لم يعد النظام الخليفيّ قادرًا على التستّر على جرائمه وممارساته الوحشيّة التي يمارسها مرتزقته في سجونه، ولا سيّما بحقّ المعتقلين الأطفال، على الرغم من التغطية الإعلاميّة التي تؤمّنها له أجهزته ومؤسّساته التي تدّعي أنّها حقوقيّة.
فالإعلام المهنيّ الذي يتّخذ على عاتقه مسؤوليّة كشف الحقائق بالأدلّة والوثائق، لهو خير وسيلة لفضح جرائم النظام المرعبة، وهذا ما أظهره جليًّا برنامج «المسافة صفر- الحوض الجاف» الذي بثّته قناة الجزيرة.
لقد كشف البرنامج ضمن حلقته التي حملت عنوان: «الحوض الجاف.. قصص مروّعة عن انتهاكات حقوق الأطفال في البحرين»، الانتهاكات الجسيمة التي يتعرّض لها أطفال البحرين، إذ يودعون سجن «الحوض الجاف» بتهم متعدّدة؛ كالتحريض على قلب نظام الحكم والإرهاب، حيث يذوقون أبشع أنواع التعذيب البدنيّ والنفسيّ، ويعاملون معاملة البالغين نفسها، وتشملهم الاعتقالات العشوائيّة والتعذيب والإهمال الطبيّ في السجون والمعتقلات، بالرغم من أنّ قوانين البلاد تنصّ على حمايتهم، كما يسعى النظام إلى تجنيدهم للتجسّس لصالحه مقابل ابتزازهم.
وقد قدّم البرنامج شهادات حيّة من أطفال سبق اعتقالهم بتهم كيديّة وهم دون الخامسة عشرة من العمر، وعرض وثائق سُرّبت لفريقه من تحقيقات النيابة العامة أنّ أطفالًا مشتبهًا بهم اعترفوا فجأة بارتكاب جرائم حرق وشغب بعدما أظهرت الأوراق نفسها نفيهم ارتكاب تلك الأعمال، ما يؤكد تعرّضهم لتهديدات، كما أنّهم يخضعون للتحقيقات من دون حضور محامين، ويعاملون بعدوانيّة وتوجّه لهم خلال التحقيقات تهمًا لا تتناسب مع أعمارهم؛ كالتحريض على قلب نظام الحكم والإرهاب، ويعتمد محققو النيابة العامة على معلومات مما تسمّى المصادر السريّة في إحالة الأطفال المتهمين إلى المحاكمة.
والمفارقة أنّ انتهاكات حقوق الأطفال تحدث بالرغم من أنّ حاكم البحرين وافق في فبراير/ شباط 2021 على قانون بشأن العدالة الإصلاحيّة للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، الذي نصّ على إنشاء محاكم خاصّة بالأطفال ومراكز احتجاز منفصلة لهم، بحسب التقرير.
ووفق بيانات جمعها فريق برنامج «المسافة صفر» من ملفّات القضايا وبيانات تقارير المنظّمات الحقوقيّة المحليّة والدوليّة بين فبراير/ شباط 2011 وأغسطس/ آب 2021؛ فإنّ ما لا يقلّ عن 607 أطفال تعرّضوا لأنواع مختلفة من العنف، منهم 259 تعرّضوا للتعذيب، ثم 124 تعرّضوا للإهمال الطبي في السجون ومقرّات الشرطة، أمّا حالات الإخفاء القسري فبلغت 116 حالة، وتتوزّع الحالات الأخرى بين إجراءات قانونيّة تعسفيّة والعنف أثناء الاعتقال والعنف الجنسيّ والتعذيب خارج السجن والحرمان من التعليم.
وهنا لا بدّ من ذكر الطفل الشهيد «سعيد عبد الرسول الإسكافي- 16 سنة» من بلدة السنابس الذي استشهد في 6 يوليو/ تموز 1995، تحت وطأة التعذيب الشديد الذي كان من أساليبه الإجراميّة خرق إبطه بمثقب كهربائيّ وكيّ ظهره بالمكواة وحتى الاعتداء عليه جنسيًّا، وهو ما يُثبت أنّ التعذيب في سجون البحرين ممنهج منذُ عقود.
أمام كلّ هذه الوقائع التي قدّمها برنامج «المسافة صفر» ظهر إرباك النظام الذي استنفر أجهزته الرسميّة وأبواقه الإعلاميّة ووزارة الداخليّة للردّ على ما وصفته بالمزاعم، وبالحملة الإعلاميّة التحريضيّة العدائيّة، مقدّمة حججها الباهتة والركيكة والبعيدة كلّ البعد عن الموضوعيّة.
إنّنا في المركز الإعلاميّ لائتلاف شباب ثورة 14 فبراير نشيد بالمهنيّة العالية التي اتّسم بها برنامج «المسافة صفر.. الحوض الجاف»، ونؤكّد أنّ كلّ ما أتى به هو حقائق تحصل في أروقة سجون النظام الخليفيّ، وهو غيض من فيض ما يقترفه النظام بحقّ المعتقلين السياسيّين وبخاصّة الأطفال منهم.
المركز الإعلاميّ لائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الجمعة 1 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2021