قال تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} [الزخرف/54]
تُظهِر لنا الآية الكريمة، وبحسب مفسّري كتاب الله، أنّ فرعون الطاغية قد استخفّ بعقول قومه، ووجدهم منقادين إليه وطائشين، بل نزقين لا رشد لهم ولا وعي ولا بصيرة، يهتفون مع كلّ هاتف، فمضى في خطّته الاستكباريّة، واستعبد الناس وسيّرهم وفق هواه، وهم صدّقوا ظنّه فيهم حين أطاعوه ورضوا بحالة العبوديّة الذليلة.
وقد احتجّ فرعون بمُلكِه وأمواله ومصوغاته الذهبيّة وقصره الشامخ ليقنع قومه بأنّه «ربٌّ»، في مقابل موسى الفقير، حينذاك «استخفّ» بعقولهم ليتّبعوه ويسلّموا له بدلاً من أن يؤمنوا بشريعة نبيّ الله «ع»، تلك الشريعة التي كانت تحمل الحقّ والعدل والنجاة من الخديعة والنار وعذاب الحريق.
يُعدّ بسطاء الناس وسائل طيّعة للمستكبرين، ولذا يكون التحرّك الاستعماريّ الغاشم دائمًا باتجاه الجهل والغفلة في أوساط المضطهدين، ويحاول جاهدًا حرف الجماهير عن الوعي والثبات واليقظة الدائمة، لذلك ترى الطغاة دائمًا وأبدًا في طريق إخضاع الناس لهم وتركيعهم، وكأنّهم آلهة، ويُلقون أوامرهم وكأنّها أوامر مقدّسة لا نقاش فيها، فبعد أن استخفّ قومه أخذ فرعون ينادي في مملكته «أنا ربّكم الأعلى!».
وطواغيت اليوم في مختلف البلدان يسعون وراء ممارسات قدوتهم الأولى «فرعون»، فها هم يستخفّون عقول الشعوب بواسطة وسائل الاتصال، والإعلام الورقيّ والرقميّ، كالصحف والمطبوعات، ووسائل التواصل الاجتماعيّ، والراديو والتلفزيون للوصول الى أهدافهم التخريبيّة والمدمّرة للحضارات.
من هنا جاء شعار «الوعي والثبات» لهذا العام، كي يكون مندكًّا في أعماق الثقافة المقاومة لشعب البحرين الأصيل، والذي يرفض أن «يُستخفّ» به من قِبَل الطواغيت الخليفيّين وأسيادهم من دول الاستكبار العالميّ.