{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ} [سورة الزمر/ 17]
تحثّنا الآية الكريمة على اجتناب الطاغوت فضلًا عن عبادته، وعبادة الطاغوت تتمثّل في إطاعته؛ حيث يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق «عليه السلام»: «من أطاع جبّارًا فقد عبده»، وتشمل العبادة السجود والخضوع، ويفسّر العلماء كلمة الطغيان على أنّها اعتداء وتجاوز الحدود، وإنّما اجتناب الطاغوت يكون في الابتعاد عن اتّباع هوى النفس والشيطان والشرك، وهو عدم الانصياع والاستسلام للحكّام المتجبّرين.
قد لا يهمّ تعريف بعض المفاهيم بقدر إيضاح الموقف منها، بيد أنّه من الجيد التعرّف إلى المعنى العميق لبعض مفردات الآية أعلاه، حيث يفسّر المرجع «آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي» كلمة «البشرى» في كتابه «تفسير الأمثل» بأنّها «جاءت هنا بصورة مطلقة وغير محدودة، فتشمل كافة أنواع البشرى بالنعم الإِلهيّة الماديّة والمعنويّة، وهذه البشرى بمعناها الواسع تختصّ فقط بالذين اجتنبوا عبادة الطاغوت، وعمدوا إلى عبادة الله وحده من خلال إيمانهم به وعملهم الصالح»، فهنيئًا لمن لهم البشرى.
في البحرين، النظام الحاكم يمارس أبشع أنواع الطاغوتيّة والديكتاتوريّة المدانة في الشرائع السماويّة والمواثيق الدوليّة، والتي قد يكون هو موقّع عليها، حيث إنّه فاق القمع بتقنينه، وتجاوز أحكام الله بتغييرها، وداس كرامة العباد عبر الانتهاكات الواسعة، وذهب بعيدًا في تخطّي الخطوط الحمر للأمّة الإسلاميّة، وراح يطبّع العلاقات مع العدوّ الصهيونيّ ويجرّم انتقاده.
يُراد لموقف شعب البحرين تجاه قضيّته الأولى «فلسطين» أن يلين ويضعف، ويُراد له السكوت والخنوع، بل إنّ الكيان الغاصب يريد أن يحبّب شعب البحرين بالتطبيع معه -بشكل ناعم- وذلك عبر الدخول في ملفّات تشكّل أزمة للنظام، مثل البطالة، فقد أعلن عن طلبه موظّفين بحرينيّين ليعملوا في شركة صهيونيّة «ولو من المنامة»!
رسالة شعب البحرين للعدوّ الصهيونيّ واضحة، فهو لن يقبل بالتطبيع ولو جاع، ولن يقبل بالديكتاتوريّة ولو سُجِنَ ألف عام، ولن يقبل ببيع سيادة وطنه ولو قُتلَ جميع أبنائه، فالعزّة قيمة إنسانيّة ودينيّة رفيعة لا يتخلّى عنها ولو كلّفته الغالي والنفيس