صدّق البرلمان الأوروبيّ، يوم الخميس 11 مارس/ آذار 2021، بالأغلبية المطلقة على مشروع قرار عاجل يدين انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، ولا سيّما حالات المحكوم عليهم بالإعدام والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وحظِيَ مشروع القرار بتأييد 633 نائبًا من أصل 689، حيث أدان زيادة استخدام عقوبة الإعدام، واستمرار استخدام التعذيب ضدّ المعتقلين، واضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان، واستمرار تجريد المواطنين البحرينيّين تعسّفًا من جنسيّتهم، واستخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية والمهينة ضدّ المعتقلين، بمن فيهم المتظاهرون السلميّون والمدنيّون.
ولفت البرلمان الأوروبيّ إلى حقيقة أنّ ثمّة 26 محكومًا عليهم بالإعدام يواجهون الإعدام الوشيك، وحثّ النظام على التعجيل بوقف تنفيذ هذه الأحكام، مستنكرًا فشل أجهزته، ولا سيّما وحدة التحقيقات الخاصّة، في إجراء تحقيق في مزاعم تعرّض المحكوم عليهما بالإعدام «محمد رمضان وحسين موسى» للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، مبديًا أسفه لصمت أمانة التظلّمات بشأن هذه القضيّة، مطالبًا بإعادة محاكمتهما بحيث تتوافق مع المعايير الدوليّة للمحاكمة العادلة، ولا تستند إلى الأدلّة التي تمّ الحصول عليها تحت التعذيب- على حدّ تعبيره.
كما دعا إلى الإفراج الفوريّ وغير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان وسجناء الرأي، بمن فيهم «عميد الحقوقيّين الأستاذ عبد الهادي الخواجة، وناجي فتيل، والأستاذ عبد الوهاب حسين، وعلي حاجي، والشيخ علي سلمان، والأستاذ حسن مشيمع»، الذين احتُجزوا وحُكم عليهم لمجرّد ممارسة حقّهم في حرية التعبير، مشدّدًا على ضرورة أن يتوقف النظام عن مضايقة الأفراد وسجنهم وتعذيبهم ومعاقبتهم تعسفًا لمجرّد ممارسة حقوقهم المدنيّة والسياسيّة وحريّاتهم في تكوين الجمعيّات والتجمّع والتعبير.
وطالب البرلمان الأوروبيّ النظام الخليفيّ بالتعاون الكامل مع هيئات الأمم المتّحدة، ودعوة جميع المقرّرين الخاصّين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة إلى زيارة البحرين والتعاون الجدّي معهم، والسماح لمسؤولي الاتحاد الأوروبيّ والمراقبين المستقلّين وجماعات حقوق الإنسان بزيارة السّجون، والتقيّد بالتزاماته وواجباته بموجب اتفاقيّة الأمم المتّحدة لمناهضة التعذيب، والتصديق على البروتوكول الاختياريّ لاتفاقيّة مناهضة التعذيب.
وأوصى الاتحاد الأوروبيّ بحظر تصدير أيّ شكلٍ من أشكال المعدّات الأمنيّة وبيعها للنظام، بالإضافة إلى تحديثها وصيانتها، والتي يمكن استخدامها أو توظيفها للقمع الداخليّ، كما حثّ دائرة الشؤون الخارجيّة والدّول الأعضاء على ضمان أن يكون الحوار غير الرسميّ حول حقوق الإنسان مع البحرين موجّهًا نحو تحقيق نتائج ملموسة، وتعليقه إذا ما تمنّع النظام عن المشاركة بشكل هادفٍ وصادقٍ في تحسين وضع حقوق الإنسان- على حدّ وصفه.
هذا ولا تزال أجهزة النظام الخليفيّ في استنفار متواصل ردًّا على هذا القرار، آخذة على عاتقها مهمّة الدفاع عن سجلّ النظام، واستنكار ما خلص إليه البرلمان الأوروبيّ.
فقد أدان ما يسمّى «مجلس الشورى» ما وصفه بـ«المعلومات المغلوطة» والحقائق المزيّفة التي وردت في القرار الصادر عن البرلمان الأوروبيّ بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، مشدّدًا على رفضه القاطع للتدخّل «السافر» منه في الشؤون الداخليّة للبحرين، وتعمّد تزييف الحقائق، والتعرّض لها بصورة سيّئة ومستنكَرة، معتبرًا أنّ هذه «الممارسات العدائيّة» تمثّل خرقًا واضحًا للمعاهدات والاتفاقيّات الدوليّة، والتفافًا واضحًا على الأعراف البرلمانيّة- على حدّ تعبيره.
أما وزارة الخارجيّة الخليفيّة فقد رأت أنّ القرار تضمّن ادّعاءات كاذبة ومغالطات لا تمتّ للواقع بصِلة، استنادًا إلى مصادر مناوئة وغير نزيهة، وفق قولها.
واستغربت رئيسة ما تسمّى المؤسّسة الوطنيّة لحقوق الإنسان المدعوّة «ماريا خوري» القرار، معتبرة أنّه تضمّن تجاهلًا للجهود التي بذلها النظام لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.
وقالت خوري في بيان للمؤسّسة الوطنيّة إنّ قرار البرلمان الأوروبيّ تجاهل السجلّ الحقوقيّ للنظام الذي يحفل بالعديد من الإنجازات، وإنّه كان من الأولى على البرلمان التواصل مع الآليّات الوطنيّة التي تتمتّع جميعها بالاستقلاليّة التامّة والكاملة في مباشرة جميع المواضيع ذات العلاقة بحقوق الإنسان، والمعنيّة بحماية وتعزيز حقوق الإنسان في البحرين، واستقاء المعلومات الصحيحة منها، بحسب تعبيرها.
ورأت أنّ على البرلمان الأوروبيّ القيام بالعمل المهنيّ، والاستناد إلى أدلّة ومعلومات صحيحة من جهات رسميّة أو من خلال الآليّات الوطنيّة المستقلّة، وأكّدت استعداد المؤسّسة التام للتعاون معه فيما يتعلّق بوضع حقوق الإنسان في البحرين بكلّ مهنيّة ومصداقيّة- على حدّ زعمها.
وزعمت وحدة التحقيق الخاصّة بأنّها ستفتح تحقيقات فيما نشرته بعض المنظّمات بشأن تعرّض عددٍ من المتّهمين لإساءة المعاملة، والعمل على التوصّل لأيّ بيانات أو معلومات جديّة واتّخاذ ما يلزم بحسب الأحوال.