قال الأمين العام لحزب الله سماحة السيّد حسن نصر الله إنّ تطبيع الدول مع كيان الاحتلال الصهيونيّ قد ينفعه ماليًّا عبر استثمارات بعض الدول الخليجيّة في فلسطين المحتلّة، بمعنى منفعة اقتصاديّة من خلال العلاقات الاقتصاديّة، ومن الممكن أن ينفعها إعلاميًّا وسياسيًّا، وكسر الحواجز النفسيّة، حيث قد ينفعها بالجيوش الإلكترونيّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ، لكن عسكريًّا فإنّ هذه الدول لا يمكن أن تقدّم نفعًا لـ«إسرائيل»، بل ستتحوّل إلى عبء عليها، وهو ما شوهد في التطوّر الأخير الذي حصل بين أنصار الله والإمارات التي تعدّ دولة حديثة اشترت بعشرات مليارات الدولارات صواريخ وطائرات وأسلحة وتكنولوجيا عسكريّة، لكنّها وقفت عاجزة أمام ضربات أنصار الله، وبدأت بمطالبة الأمريكان وكذلك بريطانيا وفرنسا وحتى الكيان الصهيونيّ بإرسال السفن والصواريخ والطائرات لحمايتها، متسائلًا ماذا يمكن لها أو للبحرين أن تقدّما عسكريًّا للاحتلال الصهيونيّ.
ولفت سماحته في الحوار الشامل مع قناة العالم الإخباريّة، يوم الثلاثاء 8 فبراير/ شباط 2022 إلى أنّ الصهيونيّ يريد من التطبيع أن تكون فلسطين له وحده ودولته، وهو ما يسعى إلى إقناع المجتمع الدوليّ به، فمشروعه من التطبيع وتشكيل علاقات اقتصاديّة وسياسيّة ودبلوماسيّة هو إبقاء الشعب الفلسطينيّ وحيدًا غير قادر على فعل شيء، موضحًا أنّ المستوطنين يستغلّون التطبيع لاستفزاز مشاعر الفلسطينيّين، لافتًا إلى أنّ «الهدف الرئيس من التطبيع هو أن يصل الشعب الفلسطينيّ إلى اليأس والإحباط والاكتئاب والإحساس الكامل بالهزيمة والتخلّي»، لكنّه في المقابل شعب فلسطين مصرّ ومصمّم ويتحمّل التضحيات وهو شعب جبّار، ولا سيّما مع عدم وجود مؤشرات للتطبيع الشعبيّ على الرغم مما تنشره الجيوش الإلكترونيّة من أكاذيب، ففي البحرين تتواصل التظاهرات الشعبيّة الرافضة للتطبيع مع كلّ القمع الذي يقابلها النظام، فلو أتيح للشعب أن يعبّر عن رأيه، لخرج حتى من هم ليسوا ضدّ النظام بالمعنى السياسيّ الداخليّ، فلو فُرض أنّ الإماراتيّين انسجموا مع التطبيع فلن ينسجم شعب البحرين ولا حتى الداخل السعوديّ، والعالم الإسلاميّ ليس فقط الإمارات والبحرين، مشيدًا بمواقف الرياضيّين والفنانين والاقتصاديّين العرب الذين انسحبوا من مسابقاتهم حتى لا يتنافسوا مع «إسرائيليّين».
وختم سماحته كلامه بموضوع البحرين قائلًا: «فيما يخصّ البحرين بالطبع لو أتيح للشعب البحرينيّ أن يعبّر عن رأيه عبّر عنه في بداية الثورة أو الانتفاضة أو القيام- سمّه ما شئت- التي حدثت في البحرين من يوم 14 فبراير، والمظاهرات الضخمة التي نزلت، لكن الذي حدث في البحرين هو القمع الشديد وقتل المتظاهرين واعتقال العلماء والقيادات والرموز وآلاف الشباب والنساء والتعذيب الذي حدث في السجون، والذي ينعكس على خارج السجون وإسقاط الجنسيّات وطرد العديد من أهل شعب البحرين، والاستقواء بالخارج وصولًا إلى درع الجزيرة، ولم يكفِ جيش البحرين وشرطة البحرين والأجهزة الأمنيّة التي يديرها الإنجليز بالبحرين في مواجهة المدنيّين العزل، كانوا قلقين وخائفين لحدّ أنّهم جاؤوا بدرع الجزيرة وهو جيش نظاميّ ومشهد الدبابات والآليّات التي تحمل الجنود على الجسر الواصل بين السعوديّة والبحرين ما زال ماثلًا، فإذا هم حسموا الموضوع معتقدين أنّ من خلال العمل العسكري والقمع، في الوقت الذي كان الطرف المقابل لم يكن هناك هجوم بالسلاح بل كانت مظاهرات وتحرّك سلميّ، وظلّوا مصرّين على السلميّة، فخلال 10 سنين أو أكثر أو أقلّ إذا قام أحد بإلقاء مولوتوف أو أطلق رصاصة فهذه حالة فرديّة، أمّا طابع الحراك في البحرين فكان الحراك الشعبيّ، لکن لم يتح له أيّ فرصة للتعبير عن الرأي، قُمع بشکل شديد لأنّ قادة المعارضة إمّا في الخارج أو في السجون؛ طيّب، هل هذا يدعو إلی اليأس؟ لا، بالنهاية الشعب البحرينيّ ما زال متمسّكًا بحقوقه وقضاياه وبالشعارات التي رفعها، ويعبّر أحيانًا بمناسبات متعدّدة وأحيانًا تری أنّهم ينزلون إلی الشارع رغم القمع والبوليس والقتل والسجن والتعذيب، الذي إذا اتکلم لك عنه لا يطاق، مع ذلك، تأتي مناسبات مثل التضامن مع الشعب الفلسطينيّ، مثل التضامن مع اليمن، مثل بعض المواقع، ينزلون إلی الشارع ويتحدّون ويعرّضون أنفسهم للمخاطر مثل موضوع رفض التطبيع لما أتی الصهاينة لزيارة المنامة حيث نزلوا إلی الشارع وعبّروا عن هذا الموقف، أنا أعتقد أنّ الشعب البحرينيّ بأغلبيّته مصرّ على أن يواصل هذا الطريق، لکنّ أشکال التعبير، الحراك، الوسائل، الأساليب هذه خاضعة للظروف السياسيّة والأمنيّة والتطورات الموجودة، والأهمّ: العزم والإرادة والقرار ما زال موجودًا».