في وقت تتواصل فيه التظاهرات الشعبيّة والحراك الغاضب تضامنًا مع المعتقلين السياسيّين الذين يعيشون أسوأ الظروف اللاإنسانيّة في السجون الخليفيّة ،والتي ينقلها الأهالي عبر رسائلهم ومنشوراتهم في مواقع التواصل الاجتماعيّ، يشغّل النظام كامل أجهزته لتزييف هذه الوقائع، وخاصة وزارة الداخليّة.
فمنذ يوم السبت 17 أبريل/ نيسان 2021 نقل مرتزقة النظام أكثر من 30 معتقلًا، بعدما أصيبوا نتيجة الضرب الذي تعرّضوا له، إلى أماكن مجهولة، وهو ما سبّب حالة من القلق والخوف على مصيرهم ولا سيّما أنّ من بينهم مرضى، وعوائلهم إلى الآن لم تتمكّن من التواصل معهم، إلى جانب حالات إنسانيّة لا يوليها النظام الخليفيّ أي اعتبار ومنها المعتقلون المصابون بالسكلر.
ويطالب الأهالي بالاطمئنان على أبنائهم ومعرفة مصيرهم وسماع أصواتهم، حيث إنّ بعض المعتقلين قد انقطعوا عن الاتصال بأهاليهم منذ أسابيع، مع تعامٍ متعمّد مما يسمّى المؤسسة الوطنيّة لحقوق الإنسان والأمانة العامة للتظلّمات اللتين تعملان على تبييض صورة النظام بدلًا من تأدية الوظيفة التي من المفترض أنّهما تأسّستا لأجلها.
لقد تناولت المنظّمات الحقوقيّة ووسائل الإعلام العربيّة والأجنبيّة ما حصل في الهجوم الوحشيّ السبت الماضي، وهو ما استدعى تدخّل إعلام النظام الخليفيّ ليتصدّى لهذه الانتقادات المهنيّة بعدما لم ينجح في إخفاء حقيقة الدماء التي غطّت أرضيّة السجن وإخفاء المعتقلين، حيث بثّ تلفزيون البحرين الرسميّ برنامجًا خاصًا، ردّ فيه على ما وصفه بالمزاعم والادّعاءات الباطلة التي نشرتها قناة الجزيرة القطريّة بشأن الأوضاع الحقوقيّة في سجن جوّ المركزيّ، تضمن مقابلات أجراها مع بعض المعتقلين الذين تمّ اختيارهم لتأكيد حصولهم على حقوقهم كافّة، بما في ذلك تمكينهم من إجراء الاتصالات المرئيّة مع ذويهم، والإشادة بالرعاية الطبيّة الكبيرة التي يحصلون عليها، خصوصًا على صعيد التصدّي لوباء «فيروس كورونا»، وما تقوم به إدارة السّجن من إجراءات احترازيّة وتوفير رعاية صحيّة متطوّرة – على حدّ تعبيره.
اللافت في البرنامج مداخلة مدير سجن جوّ «هشام الزياني» الهاتفيّة، وهو المتورّط الأوّل بإجبار المعتقلين على الإدلاء بهذه التصريحات، حيث سبق له تهديد المعتقلين الذين يتحدّثون لأهاليهم وللخارج عن أوضاعهم ومعاقبتهم، وقد قال في مداخلته إنّ إدارة السّجن ملتزمة بتطبيق الخدمات الواردة في القانون، وفي مقدّمتها الرعاية الطبيّة الكاملة، وخاطب أهالي المعتقلين بأنّ أبناءهم يحصلون على جميع حقوقهم، ويتلقّون الرعاية الطبيّة على مدار الساعة، وهم بحالة صحيّة مستقرّة، بصفتهم أمانة يعملون على الحفاظ عليها – على حدّ زعمه.
وكرّر رئيس اللجان الطبيّة بوزارة الداخليّة مزاعمها بأنّه في الوقت الحالي لا يوجد أيّ سجينٍ مصاب بفيروس كورونا، بينما المؤكّد أنّ الإصابات قد ناهزت المئة بين المعتقلين السياسيّين وهوما كشفته التقارير الحقوقيّة والأهالي.
وزعمت رئيسة المؤسّسة الوطنيّة لحقوق الإنسان «ماريا خوري» أنّ الوضع الصحّي للمعتقلين مطمئن، وأنّ كلّ ما أُثير عن تعرّضهم للضرب المبرح أو التعذيب غير صحيح إطلاقًا، وأضافت أنّ المؤسّسة عاينت الأمر فعليًا، وتبيّن أنّها مجرّد ادّعاءات غرضها إثارة حالة من عدم الاطمئنان لدى أهالي المعتقلين، وأنّها وجدت أنّ السّجن ملتزم بالمعاملة الإنسانيّة مع جميع النّزلاء – على حدّ زعمها.
إلى هذا يواصل الأهالي مطالبتهم بالإفراج عن أبنائهم المعتقلين حيث تخرج التظاهرات الغاضبة وتقام الاعتصامات الاحتجاجيّة يوميًّا في البلدات والمناطق.