قال رسول الله (ص): “يا أباذر إنّ النّصر مع الصّبر والفرج مع الكرب وإنّ مع العسر يسراً” [بحار الأنوار]
يمكن الاستنتاج من الحديث الشّريف أعلاه أنّ هناك معيَّة لا ريب فيها بين النّصر والفرج واليسر من جانب؛ والصّبر والكرب والعسر من جانب آخر، وهذه المعيَّة حدّدها الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد وعلى لسان حبيبه (ص)، وذلك في إطار تربية الفرد والمجتمع، ومحاولة صياغته بطريقة تمكّنه من مواجهة المصاعب والابتلاءات.
لما كانت حياة المجتمع المؤمن في مواجهة دائمة مع المستكبر والظّالم، وبعيدة عن المهادنة الدائمة أو الطّويلة، فإنّه بحاجة إلى التزوّد بمعارف ربانيّة تؤهّله لإدارة هذا الصّراع، والنّجاح في تخطيه وتثبيت العقيدة الصّحيحة بين أفراد المجتمع، ومن ضمن هذه المعارف: الالتزام باستراتيجيّة “الصّبر” لنيل النّصر الأكيد، وهو وعد الله، وحاشى لله أن يُخلِف الميعاد.
وفي هذا المجال يتبادر لذهن المرء عدّة استفهامات، ومن أهمّها: كيف يكون الصّبر؟ أبجهل الوقائع وما تحويها من دروس؟ أم بمتابعة أحوال الأمّة واستخلاص العِبَر، وتكوين البصيرة، وترتيب أثر عمليّ؟ فحينما يصرّح الرّسول الأكرم (ص): “الصَّبْرُ خَيْرُ مَرْكَبٍ، مَا رَزَقَ اللَّهُ عَبْداً خَيْراً لَهُ ولَا أَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ” فإنّه يؤكد أنّ الأزمات والصّعوبات التي تعتري طريق المؤمن إنّما يرافقها الخير الواسع بشرط التزام “الصّبر”.
هنا يتطلّب أن يكون المؤمن واعيًا أشدّ الوعي، وألّا ينزلق مع العقل الجمعيّ الذي قد ينحرف عن الجادّة، بل يكون هو مصدر إلهام وتوجيه للمجتمع، لما تحصَّله من وعي وثَبُتَ عليه، واستطاع أن يسير في طريق النّصر الذي وَعَدَ الله.