يومًا بعد يوم يتكشّف للعالم مقدار عمق مستنقع التطبيع الذي أغرق النظام الخليفيّ نفسه فيه من دون حسبان لعواقبه، ولا سيّما مع مواصلة الكيان الصهيونيّ معاملته باستخفاف وتحقير، فما يسعى النظام الذليل إلى إخفائه أو التكتّم عليه لاعتبارات خاصّة به يعمد «الإعلام الصهيونيّ» على نشره، وبكلّ تفاصيله، متجاهلًا ما قد يسببّه له من إحراج.
وقد اعتاد المتتبّع للشأن البحرانيّ ومآلات تطبيع النظام مع الصهاينة أن يقرأ بيانات عاجلة مقتضبة مهزوزة صادرة عن أرفع مؤسّساته ردًّا على صحيفة صهيونيّة أو موقع عبريّ فضحا المستور.
فيوم السبت 12 فبراير/ شباط 2022 أصدرت وزارة الخارجيّة الخليفيّة بيانًا متقضبًا، في ساعة مبكرة من الصباح جاء فيه: «إنّ ما تمّ تداوله في بعض وسائل الإعلام الأجنبيّة عن إلحاق «ضابطٍ إسرائيليّ»، يأتي في إطار ترتيباتٍ متعلّقة بتحالفٍ دوليّ، يضمّ أكثر من أربعٍ وثلاثين دولة، يقوم بتأمين حريّة الملاحة في المياه الإقليميّة وحماية التجارة الدوليّة ومواجهة أعمال القرصنة والإرهاب في المنطقة»، وذلك بتكذيب صريح لما أورده الإعلام الصهيونيّ عن حقيقة تمركز الضابط الدائم في البحرين، حيث نقلت «صحيفة جيروزالم بوست» الصهيونيّة عن «القناة 13» تأكيدها أنّ ضابطًا من البحريّة الإسرائيليّة سيتمركز بشكلٍ دائمٍ في البحرين، حيث سيُعهد إليه «الحفاظ على الاتصالات مع الأسطول الخامس للبحريّة الأمريكيّة الذي يتّخذ من البحرين مقرًّا له«، مشيرة إلى أنّ وصول هذا المسؤول العسكريّ الكبير في القوّات البحريّة الإسرائيليّة إلى البحرين يتوقّع خلال الأسابيع القليلة القادمة، وأنّ هذا التطوّر هو إحدى نتائج وزير الحرب «بيني غانتس» للبحرين الأسبوع الماضي.
وكان مدير المكتب السياسيّ لائتلاف شباب ثورة 14 فبراير في بيروت «الدكتور إبراهيم العرادي» قد أكّد خلال مداخلة عبر قناة المنار أنّ إصرار النظام الخليفيّ على الارتماء في أحضان الصهاينة من خلال التطبيع معهم مردّه إلى سياسة البقاء الذي يرونه في المدّ الصهيونيّ في البحرين، والالتصاق به كسبيل لذلك، خاصّة أنّهم لا يثقون بسياسة محمد بن سلمان ولا يأمنون لها، فهو قد يغدر بهم في أيّ لحظة باتصال هاتفي واحد، لذا فإنّهم يسعون إلى شبك قواهم مع الموساد الصهيونيّ وهو ما ظهر واضحًا في استهدافهم المعارضين في الخارج، وأيضا شبكوا علاقات مع الإنتربول الدولي الذي يرؤسه محمد بن زايد، وهذا عمليًّا هو للقبض على الناشطين في البحرين وخارجها، وهذه السياسة هي من أخطر السياسات اليوم، بحسب تعبيره.
وأضاف العرادي أنّ ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير قد اعتبر هذه السياسية بأنّها خطر على الأمن القوميّ في البحرين والمنطقة، خاصّة أنّ الصهاينة لم يأتوا إلى المنامة لإرضاء خدّامهم من حكّام الخليج المطبّعين، بل أتوا لأنّ عندهم مشروع كبير والآن صرّحوا عنه: «ميناء بحري لمحاصرة إيران، كما يحاصر الناتو اليوم روسيا عن طريق أوكرانيا»، فالهدف بات واضحًا للجميع إذ جُعلت البحرين اليوم منصّة استخباراتيّة بحريّة- جويّة- أرضيّة- عسكريّة ضدّ إيران، مؤكّدًا أنّ هذه اللعبة تفرض على آل خليفة لأنّهم ليسوا أصحاب قرار بل هم مجرّد أداة تنفيذيّة، وهذه اللعبة ستورّطهم كما الآن المجتمع الدوليّ والإمبرياليّة الدوليّة ورّطت أوكرانيا.