لا يكتفي النظام الخليفيّ بآلاف المعتقلين الذين زجّ بهم في سجونه منذ اندلاع شرارة الثورة، ولا يشفي غليله أكثر من مئتي شهيد قتلهم، ولا مئات الجرحى والمطاردين، وآلاف المهجّرين والمبعدين قسرًا، وذلك لما يعتمر به من نزعة جاهليّة للانتقام والتشّفي، تكتنفها سياسة خبيثة تشرف عليها الإدارتان الأمريكيّة والبريطانيّة، وتقرّها عصابة آل سعود الإرهابيّة، ويدعمها النظام الإماراتيّ المجرم.
فمنذ يومين أعلنت وزارة داخليّة النظام أنّها تسلّمت المواطن البحرانيّ «أحمد جعفر» من صربيا التي رحّلته قسرًا من أراضيها وبمخالفة صريحة للقانون، لوجود أمر قضائيّ يمنعها من ذلك، حيث قال «مركز بلغراد لحقوق الإنسان»، في بيانٍ له يوم الإثنين 24 يناير/ كانون الثاني 2022، إنّ «المواطن البحرينيّ تمّ احتجازه في صربيا منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وأنّه أبلغ السّلطات أنّه يريد اللجوء السياسيّ فيها، إذ قد يواجه التعذيب، فضلًا عن الاضطهاد السياسيّ والدينيّ، حال إعادته إلى وطنه البحرين»، مستنكرًا تسليم صربيا له بالرغم من اتخاذ المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان إجراء مؤقّتًا يُلزمها بالامتناع عن تسليمه حتى 25 فبراير/ شباط المقبل، واستكمال الإجراءات أمام هذه المحكمة، وهو ما يُعدّ انتهاكًا للحكم، وكذلك مخالفة للمواثيق الدوليّة والمحليّة التي تلزمها باحترام حقوق الإنسان.
والمواطن «أحمد جعفر» معتقل سابق تعرّض للتعذيب في سجون النظام، وأصيب بجروح خطرة خلال التظاهرات في العام 2011، وحُكم عليه غيابيًا بثلاثة أحكام مؤبّد، وحكم رابع بالسجن عشر سنوات على خلفيّة سياسيّة.
وقد أكّد ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير أنّ أحمد الذي انقطعت أخباره حال تسليمه يتعرّض لشتى صنوف التعذيب في مبنى التحقيقات سيّئ الصيت، داعيًا إلى حملة تضامن شعبيّ معه تحت وسم «اكشفوا مصير أحمد جعفر».
وطالبت «المحكمة الأوروبيّة»، من جهتها، صربيا بالتعليق على تسليم «أحمد جعفر» بالرغم من وجود أمر قضائيّ يمنع ذلك، وببيان دوافعها وحيثياتها، موضحة أنّ «المعارض البحرانيّ» قد نقل من السجن إلى مطار بلغراد، ثمّ سُلّم إلى النظام على متن طائرة تابعة لإحدى شركات الطيران الخاصّة بـ«الإمارات».
كما استنكرت المنظّمات الحقوقيّة هذا الإجراء الذي يعرّض حياة «أحمد جعفر» للخطر، حيث رأت فيه منظّمة العفو الدوليّة، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعيّ «تويتر»، خطوةً مقلقة جدًا من قبل صربيا التي قامت بترحيله إلى البحرين، بينما لا تزال المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان تنظر في قضيّته، مطالبة وزارة داخليّة النظام بضمان سلامته وحمايته من المعاملة السيّئة.
تزامن اعتقال أحمد وإخفاؤه في غرف الإرهاب الخليفيّ مع الإفراج عن عشرات المعتقلين السياسيّين ممّن تكاد أحكامهم تنتهي أصلًا، فهل يسعى النظام من خلال هذه الخطوة، وإلى جانب تبييض صورته الحقوقيّة السوداء، أن يشغل الرأي العام عن قضيّة المعارض «أحمد جعفر» حتى يتسنّى له الانتقام منه على تاريخه النضاليّ بوجهه؟!