يبدو أنّ محاولات النظام الخليفيّ لإخفاء ما يجري في البحرين من حراك شعبيّ غاضب من تطبيعه ورافض له تبوء بالفشل أمام صمود أبناء الشعب وثباته على موقفه من التطبيع الذي جذب الإعلام الغربيّ والعربيّ على حدّ سواء.
فقد رأى الكاتب الفلسطينيّ محمد عايش في مقال له في صحيفة «القدس العربي» أنّ ثمّة حدثين مهمّين في موضوع التطبيع، أوّلهما طرد الوفد العربيّ المطبّع من المسجد الأقصى، والثاني هو تظاهرة شعبيّة في عاصمة البحرين المنامة تندّد بالكيان الصهيونيّ وترفض التطبيع، في مواجهة وفد قادم من تل أبيب لزيارة البلاد، موضحًا أنّ الذي أبرزهما هو مقاطع الفيديو القليلة الني نشرها ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعيّ، لافتًا إلى أنّ الصهاينة ينتبهون جيدًا لمثل هذه الأحداث التي هي الوحيدة التي تفسد عليهم فرحتهم باختراق الصف العربيّ، والتطبيع مع دول المنطقة الواحدة تلو الأخرى- على حدّ تعبيره.
وأكد عايش أنّ الرسالة الأهمّ من هذين الحدثين تفيد بأنّ الشعبين الفلسطينيّ والبحرينيّ يرفضان التطبيع مع الاحتلال، وأن لا أحد في القدس أو المنامة يصدّق أكاذيب الأنظمة التي تتحدثّ عن أنّ هذه الاتفاقات تحقّق مصلحة، مشدّدًا على أنّ خروج مظاهرة شعبيّة في بلد مثل البحرين تندّد باتفاق أبرمته «الحكومة» مع تل أبيب، فهذا حدث مهم جدًا، لأنّها تظاهرة في بلد كان فيه «شيء اسمه ميدان اللؤلؤة، سحقته الدبابات على من فيه من بشر وشجر وحجر، وتحوّل إلى مجرّد ذكرى»، وهو بلد يدفع فيه المتظاهرون ثمنًا غاليًا، وأغلى من أيّ مكان آخر.
وذكر موقع «ميدل إيست آي» البريطانيّ أنّ المعارضة المستمرّة في البحرين ضدّ التطبيع مع الكيان الصهيونيّ هي السبب الرئيسيّ في عدم إعلان اتفاق التطبيع الكامل للعلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيليّ، والاكتفاء بإعلان إقامة علاقات دبلوماسيّة بين الجانبين، مشيرًا إلى اعتراف مسؤولين صهاينة لصحيفة «هآرتس» بأنّ المعارضة الشعبيّة في البحرين ضدّ اتفاق التطبيع أخّرت توقيع اتفاقيّة سلام كاملة من النوع الذي وقّعه الكيان مع الإمارات الشهر الماضي.
ولفت الموقع إلى أنّ هاشتاج «بحرينيون ضدّ التطبيع» ما زال يتصدّر الموضوعات الأكثر رواجًا في المملكة الخليجيّة، بعد توقيع الاتفاق مع الكيان الصهيونيّ.
وتطرّق تقرير بعنوان «الخروج المخادع لعرب الخليج» لصحيفة «دي فيلت الألمانيّة» إلى مدى حساسيّة التطبيع لدى العرب، وأوضح أنّ 90% من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعيّ كانت سلبيّة ضدّ التطبيع مع الكيان الصهيونيّ، مشيرًا إلى أنّ وزارة الشؤون الاستراتيجيّة الصهيونيّة قامت بفحص ردود الفعل على اتفاقيّتي تطبيع الإمارات النظام الخليفيّ مع الصهاينة، حيث أيّدها 5% فقط، في حين أنّ السبب الرئيسيّ للمعارضين العرب هي أنّ المعاهدات مع الصهاينة قد أضرّت بالفلسطينيين، ولذلك تصدّر وسم «التطبيع خيانة» على تويتر- على حدّ تعبيرها.
ورجّحت الصحيفة أن تتطور العلاقات التي أقامها النظام الخليفيّ مع الكيان الصهيونيّ بشكل أكثر صعوبة، لأنّ 70 % من سكان البحرين هم من الشيعة وتحكمهم عائلة ملكيّة سنيّة، وقد حظر النظام قادة المعارضة وسجنهم، كما أنّ النقد على وسائل التواصل الاجتماعيّ يمكن أن يؤدّي إلى عقوبات بالسجن، وعلى الرغم من ذلك، فقد خرج المواطنون إلى الشوارع ضدّ الاتفاق واحتجّوا على تويتر- بحسب قولها.
ورأت أنّ النظام الخليفيّ أكثر حذرًا من الإمارات بشأن الاتفاقيّة مع الكيان الصهيونيّ، ويتضح ذلك من خلال ملاحظة تجنّب حمد بن عيسى مصطلح التطبيع، وبدلًا من مصطلح معاهدة السلام، مثل تلك التي وقّعتها الإمارات، يتحدّث فقط عن «إعلان مشترك»- بحسب التقرير.