قال مدير المكتب السياسيّ لائتلاف شباب ثورة 14 فبراير في بيروت الدكتور «إبراهيم العرادي» إنّ النّظام الحاكم في البحرين انتهك حقوق المعزّين في مجالس عاشوراء خلال شهر محرم الحرّام، وهذا انتهاك للإنسانيّة وحقوق الإنسان.
وأشار العرادي خلال مؤتمرٍ صحفيّ في لندن، تحت عنوان: «عاشوراء البحرين: صمود شعب وانتهاكات مستمرّة»، يوم الأربعاء 25 أغسطس/ آب 2021 إلى أنّ الانتهاكات بحقّ الموسم العاشورائيّ بدأت قبل شهر محرّم بأسبوعٍ تقريبًا، وأكّد أنّه تمّ التحضير لخطّة ممنهجة من وزير الداخليّة لمحاربة شعائر عاشوراء والتضييق على المعزّين، من إزالة الرّايات والأعلام، والتضييق على الأهالي ومديري المآتم، واستدعاء خطباء ورواديد، واعتقال شبّان على خلفيّة المشاركة في الإحياء، مع استمرار مسلسل الاستدعاءات.
وقال إنّ الحكم في البحرين يحاول عبر التضليل الإعلاميّ أن يبيّن نفسه الحامي لهذه الشعائر، متسائلًا إذا ما كانت إزالة الأعلام وبثّ أجواء الرعب في البلدات والقرى هي من ضمن ما يدّعيه النظام «التسامح الدينيّ»؟ علمًا أنّ شعب البحرين قد تربّى على هذه الشعائر التي تحميها حتى الدولة المدنيّة المتحضّرة، وتحمي مطالب الشعب لأنّ كلّ المحاضرات والخطب تصبّ في صلب حياة الناس السياسيّة والاجتماعيّة والدينيّة والروحيّة، وتحقق متطلبات الناس، وتطالب برفع الصوت ضدّ الظلم وضدّ كلّ من يحاول أن يسيء لهذا الشعب ولهذه الأرض الطاهرة.
وأوضح العرادي أنّ العمليّة القمعيّة بدأت منذ ما قبل محرّم، ومع بداية الشهر بدأ مسلسل الاعتقالات ضمن الخطّة التي وضعها النظام، ونبّه إليه الكثير من الإعلاميّين والناشطين في البحرين والجهات المعنيّة، حيث إنّ الخطّة معروفة؛ فالنّظام يتلذّذ في إهانة النّاس، فهو يمارس خطابًا إعلاميًّا مستغلًّا عدم وجود صحف معارضة أو حتى مستقلّة، فكلّ الصحف مملوكة لهذا النظام وهي تنفذ أوامره، وهذا النمط للدول الاستبداديّة مع غياب الصوت المعارض.
وقال إنّ حاكم البحرين «حمد بن عيسى» يحاول أن يظهر بمظهر راعي التسامح الدينيّ والحريّات، وهو من يحمي المواطن، وقد وصل به الأمر، وبعد كلّ عمليّات الاعتقال والاستدعاءات التي حصلت أمام الرأي العام، إلى أن يبارك للناس نجاح الموسم، زاعمًا أنّه هو من احتضنه ورعاه.
وأكّد العرادي أنّ هذا الخطاب الباهت لم ينطوٍ على أحد، فما حصل على أرض الواقع هو أنّ هذا النظام اعتقل واستدعى الناس، وهدّد النساء والأطفال وبحجّة التباعد الاجتماعيّ والضوابط الصحيّة، في وقت ان يسمح فيه بإقامة الحفلات والأنشطة الرياضيّة وخاصة التي يديرها ولده ناصر من دون أدنى تباعد اجتماعيّ، بينما المعّزون قد التزموا بكلّ الضوابط والإجراءات الاحترازيّة، مشدّدًا على أنّ خير من طبّق هذه الضوابط هو شعب البحرين من الطائفة الشيعيّة والسنيّة الكريمتين.
ورأى العرادي أنّ النظام الخليفيّ «ليس طائفيًّا» فهو ضدّ الطائفتين الكريمتين معًا، إذ إنّه يستغلّ مقولة إنّه حكم سنيّ لتخويف الشيعة وترهيبهم، لخلق جبهة سنيّة مقابل جبهة شيعيّة، وهو قد فشل منذ عقود بهذا الأمر وكرّر فشله في العام 2011، وهو يعتقل سنّة وشيعة إذا ما خالفوه، فهذا النظام ضدّ الطائفتين، وهو لا طائفة له؛ إذ لا طائفة للقمع ولمن يتعدّى على الشعائر الحسينيّة التي هي متأصلة بشعب البحرين كموروث ثقافي منذ مئات السنين، وهو يرفض أن يحييها يومًا وفق مقاييس النظام الخليفيّ الذي يحارب النهج الحسينيّ الثوريّ لأنّه ضدّ فساده وجرائمه بحقّ الشعب من اعتقال لرموزه وقتله أبنائه وتهجيرهم.
وجدّد العرادي موقف ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير من الالتزام بمواقف آية الله الشّيخ عيسى قاسم وخطّه وكلامه، فهو اليوم رأس حربة في مواجهة كلّ مشاريع نظام «آل خليفة» السياسيّة الخبيثة
وشدّد على أنّ النّظام يريد أن تكون عاشوراء في البحرين إسرائيليّة، لكن هذا الأمر لن يحصل، لأنّ البحرينيين يرفضون التطبيع مع الكيان الصهيونيّ الذي يغتصب أرض فلسطين.
ولفت العرادي إلى ما يروّجه النظام من أنّ بعض الشخصيّات تتوجّه بالشكر له ما هو إلا تزييف، فهذا لا يتمّ إلّا بالإجبار والتهديد، وأشار إلى أنّ وزير داخليّة البحرين راشد آل خليفة معروف لدى الجميع باستدعائه لشخصيّات كبيرة في البحرين، وترهيب النّاس على خلفيّة إحياء مجالس عاشوراء، وأنّ الكذب الكبير الذي تمارسه الصّحافة الصّفراء في البحرين جسّدته بتوجيهها الشكر لهذا الوزير في يوم العاشر لإنجاحه موسم عاشوراء، بحسب ادّعائها.
ووجّه العرادي الشّكر إلى كلّ الجهات التي رصدت ميدانيًّا وسياسيًّا وحقوقيًّا، وعلى مدار اليوم والساعة ما كان يحصل في الأيّام العشرة وما بعدها، ووثّقت انتهاكات النّظام، وإلى الشبّان والفعاليّات الذين أقاموا مجالس عاشوراء، وأكّد أنّ مركبات النّظام ومرتزقته المنتشرة في كلّ مناطق البحرين خلال الإحياء كان هدفها التضليل الإعلامي، إذا إنّها في حقيقة الأمر لم تكن لحماية العزاء والمعزّين، بل كان هدفها ترويع الناس وقمعهم وهو ما حصل في الكثير من المناطق خلال الإحياء، فهي تنتظر فقط الإشارة للهجوم على الناس، كما فعلت في ميدان الشهداء والدراز، فوظيفة هذه القوى قمعية وليس حماية الناس، وفق تعبيره.
ولفت العرادي إلى التضييق الكبير على خروج المواكب، ولا سيّما مأتم بن سلّوم الذي أجبره النظام على إلغاء موكبه الذي كان مقرّرًا بعد العاشر، وهذا إن أوحى بشيء فهو يوحي أنّ النظام سيصعّد وتيرة تضييقه على الشعائر أكثر فأكثر في الأعوام القادمة، ولا سيّما أنّ إعلامه وصحفه الصفراء تمدّه بالتغطية والأكاذيب.
وقال مدير المكتب السياسيّ في بيروت إنّ النّظام وبعد 11 عامًا من الحراك الشعبيّ في البحرين، يريد أن يكسر معنويات النّاس وأن يضعفهم ويهينهم، ويريد أن يقول أنّ كلّ منزلٍ تخرج منه أصوات تطالب بالحريّات وبالحقوق السياسيّة وبحقّ تقرير المصير- كما نطالب به في ائتلاف 14 فبراير- هو مرفوض، ويعرف حكّام آل خليفة ماذا تعني عاشوراء وهذا الموسم في المنظور الدينيّ والسياسيّ والعقائديّ لشعب البحرين، لذا فهو يريد ضربه ومنع الصوت المرتفع منه، وهو لن ينطوي على شعب البحرين، الذي سيتمسّك بنضاله وثوريته ومواجهته لكلّ ألاعيب النظام.
وفي السياق نفسه، تطرّق العرادي إلى معاناة أهالي القطيف والمنطقة الشرقيّة الذين يتعرّضون لما يتعرّض له شعب البحرين ذاته، فالقمع نفسه، والتضييق نفسه، ذاكرًا بعض الشهادات الحيّة من جهات قطيفيّة تمكّنت من رصد ما حصل خلال هذا الموسم من إزالة لافتات وأعلام وإغلاق حسينيّات، وصدور بيانات من أسماء مجهولة تضرب في مضامين عاشوراء، وإرباك الخطباء، وتقييد وقت المجالس الحسينيّة بما لا يتناسب مع أهميّة المناسبة، والأخطر من ذلك الغرامات المالية الكبيرة التي تفرض على من يزعم النظام السعوديّ مخالفته هذه التوجيهات، وتهديد النساء وترهيبهنّ بالسلاح، وكلّ هذا والنظام السعوديّ يدّعي أولويّة حقوق الإنسان.
ووجّه كلمة أخيرة للرأي العام مؤكّدًا فيها أنّ المعارضة هي شعب البحرين وشعب البحرين هو المعارضة مهما حاول النظام تزييف هذا الواقع، مضيفًا «رسالتنا في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير سنبقى داعمين وخير داعمين لهذه الشعائر الحسينيّة، ولمصيبة أبي عبد الله الحسين «ع» وللثورة الحسينيّة التي نحن أبناؤها ومعنا كلّ القوى في البحرين، وسنعزّزها بكلّ ما نملكه من قوّة لتبقى مستمرّة»، موجّهًا الشكر لكل كوادر الائتلاف وللهيئة النسويّة على ما يبذلونه، كما وجّه التحيّة للرموز القادة ومعتقلي الرأي وعوائلهم، مؤكدًا أنّه ببركة عاشوراء ستتواصل ثورة الشعب حتى نيله حقوقه.
يذكر أنّ المؤتمر قد بثّته وكالة يونيوز ونقلته قناة اللؤلؤة والمنار والعالم والمسيرة.