دأب البحرانيّون، ومنذ مئات السنين، على إحياء مراسم عاشوراء الإمام الحسين «ع»، مهما كانت الظروف والأوضاع؛ فعاشوراء متجذّرة في نفوسهم، ولها امتداد من كربلاء، ليس فقط بالشهداء والجرحى والأيتام والمعتقلين والأسيرات، والحاكم الظالم، ومواجهة الحقّ للجور، بل أيضًا بالنبض الثوريّ المتجدّد في أهلها الذين يبذلون لأجل إحيائها الكثير، إن كان على صعيد الشعب أو على صعيد القوى السياسيّة.
ومع انتشار جائحة كورونا هذا العام في العالم والبحرين واستغلال النظام لها لمنعه إحياء هذا الموسم بذريعة أنّ تجمّعات المآتم والمواكب ستؤدّي إلى تزايد الإصابات، كان المعزّون أمام خيارين أحلاهما مرّ؛ إمّا إلغاء الموسم وهو في عقيدة البحرانيّ مستحيل الحدوث، وإما إحياؤه بالقدر الذي تسمح به الاحترازات الطبيّة والتوجيهات الصحيّة لضمان سلامتهم، وهو ما جرى.
فمع اعتلاء هلال محرّم سماء البحرين، انتشرت مواكب الرايات السود في البلدات استقبالًا لليلة الحادي من محرم 1442هـ، وافترش المعزّون شوارع البحرين وساحات المآتم الخارجيّة ضمن الإجراءات الاحترازيّة والتباعد الاجتماعيّ ليستمعوا إلى المجالس التي أخذت تبثّها المآتم.
وبعد المجالس انطلقت مواكب العزاء لتجوب عشرات البلدات بالتزام تام بالتدابير الصحيّة، وشعارها «غصبًا على عداك نرفع رايتك»، ليكون شعب البحرين المصداق لحديث رسول الله «ص»: «إنّ لقتل الحُسين حرارة في قلوب المؤمنين؛ لا تبرد أبدًا».
وضمن الاستعدادات التي سبقت إحياء أوّل ليلة من شهر محرّم أقامت الهيئة النسويّة في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير الملتقى العاشورائيّ السادس أعلنت خلاله توصيات الائتلاف لحرائر البحرين لإحياء عاشوراء، ورفعت الراية الحسينيّة في بلدات أبو صيبع والمصلّى وبني جمرة وسط هتافات التلبية الحسينيّة، كما اتشّحت البلدات بالسواد على الرغم من إقدام مرتزقة حمد على التعدّي عليها في بعض المناطق كرأس رمان والسهلة الجنوبيّة، وأصدرت بلدات المالكيّة والمعامير وكرّانة وبوري بيانات شدّدت فيه على ضرورة إحياء عاشوراء ضمن الإجراءات الاحترازيّة من كورونا.