أكّد سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم أنّ الموقف من إحياء عاشوراء وكورونا ليس فيه تعقيد لو لم تدس السياسة أنفها فيها، لافتًا إلى أنّ موقف الدين فيها واضح جدًّا بعدما يتحدّد الرأي العلمي الصحي المحايد من مسألة حجم الضرر وظروفه من ناحية درجة الاجتماع المسبّب لانتشاره ووسائل التوّقي منه وما يساعد عليه.
وشدّد في بيان له يوم الأربعاء 19 أغسطس/ آب 2020 على عدم وجود أيّ فرق في اجتماعات الإحياء واجتماعات أخرى من ناحية شروط الوقاية من انتشار الوباء، موضحًا أنّه لو أذِنَت السياسة بالمواكب الحسينية والتجمّع المكثف في الحسينيات على العادة مع ما يُطمأن إليه أو يُخاف بدرجة عقلائية من انتشار الوباء بسبب ذلك لَمَا جاز الأخذ بهذا الإذن وإقامة المجالس والمواكب الحسينية بهذه الصورة، ولو ثَبَت أنّ في إقامة الموكب بصورة معيّنة إضرارًا بصحة المجتمع دون صورة أخرى أخذ بالثانية دون الأولى.
وقال سماحته «ثلاثة أمور مهمّة عندنا، الدين وإقامة شعائره والأمن والصحة، ولا تعارض بين الثلاثة عند أهل العقل والدين والحقّ والعدل».
وهذا نصّ البيان
الموقف من إحياء عاشوراء وكورونا
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على جميع المؤمنين والمؤمنات ورحمة الله وبركاته، وعظم الله أجوركم بمصاب أبي عبدالله الحسين “عليه السلام” والشهداء الأبرار من أهل بيته وأصحابه.
الموقف في المسألة ليس فيه تعقيد لو لم تدس السياسة أنفها فيها.
فموقف الدين فيها واضح جدّاً بعدما يتحدّد الرأي العلمي الصحي المحايد من مسألة حجم الضرر وظروفه من ناحية درجة الاجتماع المسبب لانتشاره ووسائل التوّقي منه وما يساعد عليه.
فالدين وشعيرة الإحياء لا يتنافيان مع شرط الحفاظ على الصحة ولا يُجيزان التسبب في نشر الوباء، ويأمران بالإحياء في خارج دائرة الضرر، فلا تعارض بين أمر الوقاية وأصل الإحياء.
هذا أمر، والأمر الآخر أنّه لا فرق في اجتماعات الإحياء واجتماعات وتجمّعات غيره من ناحية شروط الوقاية من انتشار الوباء، فما يكفي في كل هذه الاجتماعات للوقاية واحد لا يختلف فيما بينه، وكذلك الأمر فيما لا يكفي فيها للوقاية.
ولو أذِنَت السياسة بالمواكب الحسينية والتجمّع المكثف في الحسينيات على العادة مع ما يُطمأن إليه أو يُخاف بدرجة عقلائية من انتشار الوباء بسبب ذلك لَمَا جاز الأخذ بهذا الإذن وإقامة المجالس والمواكب الحسينية بهذه الصورة.
ولو ثَبَت أنّ في إقامة الموكب بصورة معيّنة إضراراً بصحة المجتمع دون صورة أخرى أخذ بالثانية دون الأولى.
ويُلتفت إلى أنّ شعيرة الإحياء شعيرة جماعية وليست فردية في الأصل، وتدل عليه طريقة إقامة المأتم من بعض أئمة أهل البيت “عليهم السلام” وحثّ الأئمة على إحياء ذكرهم “عليهم أفضل الصلاة والسلام” بالاجتماع وتلاقي الاخوان، وذلك كما في شعيرة صلاة الجماعة والجمعة والعيدين والحج.
وثورة الإمام الحسين “عليه السلام” شأن أمّة لا فرد ولا عائلة، ومظلوميته كذلك، فإحياء ذكرى ثورته ومصيبته من وظائف الأمّة.
ولذلك يُطلب في الإحياء أنْ يأخذ صورته الاجتماعية ولا يتقوقع في حدود الممارسة الشخصية المنفردة للمؤمن.
ولا يتضرّر ولا يضرّ أحداً ولا يكلّف أن تقيمَ العوائل على سطوح المنازل مراسم الزيارة الحسينية في وقت معيّن مناسب من الليل مع شيءٍ من اللطم على الصدور لمدة نصف ساعة مثلاً أو مثل ذلك من أساليب تبقي صورة ولو مخفّفة من صور الإحياء الاجتماعي للمناسبة بعيداً عن التجاذبات السياسية ومشاكلها.
ليس ما نقوله أبداً، لا فيما مضى ولا فيما يأتي أن يصادم الإحياء الناحية الصحية، فإنّ ذلك يُفقد الإحياء شرطه، ولكن نعارض كل المعارضة أن تُستغل الظروف الصحية السيئة بنيّة سيئة في التضييق على إقامة الشعائر، وأن تُسلب تستّراً بهذه الظروف، الحرية الدينية.
ثلاثة أمور مهمّة عندنا، الدين وإقامة شعائره والأمن والصحة، ولا تعارض بين الثلاثة عند أهل العقل والدين والحقّ والعدل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عيسى أحمد قاسم
19 أغسطس 2020