أكّد سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم أنّ البحرين كأي بلد إسلامي الإسلامُ فيه مستهدف وفي كل مستوياته الثقافية، ومختلف فئاته ممن له هوى في الدين وتعلّق به، وهذا الاستهداف على صعيد فكري وأخلاقي وسلوكي وبعناوين مختلفة وأساليب متباينة وواجهات متعدّدة.
ولفت في بيان له يوم الأحد 26 يوليو/ تموز 2020 إلى أنّه أمام هذه الحرب العنيفة المُداراة من الطاغوتية العالمية يكون على النابهين الغيارى من أبناء الإسلام في كل شبر من الأرض أن يخرجوا من غفلتهم وإهمالهم وأن يستجمعوا كلّ إمكاناتهم في درء الخطر العظيم الذي غزاهم في عقر دارهم على يد جماعات الضلال المدفوعين من الكفر العالمي لفصل الأمة عن إسلامها الذي يملأ الكفرَ الخوفُ من الهزيمة أمامه وأمام الأمة التي تؤمن به حقّ الإيمان وتسلّم له قيادتها.
وشدّد سماحته على أنّ جيل اليوم في كل مجتمع من مجتمعات الأمة وما بعده من أجيال أمانة الواعين الصادقين في إيمانهم من رجالها ونسائها وأصحاب النشاط المتدفق من شبابها وشابّاتها ممن لا يجدون شيئًا أحقّ ببذل الجهد فيه من دين الله وإحياء كلمته، بهدف تصحيحه وحمايته، وذلك عبر مشاريع التعليم الديني والتبليغ والتربية والتهذيب والتزكية.
وهذا نصّ البيان:
آية الله قاسم : مسؤولية مشرّفة كبرى
مشاريع التعليم والتبليغ والتربية والتزكية … جهادٌ عظيم، وواجبٌ أكيد
بسم الله الرحمن الرحيم
مسؤولية مشرّفة كبرى
البحرين اليوم وكأي بلد إسلامي، والمجتمع في البحرين وكأي مجتمع من مجتمعات المسلمين، الإسلامُ فيه مستهدف في كل رجل من رجاله، وفي كل امرأة من نسائه، وفي كل كباره وصغاره، وفي كل مستوياته الثقافية، ومختلف فئاته ممن له هوى في الدين وتعلّق به.
الكل مستهدف فكرياً وأخلاقياً وسلوكياً من جبهة عريضة معادية بعناوين مختلفة وأساليب متباينة وواجهات متعدّدة، ومنها ما هو كفر في صورة إيمان، وهدم للإسلام واستبدال عنه عقيدة وأحكاماً ونُظُماً في أساليب من الخلط والتزوير ودعاوى الحداثة والتجديد والانفتاح على الفكر الآخر، وإلغاء الفواصل كليًّا بين كل الديانات، وفتح الباب على مصراعيه باسم الاسلام للتخلّي عنه والالتحاق بما شاء مَن كان مسلماً باليهودية الممسوخة، والنصرانية المزوّرة، وأيّ ديانة ساقطة أخرى. كل ذلك من منطلق العداء للإسلام ومحاربته.
وأمام هذه الحرب العنيفة المُدارة من الطاغوتية العالمية يكون على النابهين الغيارى من أبناء الإسلام في كل شبر من الأرض أن يخرجوا من غفلتهم وإهمالهم وأن يستجمعوا كل إمكاناتهم في درء الخطر العظيم الذي غزاهم في عقر دارهم على يد جماعات الضلال المدفوعين من الكفر العالمي لفصل الأمة عن إسلامها الذي يملأ الكفرَ الخوفُ من الهزيمة أمامه وأمام الأمة التي تؤمن به حقّ الإيمان وتسلّم له قيادتها .
أصبح اليوم يقيناً في ظل الحرب الشاملة المسعورة الدائمة ضد الإسلام من متَسمّين بالإسلام وغيرهم أن لابقاء للإسلام محترساً في أرضه مؤمّلاً للأمة أن تلتفَّ به نهضة منقذة لها من الحضيض تكسر بها إرادة الكفر الشريرة ما لم ينشط كل المخلصين في عملية التعليم والتبليغ والتربية بالإسلام والدعوة إليه بصورة واسعة شاملة وجادة تغطي كل مستويات الأعمار، ولا تهمل شبراً من قطر أو مدينة أو قرية للأمة، وتعم إنسانها بوعي الإسلام وحقانيته وكونه المعيار الذي تقاس إليه كل المبادئ والدعوات أصالة وصدقاً وصلاحاً فلا يقبل منها إلا ما وافقه، أمّا ما خالفهُ فهو الباطل والهباء والزبد الذي يذهب جُفاء.
الإسلام لو وصل إلى العقول والقلوب بما هو وهو الحقُّ المحض لا غير لما ردّه عاقل لم يستول عليه الفساد، وما على العاملين له إلاّ أن يتعلّموه ليعرفوه حقّ معرفته، ويعلّموه كما هو، ويحسنوا تبليغه ليجدوا الإقبال عليه، وأن يطبّقوه ليشتاق الناس له، ويطاردوا شبهات المبطلين وأغاليطهم وزيفهم ضده لينقذوا الآخرين من الوقوع في الخداع والتضليل.
وجيل اليوم في كل مجتمع من مجتمعات الأمة وما بعده من أجيال، أمانة الواعين الصادقين في إيمانهم من رجالها ونسائها وأصحاب النشاط المتدفق من شبابها وشابّاتها ممن لا يجدون شيئاً أحقّ ببذل الجهد فيه من دين الله وإحياء كلمته.
والهدف أن يتصحح وضع الجيل الحاضر ويُحمى من الناحية الإسلامية فكراً وعملاً وإرادة وهدفاً، وأن تتوالى من بعده أجيال أوسع وأعمق فكراً، وأفهم بالإسلام، وأوسع وعياً، وأبصر رؤية به ليس فيها غريب على القرآن ولا السنة المطهرة، ولا شوب فيها من الرؤى الكافرة والمذاهب الحديثة الفاسدة من صنع أعداء الإسلام، والمتسللة إلى فكره الأصيل ومفاهيمه الصالحة الصادقة… أجيال تغنى بالقادرين على العطاء للإسلام والأمة الذين لا تصمد أمام وعيهم وعقيدتهم وفقههم وجهادهم وبصيرتهم الإسلامية الأصيلة غير المدخولة أباطيل الكفر وأغاليط الحداثة ومراوغات الأعداء وكذبهم وزيفهم وتماديهم في كل ما وجدوا من محاولات حتى باسم الإسلام لتحطيمه.
مشاريع التعليم الديني والتبليغ والتربية والتهذيب والتزكية ينبغي أن لا يبقى خارج دائرتها محروم من عطائها، وأن لا تحرم أي كفاءة مخلصة فكرية أو عملية، ولا أي قدرة إدارية أو مشتغلة بالتخطيط والإبداع والتطوير مما يرقى بهذه المشاريع ويثري عطاءاتها ويوسع أفقها.
وعلى هذه المشاريع لتشتد رشداً وخبرة، وتزداد حيوية وتكثر وتعظم عطاءً أن تبحث عن أقدر وأخلص وأكمل وأبرز الكفاءات للاستعانة بها مع عدم إهمال أي كفاءة تنفعه وأن توضع في موضعها.
وأن تستفيد من تبادل الخبرات والإلمام بالتجارب النافعة في كل ما تستطيع أن تصل إليه من تجارب الآخرين، وأن تتساند وتتعاون وتتكاتف، ولا تتنافس التنافس الدنيوي، ولا تفتح على نفسها باباً من أبواب الفُرقة والتنافر فتضل طريق الغاية.
ومن عُدّة النجاح التي لابد منها الجد كل الجد، والصبر على الآخر، والصبر على الظروف، وعصر الذهن دائماً للوصول إلى الجديد القويم الصالح النافع من الفكر الإسلامي الأصيل والأسلوب الأمثل في التعليم والتبليغ والتربية، وفي كل جوانب الأداء والإدارة.
مشاريع التعليم والتبليغ والتربية والتزكية جهاد اغتنت به وتشرّفت حياة كل الأنبياء والمرسلين وأئمة الهدى وأوصياء الرسل واستطاع الإسلام أن يعبر به كل القرون وحواجز الكفر والطاغوتية والنفاق رغم تفوق جبهة الكفر في الغالب في المال والعدد والعدّة ورغم شدّة مكرها وزيفها وعنفها وعدوانيتها وما هي عليه من فتك.
وهذا الطريق الذي تعطّرت به سيرة الأنبياء والرسل والأئمة “عليهم السلام” لم يتخلّف عنه صالح قادر من أتباع هذه المدرسة الإلهية المباركة التي تعطي للأرض هداها وللمسيرة الإنسانية رشدها وما تجد من بصيرة واستقامة ونجاح.
إنّه الجهاد العظيم، والواجب الأكيد، والدور الذي لا بقاء للإسلام بدونه، ولا استمرار لكلمة الحق مع توقفه، ولا صلاح في الأرض مع تخلّفه. وإنّه من أكبر التجارة مع الله سبحانه، ولا ربح في تجارة كالربح في التجارة معه.
فلنرغب عباد الله في تجارة لا من عبد مبلغ تقدير ربحها، ولا من أَجَل يتوقف عنده عطاؤها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عيسى أحمد قاسم
٢٦ يوليو ٢٠٢٠