم، وللحفاظ على الهويّة الدينيّة والتاريخيّة لهذا الشعب المؤمن في البحرين.
وهذا الإصلاح ليس للدنيا فقط، وإنّما هو لحفظ المصالح الدينيّة والدنيويّة والأخرويّة، فهو إصلاح يطالب بإصلاح الجانب المعيشي الحياتيّ للشعب، وكلّ الجنبات التي تحقّق العيش الكريم بعزّة لشعب في وطنه وفق مقدّراته وخيراته.
ولفت سماحته إلى ضرورة أن تكون هذه الإصلاحات للأمور المعيشيّة ولكن بما تتلاءم مع الجانب الدينيّ وبما هي بنظر أخرويّ، بمعنى أنّ الإصلاح يحقّق العزّة والكرامة ويحفظ الهويّة الدينيّة لهذا الشعب ويحقّق رغد العيش ومقتضياته بما لا يتعارض مع دينه ومبدئه ونهجه.
المحور الثاني: ما هي صفات هذا الإصلاح الذي يشدّد عليه الشيخ قاسم؟
الصفة الأولى: أن يكون إصلاحًا جديًّا، لأنّ حقبات من الزمن ومحطات مرّ بها هذا الشعب في تاريخه مع خصوص هذا النظام الحاكم الظالم، وهو أنّه يأتي بمشاريع تلميعيّة أو ترقيعيّة أو التفافيّة أو تمييعيّة أو ما شابه ذلك، فالإصلاح المطلوب أن يكون إصلاحًا جديًّا يعترف بشعب له حقوقه في وطنه وله حقّه في تقرير مصيره وكتابة دستوره وانتخاب حكمه بما يحقّق له سعادة الدارين.
الصفة الثانية: أن يكون هذا الإصلاح جذريًّا؛ بمعنى ألّا يذهب إلى الشكليّات والأمور البسيطة أو الظاهريّة، وإنّما يكون من الأصل، من إصلاح الوضع بين الحاكم والمحكوم؛ من دستور تعاقديّ تكون فيه للشعب كلمته، وأن يكتب بنفسه هذا الدستور الذي يحكمه مع هذا النظام وحكومته، وأن يكون لهذا الشعب كلمته في من يمثّله، ويضمن له حقوقه كاملة.
الصفة الثالثة: أن يكون هذا الإصلاح شاملًا لا مجتزئًا يتناول ملفًّا دون ملفّ، بل يتناول كلّ الملفّات التي تؤرّق الشعب، فلا يتناول مثلًا قضيّة المعتقلين منفردة، فهي ليست الملفّ الوحيد، ولا أن يكون الكلام عن الإسكان والوظائف أو المعيشة دون غيرها، فليس المراد فقط المصالح الدنيويّة، وإنّما يجب حفظ تاريخ هذا الشعب وهويّته، فلا يلتفّ عليه بمشاريع ويستمرّ بتنفيذ مشاريع كتقرير البندر ومشروع التجنيس السياسيّ وتغيير الديموغرافيا في البلاد، وتمرّر مشاريع بيع هذا الوطن وقراره وخيراته ومستقبله للصهاينة.
الصفة الرابعة: أن يكون هذا الإصلاح شعبيًّا، أي أن ينطلق من الشعب الذي وفق كلّ الدساتير الدوليّة هو مصدر السلطات، وليس أن ينطلق بمكرمات يتكرّم بها النظام ومن معه.
الصفة الخامسة: أن يكون هذا الإصلاح تعاقديًّا، ففي كلّ مرّة ثمّة نكبة ونكث للعهود؛ لذا لا بدّ من أن يكون هذا الإصلاح تعاقديًّا بدستور واضح صريح يكتبه الشعب عبر ممثّليه، ويوافق عليه ويوقّع عليه ويكون تعاقديًّا بينه وبين أيّ نظام سيحكمه.
المحور الثالث: أساليب هذا الإصلاح ووسائل تحقيقه، وهي:
أوّلًا: الانضباط الشرعيّ، لأنّ هذا الشعب مؤمن وملتزم بدينه وإسلامه، فكثيرًا ما يؤكّد سماحة الشيخ عيسى قاسم أنّ الغاية لا تبرّر الوسيلة، وأنّ هذا الإصلاح لا بدّ من أن يكون وفق وسائل منضبطة شرعًا، فلا تتخلّف في أيّ مورد من الموارد عن أيّ حكم من الأحكام الشرعيّة، فبالانضباط الشرعيّ يُضمن النصر من الله «عزّ وجلّ».
ثانيًا: أن تكون هذه الأساليب والوسائل سلميّة حضاريّة، وكثيرًا ما شدّد عليها سماحته، بأنّ هذا الشعب مستمرّ بمطالبته بالطرق السلميّة، وأنّه لا يحيد عنها وإن استُغفل وإن حاول النظام أن يجرّه مرارًا إلى مربّعات المواجهة وإلى خطوط يخرج بها عن هذا المبدأ.
ثالثًا: الصبر والاستمرار، أي أن يبقى هذا الشعب على صبره وصموده واستمراره، فلا يخنع ولا يذلّ وأن يبقى متمسّكًا بـ«هيهات منّا الذلّة»، و«لن نركع إلّا لله»، ويواصل مهما طالت السنون ما دام محقًا بمطالبه وحقوقه وأساليبه، ولهذا قال سماحته في خطابه بذكرى 14 فبراير في العام الماضي: «الحراك مستمرّ وحرام أن يتوقّف».
المحور الرابع: ما هي مقوّمات هذا الإصلاح وعلى ماذا يعتمد؟
يعتمد هذا الإصلاح أوّلًا على الإيمان بالله تعالى والتوكّل عليه، فهو الناصر والمعين لهذا الشعب الذي آمن به «عزّ وجلّ» وبرسوله «ص» وأوليائه «ع».
ثانيًا: التاريخ الكبير الذي يمتلكه شعب البحرين، فتاريخه الكبير حافل بالجهاد والثورات والانتفاضات والحركات الإصلاحيّة والمطلبيّة، ولديه مخزون كبير، ودماء كثيرة لشهداء سقطت على ساحات العزّة والكرامة، فمن هذا التاريخ يستمدّ الشعب صموده، كما يستمدّه من الشهداء والمعتقلين الرازحين في السجون والمهجّرين والمغتربين خارج الوطن، فهذا التاريخ كفيل بأن يسهم في هذا الإصلاح.
ثالثًا: الوعي والبصيرة والصبر والصمود، وهي مقوّمات يمتلكها شعب البحرين، ولكن ثمّة من يحاول أن يخنعه وأن يثبّطه، ويوجد المثبّطون والمحبَطون والذين قلّ عزمهم، والذين خارت عزائمهم أو ضعفت، ولكنّ ما يؤكّده سماحة القائد قاسم دومًا الاعتماد على هذا الشعب فهو بمجمله لديه من الوعي والبصيرة والصبر والصمود ما يؤهّله للمطالبة والإصلاح حتى تحقيق الانتصار.
رابعًا: المعارضة بما تحمله من تاريخ ماضٍ وواقع، وبما تحمله من انقسامات، وهي التي خاطبها آية الله قاسم صراحة ومرارًا داعيًا إياها إلى التوحّد صفًا مع وحدة المشروع المنقذ لهذا الشعب.
خامسًا: مناصرة الشعوب والجهات المنصفة، فثمّة من يحمل من الإنصاف والانتصار للحقّ ودعم المستضعفين ولو معنويًّا، فينبغي نصرتهم.
المحور الخامس: إذا توفّر في هذا الشعب الإخلاص لله «عزّ وجلّ»، واستمرّ بالتوفّر، وأن يكون طلب الإصلاح كما هو شعار الأنبياء «ع» أي خالصًا لله ليس لطلب منصب أو موقع، وإنّما نصرة لهذا الشعب ولحقوقه المشروعة قربة إلى الله «عزّ وجلّ»، فالله تعالى عند ذلك يمدّه بالنصر