صدم الشعب البحرانيّ العالم بأسره بحسن إحيائه مراسم عاشوراء لهذا العام، مفشلًا رهان النظام الخليفيّ على أنّ تجمّعات المعزّين ستزيد نسبة الإصابات بفيروس كورونا المستجدّ، بينما الذي حصل هو عدم طروء أيّ تغيير خطر على الأرقام التي كانت متصاعدة من البداية نتيجة إهمال النظام واستهتاره وتراخيه في محاسبة الموالين له والأجانب لعدم التزامهم بإجراءات الوقاية.
هزّت عاشوراء، التي هي في الأساس شوكة في خاصرة النظام الخليفيّ الطائفيّ، عرشه في هذا العام، فقد تمكّن الشيعة من إحيائها، بل امتازت بتنظيم والتزام تام بكلّ إجراءات الوقاية والسلامة والتباعد الاجتماعيّ، وقتها اضطرّ النظام الخليفيّ إلى العضّ على جرحه، ولا سيّما أنّه ظهر بمظهر الجاني والمفتري، إضافة إلى كونه يحضّر لضربة أكبر وهي التطبيع مع الصهاينة، فظلّ يتربّص بالشعب لحين إنهاء فصول جريمته الكبرى بالتوقيع على اتفاق العار مع الكيان الصهيونيّ الغاصب برعاية الإرهابيّ الأوّل دونالد ترامب، لتأتيه الضربة الشعبيّة الثانية، الشعب قال كلمته «لا للتطبيع» وخيانة النظام الخليفيّ لا تمثّل أي واحد من أبنائه، ضربة أحرجت الأخير أمام أصدقائه القدامى الجدد الصهاينة، فحاول التشويش بكلّ الوسائل المتاحة أمامه على الحراك الشعبيّ ولم ينجح، فردّ فعل الشعب البحرانيّ على التطبيع كان أكبر من محاولاته الدنيئة، فعمد إلى سياسة كمّ الأفواه عبر الاستدعاءات والاعتقالات ومنها اعتقال أحد الشعراء لإلقائه قصيدة ضدّ التطبيع، وكلّ ذلك والصهيونيّ يتفرّج بصمت وامتعاض على ما يجري، حتى شملته الضربة الثالثة التي قصمت ظهر آل خليفة وكانت صفعة مدوية للصهاينة، وهي لقاءات ائتلاف 14 فبراير بقيادات فلسطينيّة ومن بينهم رئيس حركة حماس «إسماعيل هنيّة»، هنا جنّ جنون الاثنين معًا وتجسّد ذلك بانتقام علنيّ من الشعب، حيث استغلّ النظام الخليفيّ مناسبة أربعين الإمام الحسين «ع» ليفرض قبضته البوليسيّة ويعيث بالشيعة اعتقالات وتهديد واستدعاءات، في محاولة منه للتغطية على انكساره من ناحية عبر التبجّح أمام الصهاينة بتسلّطه على الشعب من ناحية، وللملمة أشلاء كرامته المجروحة من صمود الشعب وثباته من ناحية أخرى.
هي حرب مستمرّة، تتغيّر فيها موازين القوى، ويبقى النصر فيها لمن يثبت أكثر، وسنن التاريخ تحوي شهادات حيّة قد تعطي نظرة استشرافيّة لما سيحصل في المستقبل.