يقول الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم «دام عزّه»:
«على الذين يطلبون النصر أن يعلموا أنّ طريق النصر صَعبٌ وقد يطول ويطول طريقه، وعِدَّةُ الصبر على تحدّياته وتضحياته، نفسٌ سلّمت أمرها إلى الله ورضيت به وأيقنت بكماله وغناه عن عباده وافتقارهم إليه وصِدق وعده ووعيده، هذه العُدّة كافية بأن تحميني من السقوط وأنْ تُثبّت قدمي على الطريق».
يعيش الإنسان في هذه الحياة ولا يعرف ما تكون خاتمته، ولا يعلم ما تكون بدايات حياته الأخرى، فتراه يُتعبُ نفسه كدًّا ليوفّر الرفاه له ولعائلته، مشغولًا في التحصيل الأكاديميّ ليشغل المناصب العليا، غير أنّه في أشدّ الغفلة عن الحياة الأبديّة، والتي تتطلّب أيضًا كدحًا متواصلًا، يقول الله «عزّ وجلّ» في كتابه المجيد: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}، فالغاية هي يوم الملتقى مع الله، يوم الحساب.
إنّ هذه الغاية تُعدّ مرام الكادحين في ذات الله، الذين عملوا في بناء ذواتهم لينجوا من العذاب ويفوزوا بالنعيم، فالكدح في هذا الدنيا مربوطٌ بالله وشريعته، والدفاع عن دينه وعباده المظلومين، ولا سيّما أنّ الله وعد الإنسان المجاهد بأن يهديه إلى الطريق الصحيح، حيث يقول عزّ من قائل: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.
من هنا تأتي أهميّة الحياة الجهاديّة للإنسان المؤمن، جهاد النفس وجهاد العدوّ الخارجيّ، فجهاد النفس يعني أن يتغلّب على شهوة الجاه، شهوة المنصب، شهوة السمعة، شهوة التسلّط، وجهاد العدوّ الخارجيّ بكافة الأساليب المشروعة، وفي مقدّمتها المقاومة الحسينيّة التي تعدّ أرقى درجات الجهاد والمقاومة.
في ثورة البحرين، لدينا نماذج عدّة للشباب المجاهد الذي عاش حياته مجاهدًا ومقاومًا وسائرًا في طريق الكدح إلى الله، ومنهم شهيد البحرين الكبير «السيد علي الساري (أبو هادي)»، رحمة الله عليه، فقد عاش حياته صابرًا مكافحًا، ومضى على طريق الحقّ والحريّة، والمطالبة بتقرير مصير شعب البحرين.
إنّ للشهداء البحرانيّين حقًّا علينا في تبيان حياتهم الجهاديّة، وما صنعوه من أجل بلادهم في كافة المجالات: الإعلاميّة والسياسيّة والثقافيّة والميدانيّة، وإنّ شهيدنا «أبا هادي» لهو من الشباب الذين باعوا أنفسهم من أجل عزّة عباد الله وكرامتهم، فحريٌّ بنا أن نقتدي به وبسيرته العطرة ونجعله مثالًا للمقاومين الشرفاء يُحتذى به.