قال سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم إنّ الدستور الجاري اليومَ في البحرين هو دستور العام 2002م، والذي جاء بعد ميثاق العمل الوطني، بإرادة «الملك» منفردة، والذي لا مشاركة للشعب فيه، موضحًا أنّه اعتمد بناءً على مشروع أعدّته لجنة فنيّة استشارية شكّلها الملك نفسه، وتضمّن هذا المشروع تعديلات قالوا إنّ الميثاق قد تطلّبها، وجاءت مستجيبة له.
وفي بيان لسماحته يوم الثلاثاء 6 يوليو/ تموز 2021 تساءل عمّن يحقّ له وضع التعديلات على الدستور، حيث إنّ الفلسفة المذكورة لتخريج هذه النتيجة هي أنّ الميثاق في قوّة الدستور، بل إنّه في رأي آخر أقوى منه، «وعلى ذلك كان على المشرِّع الدستوري، والمشرِّع العادي بأن يأخذ بتوجيهاته، وما يلزم به من تعديلات، حتى يكون التشريع متوافقًا معه».
وأوضح الشيخ قاسم أنّ المادة «104» من دستور 1973م تقول: «يشترط لتعديل أيّ حكم من أحكام هذا الدستور أن تتم الموافقة على التعديل بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس الوطني، وأن يصدّق الأمير على التعديل، وذلك استثناء من حكم المادة (35) من هذا الدستور»، مضيفًا «ولكن دستور 1973م قد ألغي قبل الميثاق ولا وجود لاعتباره ولا لمجلس وطني عند التصديق على الميثاق».
ولفت سماحته إلى أنّه في هذه الحالة كان المرتقب والطبيعي أن يشكّل برلمان عن طريق الانتخاب الحرّ لوضع دستور جديد، أو إدخال التعديلات التي تلتقي مع الميثاق على دستور 1973م تعبيرًا عن كون الشعب هو مصدر السلطات وبيده وضع الدستور.
وأضاف أنّه ما كان عليه الأمر من ناحية واقعيّة هو نقل هذه السلطة إلى الملك منفردًا، وتغييب إرادة الشعب بالكامل، حيث صارت القاعدة أن الملك مصدر السلطات جميعًا، وبيده وضع الدستور وتعديلاته، وكأنَّ الشعب الذي بذل ما بذل في سبيل تركيز قاعدة أنّه «مصدر السلطات جميعًا» قد انقلب على رأيه في تصويته للميثاق متنازلاً عن هذا الحقّ، مفوّضًا الأمر للملك تفويضًا كليًّا.
وأكّد آية الله قاسم أنّ هذا خطأ ومخالفة صريحة لرأي الشعب وحقّه ولا بدَّ من التخلي عنهما، وإرجاع أيّ تعديل للدستور إلى برلمان منتخب انتخابًا حرًّا، وإلّا سيبقى أساس العلاقة السياسية بين الشعب والحكم غير قابلٍ للبناء عليه لأنّه غير دستوري.
وشدّد سماحته على أنّ الإصلاح الحقيقي الشامل الذي لا استقرار للوطن بدونه، ولا توقف للشعب عن المطالبة به، لا يتم على الحقيقة ولا يثبت بدون الرجوع إلى قاعدة أنّ «الشعب مصدر السلطات» بلا أي تحايل يؤدي إلى نقضها عملًا، مضيفًا «حتى يصدق الأخذ ولو بعض الشيء بالديموقراطية، لا بدَّ من إرجاع حقّ التعديل والتصرّف في الدستور للشعب نفسه».