تمرّ الذّكرى السنويّة الرّابعة لاستشهاد كوكبة من أعزّ شبابنا المقاومين في البحرين، ونحن في أعلى حالات اليقين بنصر الله للمؤمنين، وهي ذكرى إعدام الشّهداء «سامي مشيمع وعباس السميع وعلي السنكيس»، الإعدام الذي تمّ بناءً على حكم استند إلى اعترافات باطلة، وبإمضاء من ديكتاتور البحرين حمد بن عيسى.
إنّا لنستذكر هذه الجريمة النّكراء في ظلّ فرار الطاغية حمد والمجرمين الذين يحيطون به من العدالة الوضعيّة، بيد أنّهم في دائرة الاستدراج الإلهيّ، وهو أشدّ عقوبة للظّالمين، وكذلك نستحضر الدّروس الكبيرة لذوي الشّهداء الأبرار الذين عانوا أشدّ المعاناة من استفزازات السّلطة الخليفيّة الغاشمة، لكنّهم أدّوا دور البطولة الزينبيّ بكلّ إتقان، وخُلِّدت مواقفهم بسبب صمودهم الكبير.
فصرخة والدة الشّهيد «سامي مشيمع» قرب المغتسل، والتي نادت فيها: «ما رأيت إلّا جميلاً» رجّت أسماع الأمّة وهزّت الضّمائر الحيّة، وأعادت الذّاكرة لعام ٦١ للهجرة، حين قالت هذه العبارة امرأة كانت أسيرة لدى الحاكم، وكانت للتوّ قد رأت جسد أخيها مبضّعًا بالسّيوف ومحزوز النّحر من الوريد إلى الوريد.
صرخة والدة الشّهيد مشيمع كانت شعارًا تغنّى به كلّ حرٍّ أمسى يقتدي بسادته من آل بيت العصمة (ع)، وصار يبحث عمّا وراء هذا الرّضا والتّسليم لقضاء الله وقدره، وإنْ كان الثّمن هو روح أعزّ النّاس إليه، لأنّه في سبيل الله «عزّ وجلّ»، وفي طريق مرضاته، وعلى خطّ أداء التّكليف.
إنّنا مدعوّون إلى التعرّف إلى فلسفة هذه الصّرخة، والبحث في دلالاتها، ومقاربتها بواقعة كربلاء، أكبر واقعة على مرّ التّاريخ من حيث وضوح جبهة الحقّ وجبهة الباطل، وإصرار كلّ جبهة على موقفها، حيث تسامت جبهة الحقّ وتسافلت جبهة الباطل، وأدّت جبهة الحقّ واجبها الإلهيّ في الدّفاع عن دين محمد (ص) ومارست جبهة الباطل أبشع صور الدناءة الإنسانيّة.
تصحّ مقارنة موقف والدة الشّهيد «سامي مشيمع» بموقف سيّدتها «زينب بنت علي (ع)»، وإنْ كانت هذه الوالدة الثّكلى تلميذة وفيّة في مدرسة سيّدتها، فإنّها كانت ملهمة لكلّ الأمّهات الصابرات اللاتي فقدن فلذات أكبادهنّ في طريق إعلاء كلمة الله وإحقاق الحقّ وإزهاق الباطل.