شدّد سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم على أنّ أيّ حكومة تحترم شعبها وتقدّر المصلحة الوطنيّة تبادر إلى حوار هذا الشعب والمعارضة التي تمثّله، لا فرد من هنا أو هناك.
جاء ذلك في بيان لسماحته يوم الأربعاء 1 سبتمبر/ أيلول 2021 هذا نصّه:
البحرين: أمِنْ حلٍّ للمشكلة الوطنية؟
يوم تحترم أيُّ حكومةٍ شعبَها، وتُقدِّر المصلحة الوطنية، وتعتزم الإصلاح جدًّا؛ يتّجه عزمُها حتمًا إلى الدخول في حوارٍ مع الطرف الذي لابد منه لإنجاز الإصلاح الذي يحتاجه البلد -إذا لم تُتِمَ إنجازه ابتداءً- إيمانًا منها بوجوب المبادرة.
والطرف الذي يجب أن يُنظَر إليه ويُحسَب له الحساب في الإصلاح هو الشعب والمعارضة التي تمثّله التمثيل الصادق، وهما القادران مع الحكومة على تحقيق استقرار الأوضاع.
أمّا نَيْلُ الرضا من فردٍ هنا وفردٍ هناك بصيغةٍ من صيغ الحلّ الشكلي والآني فلا يُعالج الوضع، ولا يُمثّل ضمانةً للاستقرار؛ لأنّ موافقتهم لا تُمثّل موافقة الشعب، ورضاهم لا يعني رضاه، ولأنّ التخيّل لا يعني الحقيقة، وإلا لهانت الأمور.
الحلّ الناجع هو ما كان حلاًّ بحقّ، ومتوافقًا عليه بين طرفين يملكان التأثير.
وهل تقبل أيُّ حكومةٍ أن تدخل في تعاقدٍ مع آخر، يُمثّلها فيه من لا ترضى بتمثيله لها؟
إنّه ليس لأحدنا أن يصادر رأي الشعب، ولا أن يفرض نفسه عليه ممثلاً له.
الحوار والتفاوض باِسم الشعب لا يكون إلاّ ممّن يُفوِّضه الشعب، وإلا كان خاصًّا بالمفاوض نفسه ومن مسؤوليته، وهو المُتَحمِّل لتبعته.
المطلوب لأي حلٍّ أن يُنهي المشكلة ويؤدّي إلى العدل، ويُوَلِّد الاستقرار، ويردّ العلاقة إلى الوضع الصحيح، وهذا لا يتم إلا بحلٍّ يرضاه الطرفان المؤثّران في الوضع ممّن كان بينهما الخلاف؛ الشعب ومعارضته الحقيقية، هذا طرف، ولا يقوم مقامه غيره من الخارج أو الداخل، والحكومة وهي الطرف الآخر.
والحل العقلائي لابد أن يتناول منابع الخلاف وليس أن يكتفي بمعالجة بعض الرواشح الفرعية للمشاكل الأصل التي تبتعد عن ملامسة أصول المشاكل ولا تُقدِّم حلاًّ قادرًا على الإيصال المطلوب، ويملك قابلية الاستمرار.
على مَن يريد البرهنة الصِدق على الإخلاص للوطن ولكلٍّ من الشعب والحكومة، ولكلّ الفئات الوطنية؛ أنْ يُركِّز على السعي للحلّ الشامل الصادق الذي يصبّ اهتمامًا عاليًا على المشكلات الأساس الأصل.
القضيّة قضيّة مصيريّة لشعب ووطن، فليُقدّرها كل المخلصين بقدرها، ويعرفوا لها حقّها، فليتذكر السائرون على الطريق أنّ كلّ الوطن والشعب متعب وبحاجة إلى الراحة، ولكنه التعب المُشرّف الذي يُرجى له أن يعقبه الفرج، والفرج مطلوب لكلّ الشعب ولكلّ الوطن.
وليتمسك الجميع بأخوّة الإيمان والوطن، ولنأخذ جميعًا بمسلك الدّين والعقل والصبر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنقاذًا للوطن وسدًّا لأبواب الفتنة.
عيسى أحمد قاسم
١سبتمبر ٢٠٢١