أكّد الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم أنّ نتائج التطبيع الخطرة والكارثيّة على الشعوب الواقعة تحت سيطرة الحكومات المطبّعة بالخصوص وسائر شعوب الأمّة بالدرجة الثانية، والتي قرأها أحرار الأمّة، قد بدأت تظهر بسرعة وبصورة متلاحقة.
وفي بيان له يوم الثلاثاء 1 ديسمبر/ كانون الأوّل 2020 أوضح أنّ ذلّ الأنظمة المطبّعة أمام العدوّ الصهيوني الذي بَرَزَ للعيان بقوّة في المدّة الوجيزة من توقيع صكّ الخزي والخيانة والذي تسعى لفرضه على الشعوب؛ هو من هذه النتائج الوخيمة، ويراد منه قتل روح العزّة والإباء والاستقلال، والإيمان بروح الريادة والقيادة في الأمّة.
ولفت سماحته إلى أنّ أبناء الأمّة ونخبها لن يقبلوا بمثل هذا الذلّ والهوان الذي يتنافى مع تركيبتهم الفكريّة والنفسيّة، ولن يصبروا عن مقاومته بشدّة غير معهودة، فإنّه لا صبر على ما فيه ضياع الأمّة وسقوطها لهذا الحدّ، وفق تعبيره.
وهذا نصّ البيان:
لا صبرَ لهذا الحدّ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا صبر لهذا الحدّ
كان واضحاً، وكانت القراءة عند أحرار الأمّة يقينيّة ومبكّرة بأنّ التطبيع مع العدوّ الصهيوني ستكون نتائجه خطيرة وكارثية، وشرّه مستطير على الشعوب الواقعة تحت سيطرة الحكومات المطبّعة بالخصوص وسائر شعوب الأمة بالدرجة الثانية.
وها قد بدأت هذه النتائج الموجعة تظهر بسرعة وبصورة متلاحقة.
وذلّ الأنظمة المطبّعة أمام العدوّ الصهيوني الذي بَرَزَ للعيان بقوّة في المدّة الوجيزة من توقيع صكّ الخزي والخيانة والذي تسعى لفرضه على الشعوب؛ هو من هذه النتائج الوخيمة، والذي يُراد له أن يقتل في أمّتنا روح العزّة والإباء والإستقلال، والايمان بروح الريادة والقيادة، وتستسلم لقيادة كيان من أعدى الأعداء لله والأمّة والإنسانية.
إنّ السباق اليوم وبصورة مبكرة جدّاً صار محموماً بين المطبّعين القدامى والجدد، والتنافس جادّاً بقوة على التقرب والتملّق للعدو الصهيوني الذي لا زال على غيّه وبغيه ونهبه واغتصابه وكل عداوته.
صار التنافس على الإظهار العملي لإخلاص أكبر لصكّ العبودية المتعلّق بالتطبيع وتحقيق أهدافه التي يطمح فيها كل من ترامب الأمريكي ونتنياهو الصهيوني. وهو تنافس ينشط فيه المطبّعون الجدد في رغبة عارمة لتوكيد العلقة مع العدو وتوثيقها وكأنّها الأُمنية الغالية والغنيمة الكبرى التي لا يُفرّط بها.
وَصَلَ الأمر بهؤلاء المطبّعين إلى أن يكون السباق من أجل موقع عبودي متميّز عند العدوّ الصهيوني من بين المطبّعين الآخرين، لامتلاك ثقة أكبر.
وهناك خلفيّة وإنْ لم تكن فكرية فنفسيّة للإندفاعة لهذا التنافس القذر المذل المخجل لمن يخجل، وهي أنّ القوم قد تبرأوا من أمّتهم وآمنوا بأنّ قَدَرَهم مرهون بالإرادة الأمريكية والصهيونية، وأنّ مصيرهما بيدهما، وأنّ الرضا من السيد الأمريكي الطريق إليه غير مفصول عن رضا الكيان الصهيوني في فلسطين، والذي تأبى السياسة الأمريكية إلاّ أن يكون سيّد المنطقة وصاحب القوة الأكبر فيها، والكلمة المهيمنة على حكوماتها وشعوبها، والقرار النافذ في حقّ الجميع.
طلَّق القوم أمّتهم بعدما عادوها، ونسوا سلطان الله عزّ وجلّ، وانشغلوا بذكر من لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً ولا حياة ولا موتاً ولا نشوراً ممن كلُّ ما عنده مضروب على يده تكويناً التصرّف فيه من غير إذن ربّه، وكذلك لا بقاء له في يده إلاّ ما شاء الله.
ومن رأى أن وجوده كلّه من أجل المنصب، وأنّه لا شيء من دون منصبه، وظَنَّ أنّه لا يسلَم له كرسيّه إلاّ بالعبودية لمن رآه الأقوى والأعزّ هانت عليه عبوديته له، وسعى كل السعي لإظهار هذه العبودية وإخلاصها فيه.
ومن هنا يكون الإحتماء من المنافسين من قريب أو من بعيد في إطار البلد الواحد أو الأكثر من المطبّعين أنفسهم في ظل النفسيّة التي ساقتهم إلى أصل التطبيع هو على حدّ الإحتماء ممن يرونهم أعداء لهم من المقاومين في الأمّة، وذلك بارتماءٍ أكثر وتملّقٍ أكبر لكلٍّ من أمريكا والكيان الصهيوني طلباً لأن يكون الأكثر تملّقاً وتزلّفاً وارتماءً في أحضانهما أوفر حظّاً في الوصول إلى الكرسي واستقراره.
خطيرٌ جدّاً أن لا يبقى رئيس جمهورية ولا ملك ولا أمير ولا رئيس وزراء ولا أصغر من ذلك في دائرة المطبّعين إلاّ ويشعر بالحاجة المُلِّحة للتسابق في إظهار الولاء للكيان الصهيوني طلباً للمنصب أو احتفاظاً به.
وسيكون المقياس الأوّل عند سيّد المنطقة وزعيم التطبيع في صلاحية المنصب في دائرة المطبّعين ليس ولاء رئيس الجمهورية أو الملك أو رئيس الوزراء إلاّ أن يكون وكيلاً عنده على الولاء له.
ولن يكون سماع كلمة أمير من أمير أو ملك من ملك، أو من رئيس جمهورية، أو رئيس جمهورية من ملك، والإستجابة لأمره إلاّ في حالة واحدة، وذلك أن تكون الكلمة منسجمة مع ما يريده السيّد الصهيوني المحتل لفلسطين.
ولا يُظنّ أبداً في الأوساط العادية من أبناء الأمّة فضلاً عن نخبها أن تقبل بمثل هذا الذل والهوان الذي يتنافى وتركيبتها الفكريّة والنفسيّة أو تصبر عن مقاومته بشدّة غير معهودة، فإنّه لا صبر على ما فيه ضياع الأمّة وسقوطها لهذا الحدّ.
عيسى أحمد قاسم
01 ديسمبر 2020