استغلّ النظام الخليفيّ اليوم العالميّ لحقوق الإنسان لتبييض سجلّه الحقوقيّ الأسود عبر تزييف الحقائق من خلال علاقاته العامّة، وإقامة الندوات، وإصدار التصاريح والبيانات الرنّانة.
فقد نظّمت وزارة الداخليّة الخليفيّة ندوة «قانونيّة» تحت شعار «حقوق الإنسان في وزارة الداخليّة.. رؤية وواقع»، زعم فيها الوكيل المساعد للشّؤون القانونيّة «حمود سعد حمود» أنّ البحرين أسهمت في تطوير القوانين المتعلّقة بحقوق الإنسان والقيم الإنسانيّة على الصّعيد العالميّ، عبر انضمامها إلى الاتفاقيات والآليات الدوليّة، وتقديم التقارير الدوريّة في مجال الحقوق والحريّات الأساسيّة، وتنفيذها على المستوى الوطنيّ- على حدّ زعمه.
وادّعى، في السياق نفسه، النّائب العام «علي البوعينين» أنّ البحرين رائدة في كفالة حقوق الإنسان والحريّات العامّة، ما جعلها نموذجًا يحظى بإشادةٍ وتقديرٍ دوليّ.
يأتي هذا في وقت تشهد فيه العديد من مناطق البحرين استنفارات أمنيّة، تعمل خلالها عصابات الداخليّة على ترهيب المواطنين، وانتهاكات خصوصيّاتهم وأمنهم، وفرض حالة بوليسيّة بما يخالف حقوقهم.
فبينما تكفل جميع الدساتير الدوليّة حقّ الاعتصام السلميّ، يتعرّض أهالي بلدة السنابس الذين يعتصمون يوميًّا تضامنًا مع المعتقلين إلى ضغوطات وتهديدات ضمنيّة تتمثّل في مراقبتهم وتصويرهم.
كما أنّ بلدة المالكيّة تتعرّض لحملة بوليسيّة شرسة منذ أيّام، حيث تقتحمها مركبات عصابات الداخليّة والميليشيات المدنيّة التابعة لها، وتعمل على انتهاك حقوق المواطنين فيها.
وكانت «منظّمة فريدوم هاوس» قد جدّدت تصنيفها للبحرين ضمن الدّول «غير الحرّة»، في تقريرها الصّادر حول حالة الحقوق السياسيّة والحريّات المدنيّة في دول العالم لسنة 2021، وقالت إنّ النّظام الخليفيّ يُعدّ واحدًا من أكثر دول الشّرق الأوسط قمعيّة، إذ ألغى بشكلٍ منهجيّ مجموعة واسعة من الحقوق السياسيّة والحريّات المدنيّة، وفكّك المعارضة السياسيّة، وقمع بشدّة المعارضة المستمرّة المتركّزة بين السكّان الشّيعة، وخاصّةً منذ أن سحق بعنفٍ حركة احتجاجٍ شعبيّة مؤيّدة للديمقراطيّة في العام 2011.
وأشار التقرير إلى سياسة إسقاط الجنسيّة التي يعتمدها النظام كعقوبةٍ سياسيّة وجنائيّة، حيث لا يزال نحو «300 شخص» مجرّدين من الجنسيّة، كما أنّ رجال الدّين الشّيعة وقادة المجتمع غالبًا ما يواجهون المضايقات والاستجواب والمحاكمة والسّجن، وهدم ما يقدّر بخمسةٍ وأربعين موقعًا دينيًّا شيعيًّا في «العام 2011»، وتمّ حظر مجلس العلماء الإسلاميّ، وإسقاط الجنسيّة عن الفقيه القائد آية الله «الشيخ عيسى قاسم» في العام 2016.
وهو ما أكّدته أيضًا منظمّة «هيومن رايتس ووتش» في تقريرها العالميّ السنويّ للعام 2021، حيث قالت إنّه لا تحسُّن في السّجل الحقوقيّ للبحرين، فالنظام صعَّد في العام الماضي قمعه الأنشطة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعيّ، وحاكم المنتقِدين بسبب التعبير السلميّ، وأيّدت محاكمه أحكام إعدام بحقّ نشطاء المعارضة بعد محاكمات جائرة، كما يوجد «27 شخصًا» على الأقل ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام.
ورأت أنّ استمرار الظّروف غير الآمنة على صعيد الصحّة والنّظافة في سجون النظام المكتظّة لا تزال خطرة للغاية، وأضافت أنّه رغم الإفراج عن «1486 سجينًا» في مارس/ آذار الماضي بسبب تفشّي «فيروس كورونا»، فقد استثني قادة المعارضة، والنّشطاء، والصّحفيّون، والحقوقيّون، على الرغم من أنّ الكثير منهم كبار في السّن أو لديهم حالات مرضيّة مزمنة- بحسب التقرير.