رأى سماحة الفقيه القائد قاسم أنّ ما صنعته السياسة الرسمية في البحرين هو شبكة من الأزمات الحادّة والأوضاع المربكة المهدّدة لوجودها، موضحًا أنّ هذه السياسة تستطيع أن تبقي هذه الأزمات وتزيد فيها وفي تعقيدها باستمرارها على النمط الذي اختارته في تعاملها مع الشعب من دون أن تميل إلى إصلاح أو تغيير، إلى أن تجد نفسها قريبًا غريبة غربة فاحشة في وسطها الإقليمي والوسط العالمي كلّه، ومعاكسة المسار العام للسياسة في العالم؛ وهي نتيجة لا تتحملها أي دولة من الدول العظمى.
وفي بيان لسماحة الفقيه القائد قاسم حول صور الإصلاح في البحرين وجدّيتها، يوم الجمعة 30 أبريل/ نيسان 2021، أكّد أنّ التصحيح الجزئيّ للأوضاع الحقوقيّة وإيجاد لمسات خفيفة تصحيحية على الوضع السياسي، كالإفراج عن عدد من السجناء وإبقاء قادة المقاومة ورموزها في السجون لا يصل إلى حلّ مشكلة الداخل، ولا ينهض بضرورات الإصلاح، لافتًا إلى أنّه إذا أرادت السياسة أن تكون مخلصة وجادّة في حلٍّ ذي قيمة مؤثرة للمشكلة الوطنيّة الحادّة والمزمنة ينتج علاقة إيجابيّة مستقرة بين الشعب والحكم، فلا بدّ من الإصلاح المجذّر له تجذيرًا يضمن صدقه وجدّيته ومتانته واستمراريته من خلال دستور من إرادة الشعب ومؤسّسات دستورية راسخة راجعة لإرادته.
وأكّد الفقيه القائد قاسم أنّ شعب البحرين شعب مقاوم عن حقوقه ضحّى كثيرًا وبذل كثيرًا وسيبقى معطاءً على طريق حريّته واسترداد حقوقه، وقد سلك حراكه في عمومه أعقل الطرق وأبعدها عن العنف، والتزم قادته ورموزه بالدعوة الثابتة للمسلك السلمي في المطالبة باستنقاذ حقوقه وحريته، وهو لا يصحّ أن يُطالَب بالتسوّل والاستجداء لإرجاع حقوقه، وتقديم ورقة استرحام عسى أن تنال شيئًا من رحمة الطرف الآخر، وإلاّ فعليه أن يصمت إذا قرّر الآخر أن يهمل استرحامه أو لا يعترف له بكامل حقّه، ويختار تهميشه.
بسم الله الرحمن الرحيم
في البحرين شبكة من الأزمات الحادّة والأوضاع المربكة المهدّدة لوجودها مما صنعته السياسة الرسمية فيها، وتستطيع هذه السياسة أن تبقي هذه الأزمات وتزيد فيها وفي تعقيدها باستمرارها على النمط الذي اختارته في تعاملها مع الشعب من دون أن تميل إلى اصلاح أو تغيير.
والنتيجة أن تجد نفسها قريباً غريبة غربة فاحشة في وسطها الإقليمي والوسط العالمي كلّه ومعاكسة المسار العام للسياسة في العالم. وهي نتيجة لا تتحملها أي دولة من الدول العظمى.
ويمكن لهذه السياسة أن تفرج عن عدد من السجناء مبقية قادة ورموز المقاومة في سجونهم مع الإقدام على تصحيح جزئي للأوضاع الحقوقية وإيجاد لمسات خفيفة تصحيحية على الوضع السياسي، والنتيجة لهذا الفرض ليست بعيدة كل البُعد عن سابقتها، ولا تصل إلى حلّ مشكلة الداخل، ولا تنهض بضرورات الإصلاح.
ويمكن أن تتوسع هذه السياسة في الخيار الإصلاحي في كلٍّ من الناحية الحقوقية العامة والحق السياسي، لكن بما لا يؤدي إلى توافق سياسي مريح بين الشعب والحكم، واستقرار طويل الأمد للأمن الوطني الشامل لكلّ ما يطلب فيه الأمن، ويعطي فرصة التفرّغ من الجميع لترميم التصدّعات الكثيرة التي خلقتها السياسة الخاطئة في قلعة الوطن ووضعته على طريق الانهيار.
أمّا إذا أرادت السياسة أن تكون مخلصة وجادّة في حلٍّ ذي قيمة مؤثرة للمشكلة الوطنية الحادّة والمزمنة ينتج علاقة إيجابية مستقرة بين الشعب والحكم، وفاعلة على خط التقدّم الوطني، والتخلّص من سلبيات الماضي، ويتيح فرصة حقيقية للبناء المشترك الذي يعطي موقعاً متقدّماً للوطن على كل الأصعدة الخيِّرة؛ فلابّد من الإصلاح المجذّر له تجذيراً يضمن صدقه وجدّيته ومتانته واستمراريته من خلال دستور من إرادة الشعب ومؤسسات دستورية راسخة راجعة لارادته، وتتمتّع كلّ منها بالاستقلالية التي تمنع تغوّل أيٍّ منها على الأخرى.
وهذه الصورة من الإصلاح هي هدفٌ أصلٌ في كل حراك وانتفاضة وهبّة واعتصام ومسيرة ومطالبة كانت أو تكون على أرض الوطن، وهي الصورة التي لا يُغني عنها شيء من صور الإصلاح الأقلّ منها، وهي لراحة الجميع، وقوّة الجميع، وعزّ الجميع، وأمن الجميع، والعدل العام للجميع.
وإنّ بقاء أي سجين من سجناء الرأي الذين إنّما كان سجنهم من أجل الدفاع عن حرية الشعب وحقوقه وكرامته ودوره السياسي المسلوب؛ لهو معاكس تماماً لنيّة الإصلاح فضلاً عن تحقّقه على الأرض، ولذلك لا يَصدُق أي إصلاح إذا كان هؤلاء الأحراء في السجون.
وعلى الكتّاب في بعض الصحف الرسمية المعبّرة عن السياسة الرسمية ممن لا يحسنون اللغة في خطابهم للشعب ويسيئون لمكانته ووزن معارضته التي يعتزّ بها وتعتزّ به؛ أن يعتبروا له حقّه وموقعه وكفاءاته ويتأدبوا في الخطاب معه.
شعبنا شعب مقاوم عن حقوقه ضحّى كثيراً وبذل كثيراً وسيبقى معطاءً على طريق حريته واسترداد حقوقه، وقد سلك حراكه في عمومه أعقل الطرق وأبعدها عن العنف، والتزم قادته ورموزه بالدعوة الثابتة للمسلك السلمي في المطالبة باستنقاذ حقوقه وحريته.
هذا الشعب لا يصحّ أن يُطالَب بالتسوّل والاستجداء لإرجاع حقوقه، وتقديم ورقة استرحام عسى أن تنال شيئاً من رحمة الطرف الآخر وإلاّ فعليه أن يصمت إذا قرّر الآخر أن يهمل استرحامه أو لا يعترف له بكامل حقّه، ويختار تهميشه.
الشعب يعرف تماماً أن له حقوقاً، ويعرف حدود حقوقه، وهو متمسك بهذه الحقوق وقادر كلّ القدرة ومستعدٌّ كلّ الاستعداد للدخول في حوار منتج بشأن كلّ حقوقه من سياسي وغيره، وبصورة عزيزة ومشرّفة كلُّ همّها إحقاقُ الحقّ، وإقامة العدل وسلامة الوطن، وبناء علاقات صحيحة بينه وبين الحكم من غير استعلاء واستكبار من أحد.
وكثيراً ما دعت المعارضة للحوار الجاد المنقذ وأهمل ذلك الجانب الرسمي، وهذه الدعوة قائمة بلا توقّف.
حيَت البحرين حرّة كريمة قوية مطمئنة في ظل وضع سياسي وحقوقي عادل، التقدّم فيه للأكفأ إخلاصاً والأمن على مصالح الناس والأبعد عن القلق وبيع الدين والضمير.
وعاشت الأمّة الإسلامية كلّها عظيمة وآمنة ومتقدّمة وكريمة ومستقلّة وعزيزة.
عيسى أحمد قاسم
30 أبريل 2021