بسم الله الرّحمن الرّحيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة/ 183]
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسّلامُ على النبيِّ الأكرمِ والرّسولِ المسدّدِ «محمدٍ بنِ عبدِ الله» وعلى آلِهِ الطيّبينَ الطاهرين.
اللّهم وفّقْنا توفيقَ الصالحينَ، وأحينا حياتَهُم وأمِتْنا مماتَهُم، واشرحْ صُدورَنا، ويسّرْ أمورَنا، ونوّرْ قلوبَنا بنورِ العلمِ والمعرفةِ واليقينِ، واجعلْ جوارحَنَا اليومَ مطيعةً وذاكرةً لك كي تشهدَ لنا بالخيرِ يومَ نلقاكَ برحمتِكَ يا أرحمَ الرّاحمين.
يحُلُّ علينا شهرُ رمضانُ المبارك، شهرُ البرِّ والإحسانِ، شهرُ المحبّةِ والتسامحِ، شهرُ المغفرةِ والرّضوانِ، شهرُ الصدقاتِ والقُرُباتِ، وشهرُ المسارعةِ إلى الخيراتِ والطاعاتِ، كما قالَ سبحانه وتعالى في مُحكمِ كتابِهِ وجليلِ خطابِهِ: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ}، والمسارعةُ هنا بالابتعادِ عن معصيةِ اللهِ سبحانه وتعالى، وبالعملِ الصالحِ والإكثارِ من الذكرِ والصدقةِ، والدعاءِ ليلًا ونهارًا، وإذ نتوجّهُ إلى شعبِ البحرينِ المسلمِ المقاومِ، وإلى أمّتِنا الإسلاميّةِ بأطيبِ التهاني وأسمى التبريكات، نسألُ اللهَ أنْ يمنَّ علينا بالمغفرةِ والهدايةِ، وأن يكتبَ لشعبِنا النصرَ والفرجَ القريبَ.
شهرُ رمضانَ كلُّه شهرٌ مُباركٌ، بأيّامِهِ وليالِيهِ، بساعاتِهِ ودقائقِهِ وثوانيه، ففي هذا الشّهرِ الكريمِ نحنُ ضُيوفُ الرّحمنِ ومنْ أهلِ كرامتِهِ؛ فكما قالِ نبيُّنا محمّدٌ «صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلّمَ»: «شهرٌ دُعيتُمْ فيه إلى ضيافةِ اللهِ وجُعِلتُمْ فيهِ من أهلِ كرامةِ الله»، فكيفَ يَنْبغِي أن نستعدَّ لفُيوضاتِ هذا الشّهرِ الكريمِ؟ وكيف نستقبلُ هذه الضّيافةَ العظيمةَ، ضيافةً يُكونُ فيها النّفسُ تسبيحًا، والنّومُ عبادةً، والدّاعي إلى هذه الضّيافةِ النوعيّةِ هو اللهُ «عزَّ وجلَّ» الجامعُ لكلِّ صفاتِ الكمالِ، وفي شهرٍ هو من أعظمِ الشّهورِ عندَهُ سبحانه وتعالى؟ أليسَ من حقِّ هذا الشّهرِ علينا أن نفرحَ بقُدومِهِ، ونتهيّأَ لهُ ونُحسِنَ استقبالَهُ بالإقبالِ على الطاعاتِ وتركِ المعاصي؟ وما أكثرُ السّبلِ لذلك.
أمّا حول التّطوّراتِ الأخيرةِ، وعطفًا وتأييدًا لتوصياتِ الشّيخ القائدِ والمُقاومِ المجاهدِ آيةِ الله «الشّيخِ عيسى أحمد قاسم» الحريصِ على دينِ الله، والمُدافعِ عن ظُلاماتِ الشّعبِ، والمُصرِّ على تبييضِ السّجونِ من كافّةِ السّجناءِ السّياسيّينَ، والتوجّهِ ناحيةَ الحلِّ الجديِّ الشّاملِ الذي يضمنُ كرامةَ الشّعبِ، نقولُ للحُكومةِ الجائرةِ وغيرِ الشّرعيّةِ وللنظامِ الغاشمِ «إنْ أردْتُم سلامةَ الوطنِ واستقرارَهُ وخيرَهُ للجميع، فاسمعوا وعُوا كلامَ الحكيمِ والناصحِ الأمينِ، وأَفرِجوا عن السّجناءِ السّياسيّينَ، وانصاعوا لمطالبِ الشّعبِ الحُرِّ الكريمِ».
وفيما يتعلّقُ بالحراكِ الشّعبيِّ، فقد أوْصَى سماحتُهُ بحراكٍ بمستوى الأهدافِ المشروعةِ لا يميلُ عن الحقِّ والعدلِ، وطلبِ الإصلاحِ، وحبِّ الأمنِ والسّلامِ والخيرِ للوطنِ وأُناسِهِ الخيّرينَ، ونحنُ نقولُ لسماحتِهِ «سمعًا وطاعةً لكم، نأتمرُ بأمرِكُم وننتهي بنهيكُم، لأنَّ أمرَكُم من أمرِ الدّينِ ونهيَكُم من نهيِهِ، لن نتراجَعَ ولن نعجزَ وسنصرُّ دومًا على تبييضِ السّجونِ من كافّةِ المعتقلينَ السّياسيّينَ، وسنبقى نطالبُ بكرامتِنا وحقِّنا في تقريرِ مصيرِنا واستردادِ حقوقِنا المسلوبةِ ظلمًا وعدوانًا، وسنظلُّ ثابتينَ في مناصرةِ قضيّةِ القُدسِ المركزيّةِ، ورافضينَ كافّةَ أشكالِ التطبيعِ مع الكيانِ الصهيونيّ».
ولِشَعبِنا العَزيزِ الذي لا يعرِفُ الذُّلَّ ولا يقبلُ الانكسارَ أو الاستسلامَ، ولا يرضى بأن يُرغَمَ على الخُضوعَ مهما اشتدّتِ الخُطوبُ والتّحدّياتُ وتوالتِ الكُرُوبُ، في مرحلتِنا الرّاهنةِ التي تفشّى فيها الوباءُ القاتلُ في العالمِ، وسرى إلى سجونِ النّظامِ المكتظّةِ بآلافِ المعتقلينَ، حيث استشهدَ نتيجةَ الإهمالِ وعدمَ الرّعايةِ الطُّبيّةِ الرّجلُ المُجاهدُ «عباسُ مال الله»، علينا المُوَاصلةُ واستمرارُ الزّخمِ الشّعبيِّ المنادي بالإفراجِ عنهم وعن رموزِنا الصامدينَ المُخلصينَ لله وللشّعبِ، وعنِ المعتقلةِ السّياسيّةِ الوحيدةِ «المهندسةِ زكية البربروي»، وعلينا أن نعزّزَ تضامُنَنا ووُقوفَنَا معهم ومعَ ذويهِم، وهنا نؤكّدُ للنظامِ الفاقدِ للشرعيّةِ «نحنُ شعبٌ لا يتركُ أسراهُ في السّجونِ، وهيهاتَ منَّا الذلّةُ، يَأبى اللهُ لنا ذلك ورسولُهُ والمؤمنون، وحُجورٌ طابتْ وحُجورٌ طهُرَتْ».
وللمُعتقلينَ الأبطالِ «سلامٌ عليكُمْ أيّها الأسرى المُغيّبونَ في السّجونِ، سلامٌ عليكُم حين تصومونَ وتجوعونَ، سلامٌ عليكُم حين تفطرونَ، حفِظَكُم اللهُ جميعًا من الأمراضِ، وفكَّ قيدَ الأَسرِ عنكم، وكما كُنتُم أحرارًا قبل اعتقالِكُم، وكما أنتم الآن أحرارٌ بإرادتِكُمْ رُغمَ القيودِ الظالمةِ، ستخرجونَ بإذن الله أحرارًا مرفوعِي الهامةِ بعزّةٍ وكرامةٍ».
رئيسُ مجلسِ شورى ائتلافِ 14 فبراير
الثلاثاء 30 شعبان المعظّم 1442 هـ – الموافق 13 أبريل 2021 م