بينما تعمل المجتمعات المتحضّرة على غرس مفاهيم الوطنيّة والحياتيّة في نفوس الأطفال بأساليب متنوّعة، ومنها إشراكهم بأعمال تجسّد الواقع الذي يعيشون فيه، والذي لا تخفى حيثيّاته عنهم، لإشعارهم بأنهم جزء مهمّ منها، يعمل النظام الخليفيّ على تقييد حريّة الطفولة، وسرقة فرحتهم.
فلم يتسنّ اليوم لأطفال روضة «ديزني نيرسري» في بلدة سار أن يشاهدوا عملهم الفنّي «أمنيات وطن» الذي تعبوا فيه وبذلوا كلّ طاقاتهم لإنجاحه، حيث أقدمت أجهزة النظام الخليفيّ على حذف الفيديو، ومنعت نشره، واستدعت مديرة الروضة للتحقيق حوله، مانعة حريّة التعبير حتى عن بضعة أطفال صوّروا واقعهم المتأزّم اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا.
يأتي هذا مع استمرار الانتهاكات الممنهجة بحقّ الأطفال المعتقلين، والتي تؤكّدها التقارير الحقوقيّة.
فقد رأت منظّمة «غلوبال راتس ووتش» أنّ آثار ما سمي قانون العدالة الإصلاحيّة للأطفال لم تظهر على صعيد وقف الانتهاكات وسوء المعاملة التي يتعرّض لها الصغار المعتقلين في «سجن الحوض الجاف«، مشيرة إلى مواصلة تبييض الانتهاكات وسوء المعاملة التي يتعرّضون لها على يد المؤسّسات التي يفترض أنّها معنيّة بالمراقبة والتحقيق في تلك الانتهاكات، وتوفير الحقّ في معاملةٍ أفضل للسّجناء؛ وعلى رأس تلك المؤسّسات «وزارة الداخليّة«.
كما ذكرت محاولات «الأمانة العامّة للتظلّمات» إثبات نجاح القانون عبر زيارة السّجون في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وإجراء مقابلات مع السّجناء للحديث عن حصولهم على الرعاية المعيشيّة والصحيّة، وأنّهم لا يُحرمون من الاتصالات الهاتفيّة وأبسط الحقوق الأخرى؛ مثل المعاناة الصحيّة والنفسيّة والجسديّة للسّجناء القاصرين حتى بعد الإفراج عنهم، مؤكّدة أنّ المؤسسة تغفل عن الكثير من الوقائع التي رصدتها المنظّمات التي تُعنى بحقوق الإنسان في الآونة الأخيرة، إذ أظهرت الوقائع التي شوهدت في الشّهرين الماضيين تصاعدًا غير مسبوقٍ في نسبة الانتهاكات التي يتعرّض لها الصغار المعتقلون في الحوض الجاف، وكان أبرزها الاعتداء الجسديّ والنفسيّ وسوء الرعاية الصحيّة والحرمان من العلاج المناسب- وفق التقرير.
وأكّدت المنظّمة أنّ هذه الانتهاكات مخالفة للمعاهدات والمواثيق الدوليّة؛ ولا سيّما اتفاقيّة «حقوق الطفل»، مطالبة النظام بالكفّ عن هذه الممارسات والتكفّل في حماية السّجناء، بما يضمن الحفاظ على كرامتهم وعدم السّماح بانتهاك حقوقهم وتعريضهم للتعذيب.