بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ والصلاة وُالسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ، نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِ بيتِهِ الطيّبينَ الطاهرينَ.
أيّها الأحبّةُ، السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته..
قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد: {وَلَا تَهِنُوا۟ وَلَا تَحْزَنُوا۟ وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران/130]
ها نحنُ نعودُ معكُم من جديدٍ لِنستقبلَ عامًا ثوريًّا جديدًا من أرضِ عاصمةِ الثورةِ وجزيرةِ الشهداءِ سترةِ الإباءِ والبطولةِ، نستقبلُ عامًا ملؤُهُ الأملُ بالغدِ الواعدِ بالحريّةِ والعزّةِ والكرامةِ، ونودّعُ عامًا كان محطّةَ اختبارٍ للعالمِ أجمع، فقد شهد العامُ 2020 محنةً وبلاءً كبيرَين بسبب تفشّي جائحةِ كورونا، وكان لذلك آثارٌ واضحةٌ على مستوى الحراكِ الثوريِّ المتواصلِ منذ العام 2011، حيث جُمّدَ الكثيرُ من الأنشطةِ نتيجةَ ذلك، تقديمًا للرأيِ الطبيّ وحرصًا منّا على سلامةِ أبناءِ شعبِنا العزيزِ الكريم.
أيُّها الأحبّةُ، يطيبُ لنا من جديدٍ أن نُخاطبَكُم من أرضِ عاصمةِ الثورةِ سترةِ الإباءِ في مطلعِ العام 2021، لِنقفَ عند بعضِ النقاط:
أوّلًا: نشدّدُ على تبييضِ السجونِ من كافةِ المعتقلينَ السياسيّينَ وسجناءِ الضميرِ والرأي، وفي طليعتِهِم الرموزُ القادةُ المغيّبونَ ظلمًا في السجون، ومعتقلةُ الرأيِ الوحيدةُ «زكيّة البربوري»، ونرى أنّ هذا الأمرَ لا يقبلُ التأجيل، وموقفُنا في ذلك هو من موقفِ شعبِنا الأبيّ، حيث نرفضُ أن يدخلَ هذا الملفُّ في بازارِ المساومة والمزايداتِ غير المنطقيّة، فحقُّ الحُريّةِ والتعبيرِ عن الرأي ثابتٌ للجميعِ ولا مناصَّ عن ذلك أبدًا.
ثانيًا: نؤكّدُ استمرارَنا في الثورةِ المجيدةِ حتى تحقيقِ أهدافِها المشروعةِ، وفي مقدّمِتها نيلُ حقِّ تقريرِ المصير، وإنجازُ جميعِ الاستحقاقاتِ الوطنيّةِ اللازمةِ والواجبةِ التنفيذ، فشعبُنا الأبيُّ الذي ضحّى بالغالي والنفيسِ طيلةَ 10 سنوات هي عمرُ ثورتِهِ، وصمدَ رغم قساوةِ القمعِ والتنكيلِ، يقفُ شامخًا أمام استحقاقاتٍ وطنيّةٍ لا تقبلُ التأجيلَ والمصادرةَ، ولا تقبلُ الالتفافَ والمراوغةَ، ومفتاحُ الحلِّ السياسيِّ يكمنُ في الاعترافِ بحقِّهِ في تقريرِ مصيرِهِ السياسيّ، وأن يكون مصدرًا حقيقيًّا للسلطاتِ التي تأخذُ شرعيَّتَها من أبنائِهِ عبر صناديقِ الاقتراعِ بالطرقِ العادلةِ والمشروعةِ، وعلى قاعدةٍ أصيلةٍ هي «صوتٌ لكلِّ مواطن».
ثالثًا: إنّنا في هذا اللقاءِ نعلنُ شعارَ العامِ الثوريِّ الجديدِ، عامِ ألفين وواحد وعشرين ميلاديّ، وهو: «وعيٌ وثباتٌ»؛ فنحنُ اليومَ نعيشُ مرحلةً بالغةَ الأهميّةِ من عُمرِ ثورتِنا المجيدةِ والتي تشهدُ تحوّلاتٍ إقليميّةً ودوليّةً متسارعةً، الأمرُ الذي يتطلّبُ وعيًا مجتمعيًّا وحضورًا سياسيًّا قويًّا وثوريًّا فاعلًا على مختلفِ المسارات، فنحنُ بحاجةٍ إلى ثباتٍ متواصلٍ في ميادينِ العزّة والكرامةِ، وإصرارٍ وإرادةٍ على تحقيقِ الأهدافِ التي رفعناها طوال العشرِ سنوات الماضية، وهي أهدافٌ مشروعةٌ وحقوقٌ ثابتةٌ للشعبِ لا يُمكِنُ التنازلُ عنها، لذا، فلنجعلْ من هذا العامِ عامًا للوعي المجتمعيّ والفاعليّةِ الثوريّةِ والثباتِ المتجذّرِ حتى تحقيقِ كاملِ الأهدافِ المرجوّةِ، والاستمرارِ في كافّة الفعاليّاتِ المقاومةِ للتطبيعِ مع الصهاينةِ ومقاطعةِ كلِّ السلعِ والشركاتِ المطبّعة.
رابعًا: لقد شهد العامُ الماضي وهو عامُ «الصبرِ والاستقامة» العديدَ من المحطّاتِ المهمّةِ، وكان بلاء فايروس كورونا مسيطرًا على المشهدِ العام، ومع ذلك فقد شهدتِ الساحةُ العديدَ من المواقفِ الثوريّةِ المشرّفةِ في خروجِ التظاهراتِ والمسيراتِ لإحياءِ المناسباتِ الوطنيّةِ والثوريّة وكان من بينها تظاهراتُ التنديدِ بجريمةِ قتلِ الشهيدِ الحاجِ قاسم سليماني والشهيدِ أبو مهدي المهندس ورفاقِهِما في بغداد، والمقاوِمةِ للتطبيعِ الخليفيّ مع الصهاينة، كما عاش على الضفّةِ الأخرى الأحبّةُ المعتقلونَ السياسيّونَ معاناةً مضاعفةً نتيجةَ حرمانِهم من لقاءِ ذويهم، وتمنُّعِ النظامِ الخليفيِّ عن الإفراجِ عنهم مع كلِّ الخطرِ الكبيرِ المحدقِ بهم نتيجة تفشي هذا الفايروس بشكلٍ كبيرٍ في البحرين.
ومن بين آلافِ المعتقلينَ السياسيّينَ، لا تزالُ امرأةٌ زينبيّةٌ مغيّبةً ظلمًا خلف القضبان، امرأةٌ لم يهزّها الحكمُ الجائرُ بحقّها، بل قالت في رسالتِها بثبات، «باعتباراتي، لا أعُدّ السجنَ محنةً بل منحةً، تُوجِبُ عليَّ إدامةَ الشُكرِ وإطالتِهِ وإن كان في ظاهرِهِ نقمةً، إلا في مكنونهِ جُملةٌ من النعم» فكانت كلماتُها عنوانًا للصمودِ الشعبيِّ والثباتِ الزينبيِّ، وكانت هي مثالًا للمرأةِ البحرانيّةِ التي شكّلتْ على مدى سنوات الثورةِ العشرِ نموذجًا استثنائيًا في صمودِ الموقفِ ومؤازرةِ الحراكِ الشعبيِّ المتواصلِ، فمن هنا، من عاصمةِ ثورتِنا سترةِ الإباء، وتكريمًا لدورِ المرأةِ المحوريّ، نُعلنُ المهندسةَ معتقلةَ الرأي «زكيّة البربوري» شخصيّةَ عامِ الصبرِ والاستقامة ٢٠٢٠، لما تجسّدُهُ من قيمةِ الصمود في وجهِ الظلمِ والاضطهاد السياسيّ، وهي المعتقلةُ السياسيّةُ الوحيدةُ اليومَ في سجونِ النظام الخليفيّ، ونُشدّدُ على حقِّها الفوريّ في نيلِ حريّتِها من دون قيدٍ أو شرط.
خِتامًا: ونحنُ نستقبلُ عامًا ميلاديًّا ثوريًّا جديدًا، نهيبُ بجماهيرِ شعبِنا للجهوزريّةِ والاستعدادِ لإحياء الذكرى السنويّة العاشرة لانطلاقة ثورتِنا المجيدة في 14 فبراير 2021، وكونوا على ثقةٍ بأنّنا نقتربُ يومًا بعد يوم من تتويجِ هذه المسيرةِ الحافلةِ بالعطاءِ والجهادِ والتضحيةِ باستحقاقاتٍ وطنيّةٍ لن يستطيعَ حلفاءُ النظامِ الخليفيِّ تجاهلَها أو الفرارَ منها، فمعًا مستمرّونَ في ثورتِنا المباركةِ حتى تحقيقِ أهدافِها السامية، وما النصرُ إلّا من عند الله.
ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الجمعة 1 يناير/ كانون الثاني 2021
عاصمة الثورة سترة – البحرين المحتلة