ما زالت أصداء محاكمة 18 مواطنًا بحرانيًّا بتهمة إنشاء «خليّة إرهابيّة» تتردّد، منذ يوم الأحد 20 سبتمبر/ أيلول 2020، حين انبرت ما تسمّى صحيفة أخبار الخليج إلى نشر تقرير تحت عنوان «إحباط مخطط إرهابيّ باسم «قاسم سليماني»».
العنوان، وللوهلة الأولى، يشكّل صدمة فهو، عمدًا أو جهلًا بمهنيّة الإعلام وموضوعيّته، غفل عن ذكر التاريخ حتى ليظنّ القارئ أنّ هذا المخطّط كان سينفذ الآن.
من أعدّ التقرير لم يقف حدود جهله عند هذه النقطة، بل تمادى بذكر تفاصيل وكأنّه يعدّ سيناريو لفيلم بوليسيّ بطله النظام الخليفيّ وأجهزته الخارقة، وأشراره 18 مواطنًا ساقهم قدرهم إلى أن يكونوا «كبش محرقة» فألصقت بهم تهم لا تعدّ ولا تحصى صنّفت كلّها تحت دائرة «تهم إرهابيّة»، والرأس المدبّر «إيران»، وفق معدّ التقرير.
وحتى يُحكم الحبكة ذكر تفاصيل تطرّق لها التحقيق «غير القانوني» وكثيرًا مما لم يتطرّق له، فاض به خياله الجاسوسيّ، لدرجة أنّ ما كتبه أثار «حفيظة» وزارة الإرهاب التي أصدرت بيانًا انتقدت به نشر تفاصيل القضيّة بهذا الشكل غير الدقيق وبهذا الأسلوب، لا لشيء إلّا لأنّه يؤثر في سيرها أمام المحكمة، لافتة إلى أنّه كان الأحرى بالصحيفة مراعاة الإطار الزمني الصحيح والواقعي، موضحة أنّ طريقة العرض الصحفي أحدثت حالة من اللبس والبلبلة محليًّا وإقليميًّا، وفق ما نقلته وكالة بنا.
واللافت أنّ وكالة بنا بدورها نقلت يوم الإثنين 21 سبتمبر عمن يدعى رئيس نيابة الجرائم الإرهابيّة «أحمد الحمادي» أنّ المحكمة الخليفيّة غير الشرعيّة ما زالت تنظر بالقضيّة المقيّدة ضدّ «١٨ متهمًا بارتكاب أعمال إرهابيّة»، متطرّقة إلى القسم الأكبر من التفاصيل التي سبق ذكرها، طبعًا مع مراعاة توقيتها؛ إذ بدأت القضيّة في النصف الثاني من شهر يناير من عام 2020، وقد خلصت إلى تأجيلها لجلسة 28 سبتمبر 2020 لتقديم مرافعات الدفاع عن باقي المتهمين.
مجموعة من الأسئلة تطرح نفسها هنا، أوّلها كيف يمكن لوسيلة إعلاميّة ذكر تفاصيل تحقيق خاصّة جدًّا من دون علم وزارة الإرهاب في ظلّ رقابة مشدّدة على الإعلام؟
وما هدف وزارة الداخليّة من انتقاد الصحيفة، وهي التي لم تقصّر يومًا في إلصاق التهم جزافًا بالمواطنين وإيران على حدٍّ سواء؟ هل يعود ذلك إلى أنّ الصحيفة حقّقّت سبقًا ما عليها في هذا السياق؟ أم هو ملعوب متفق عليه لتوجيه أصابع الاتهام أكثر إلى إيران عبر زرع الشكوك في النفوس؟ أم أنّ ما جرى هو فعلًا بلبلة حقيقيّة بين أجهزة النظام سببها التخبّط الواضح وعدم التنسيق فيما بينها؟