استحكم الكيان الصهيونيّ بخناق النظام الخليفيّ بعد توقيعه اتفاق العار معه في سعي منه إلى السيطرة عليه، وخاصّة أنّ الأخير اعتاد المذلّة والخنوع لمن يوهمه بمدّه بالقوّة للبقاء على سدّة «الحكم».
«ألعوبة» صار النظام الخليفيّ بيد الصهاينة، فها هو إعلامهم يأخذه يمنة ويسرة، وهو لا حيلة له غير الطاعة وتنفيذ الأوامر بعدما أوقعوه تحت الأمر الواقع، فهو، كما يبدو، غالبًا لا يعلم بالمستجدّات إلّا متأخّرًا كما حصل مع وفده إلى واشنطن الذي لم يكن على دراية بتفاصيل اتفاق العار، في حركة من الصهيونيّ مقصودة لتهميشه وتحقيره.
يسارع الكيان الصهيونيّ إلى كشف المستور من دون أدنى مبالاة لما يسبّبه ذلك من إحراج للنظام الخليفيّ الذي «يُحشر في الزاوية» فيحاول إظهار نفسه وكأنّه في الصفوف الأولى بينما هو لا يكاد يُلحظ.
فقد ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الصهيونيّة أنّ وزير الاتصالات الصهيونيّ السابق «أيوب قرا» كشف في كلمة له خلال أحد المنتديات الاقتصاديّة إنّ «فاطمة بنت خليفة» جاءت إلى الكيان الصهيونيّ عام 2010، للعلاج في أحد مستشفياته، وأنّ المعاملة التي تلقّتها أسهمت في تعبيد الطريق لإقامة علاقات مع النظام الخليفيّ، مؤكّدًا أنّ هذه الحادثة «السريّة للغاية» كانت بداية العمليّة، حيث أولى الصهاينة بنت خليفة وزوجها عناية خاصة ليفتحا لهم نافذة للتطبيع.
وبينما يروّج النظام الخليفيّ جاهدًا أنّ هدفه من التطبيع هو «دفع عمليّة السلام الشامل في المنطقة»، يفضحه إعلام الصهاينة ويكشف هدفه الحقيقة ألا وهو «التسلّح»، حيث نشر موقع «زمن إسرائيل» مقالًا للصحفيّ الصهيونيّ «جاكوب ماغيد»، قال فيه إنّ «إدارة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب توقّعت أنّ اتفاقيّات التطبيع الموقّعة في سبتمبر/ أيلول الماضي بين إسرائيل والإمارات والبحرين ستخلق تأثيرًا فعّالًا للسلام الإقليميّ، وأنّ تسع دول أخرى ستوقّع اتفاقيّات مع الدولة اليهوديّة»، وهو ما رأى فيه بعض المحلّليين السياسيين «أنّه يؤدّي إلى سباق تسلّح في المنطقة، إذ من شأنه أن يجلب المزيد من الأسلحة العسكريّة الأمريكيّة المتقدّمة إلى منطقة مدجّجة بالسلاح بالفعل ومشحونة بالأحداث»، فبعد 5 أيام فقط من إعلان إدارة ترامب عن اتفاق التطبيع مع الإمارات، أفادت مصادر أنّ رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» منح الولايات المتحدة مباركته لبيع طائرات مقاتلة متطوّرة من طراز F-35 للإمارات.
وأضاف الموقع «الإمارات ليست الوحيدة المهتمّة بالاستفادة من التطبيع لتحسين ترسانتها من الأسلحة، فالبحرين تأمل أيضًا في شراء تكنولوجيا عسكريّة متطوّرة من الولايات المتحدة، على خلفيّة توقيع الاتفاقيّة مع الكيان الصهيونيّ»- وفق تعبيره.
وفي وقت يعلن فيه النظام عن قرب التبادل البريديّ مع الكيان الصهيونيّ، وذلك بعد توقيع مذكّرات التفاهم المشتركة بين الجانبين، في أعقاب زيارة الوفد الصهيونيّ الأمريكيّ إلى المنامة لتنفيذ بنود اتفاق التطبيع، تكشف صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبريّة أنّ «الكيان الصهيونيّ سيصدّر منتجات زراعيّة إلى البحرين»، موضحة أنّ وزارة الزراعة الصهيونيّة اتفقت مع حكومة النظام على التعاون في إطار المساعدة في تطوير الزراعة في البلاد، وتصدير المنتجات الزراعيّة إلى البحرين في شاحنات عبر الأردن.
والأخطر أنّ الإعلام الصهيونيّ أكّد أنّ وزارة خارجيّة الاحتلال تدير بعثة دبلوماسيّة بشكل سريّ في البحرين منذ أكثر من 10 سنوات، وقبل إعلان التطبيع بين الجانبين.
حيث قال موقع «والا» الصهيونيّ في تقرير له إنّ «البعثة الدبلوماسيّة الصهيونيّة كانت تستقرّ في العاصمة البحرينيّة المنامة، وكانت تعمل تحت غطاء شركات تجاريّة لتشجيع الاستثمار، حيث كان جميع موظّفيها دبلوماسيين صهاينة يحملون جنسيّة مزدوجة»- بحسب تعبيره، موضحًا أنّ «السفارة الإسرائيليّة في البحرين ستفتح في المكان نفسه وبالطاقم نفسه مع تغيير اليافطة فقط، وذلك عقب إعلان اتفاقيّة إقامة علاقات دبلوماسيّة كاملة بين الجانبين، والتي تمّ توقيعها أخيرًا في المنامة، أثناء زيارة الوفد الصهيونيّ الأمريكيّ إلى البحرين».
وذكر الموقع أنّ هذه البعثة الدبلوماسيّة كانت سريّة طوال الفترة الماضية، وكانت تعمل على تعميق العلاقات بين النظام الكيان الصهيونيّ حتى توقيع اتفاقيّة التطبيع بين وزير خارجيّة البحرين «عبد اللطيف الزياني» ورئيس وزراء الكيان الصهيونيّ «بنيامين نتنياهو» في سبتمبر/ أيلول الماضي، فظهرت هذه العلاقة، وخفّفت من غطاء السريّة.
وتطرّق موقع «جيروزاليم بوست» الصهيونيّ إلى المسألة ذاتها حيث قال إنّ «المعلومات حول وجود هذه البعثة في البحرين كانت ممنوعة من النشر على مدار الـ11 عامًا الماضية» ذاكرًا أنّ المباحثات لفتح هذه البعثة الدبلوماسيّة في المنامة بدأت في عامي 2007-2008، حيث التقت وزيرة خارجيّة الاحتلال السابقة «تسيبي ليفني» مع وزير خارجيّة البحرين آنذلك «خالد أحمد الخليفة»، وتابع أنّه بتاريخ 13 يوليو 2009، وبعد عدّة أشهر من استلام «نتنياهو» لرئاسة الوزراء، جرى تسجيل افتتاح شركة في البحرين تحمل اسم «مركز الاستثمار الدوليّ»، التي أعلنت في ذلك الوقت إنّها تهدف للتسويق وتطوير التجارة والاستثمار في البحرين، ولكن يتضح الآن أنّ هدفها كان التغطية على الأنشطة الدبلوماسيّة الصهيونيّ في البحرين.