وجّه سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم التحيّة لشعب البحرين، واصفًا إيّاه بأنّه الشعب المُسلم الأبيّ الوفيّ المُجاهد الصابر الذي لا تُتعِبه ولا تردّه عن الحقّ سنواتُ الجهاد الطويل، ولا تكسر إرادته الإيمانيّة ولا ينفد صبره أنْ تثقل تكاليف الجهاد وتتعاظم.
وأضاف سماحته في الخطاب الذي ألقاه مساء الجمعة 22 مايو/ أيار 2020 في الحفل المركزيّ لشعب البحرين بمناسبة يوم القدس العالميّ، والذي شارك فيه سماحة الشيخ حسين المعتوق، وسماحة السيد هاشم الحيدري، مخاطبًا أبناء الشعب «قضايا الأمّة قضاياكم، وهمُّها همُّكم، ونصرُها نصرُكم، وأمنها أمنكم، وألمها ألم لكم، وفي خسارتها خسارةٌ لكم، وربحها ربحٌ لكم، ونصرتكم دائمًا لها، وموقفكم دائمًا معها، وخندقكم هو خندقها، وهي صفّكم الذي لا صفّ لكم سواه، وسندكم في الأرض بعد الله (عزَّ وجلّ)».
وأشاد الشيخ قاسم بوعي الشعب البحرنيّ وإرادته الإيمانيّة الجهاديّة الصلبة التي لا تنكسر وبإيمانه بقيمه ودينه، ومكانة أمّته، وأهمية استقلاليّتها وسلامة أراضيها وحريّة إنسانها، وعدم انطلاء ألاعيب التضليل ومؤامرات التطبيع عليه، ورفضه هرولة الارتماء في أحضان أعداء الدِّين والإنسانيّة ومصاصي دماء الشعوب ومَنْ يعيث في الأرض الفساد.
وأكّد سماحته أنّ يوم القدس العالمي وإحياءه لا شيء منه للتلهية والتسلية، وإنّما ذلك لتزداد البصيرة بصيرة، واليقظة يقظة، والإدراك إدراكًا، والثوريّة ثوريّة، والرُشْد رشدًا، ولتكون الخطوات على طريق النصْر وتحرير المسجد الأقصى والقدس وفلسطين أسرع وأوسع وأنتج وأهدى وأرضى لله ولرسوله «ص».
وهذا نصّ الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكِ أمّة الإسلام، أمّة الجهاد في سبيل الله، الذائدة عن حريم دينه، المحامية عن مقدسات هذا الدين العظيم.
إلى الشعب البحريني المُسلم الأبيّ الوفيّ المُجاهد الصابر الذي لا تُتعِبه ولا تردّه عن الحقّ سنواتُ الجهاد الطويل، ولا تكسر ارادته الإيمانية ولا ينفد صبره أنْ تثقل تكاليف الجهاد وتتعاظم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يا شعباً قضيّتُه الأولى قضية الدِّين وعزَّته ونصْره وظهوره وسيادته، وقضيته قضية الأمّة وعزّتها ونصْرها وكرامتها، وأنْ تكون الظاهرة الغالبة القاهرة بالحقّ غير المقهورة، وعزّة كل شعبٍ مِن شعوبها، وكلّ شبرٍ مِن أرضها، وأنْ يسوده هدى الله ويستضيء بنور ربّه.
قضايا الأمّة قضاياكم، وهمُّها همُّكم، ونصرُها نصرُكم، وأمنها أمنكم، وألمها ألم لكم، وفي خسارتها خسارةٌ لكم، وربحها ربحٌ لكم، ونصرتكم دائماً لها، وموقفكم دائماً معها، وخندقكم هو خندقها، وهي صفّكم الذي لا صفّ لكم سواه، وسندكم في الأرض بعد الله عزَّ وجلّ.
يا شعباً جامِعكم بالأمّة لا ينفصم، ورابطكم بها لا يَهِن، وصِلَتكم بها لا يعترضها ضعف، ذلك لأنّ جامعكم بها هو الدين، ورابطكم إلهي، وصِلتكم رسالية. ولا جامع ولا رابط ولا صِلة أمتن وأسمى وأبقى وأعطى مِنْ جامع الدين الحقّ ورابطه وصِلَته، بل لا شيء مِن أيّ جامعٍ ورابطٍ وصِلةٍ أخرى بينكم وبين أمّتكم يملك ما يملكه أمْر الدين.
شعبنا الأبيّ الوفيّ لدينه وأمّته..
المسجدُ الأقصى والقدس وفلسطين كلّها قضية الأمّة وعنوانٌ لكرامتها وعزّها واستقلالها، والتفريط بها من أيّ مسلم تفريط بالإسلام والأمّة، وفتْح باب واسع لهزيمة الأمّة وضياع الدين، وسقوط القيم، والانسلاخ من الهُوّية، والتنازل عن أيّ قضية من قضايا الأمّة، والسكوت والاستسلام أمام أيّ ظلمٍ من الداخل أو الخارج يتعرَّض بلد من بلاد الإسلام، وأيّ حالة من حالات الاستعباد والاسترقاق تستهدف شعباً من شعوب الأمّة.
الأمّة وكلّ شعبٍ مِنْ شعوبها، وكلّ أرضٍ مِنْ أراضيها، لا ينتظر لو خسرنا المسجد الأقصى والقدس وفلسطين إلاّ الذلّ والهوان والتمزُّق والتلاعن والتبرؤ مِن بعضنا، والاستسلام لإرادة العدوّ الذي لا يرحم، -ولا ينتظر- إلاّ واقع الضعف وفقْد الإرادة والضياع وحتّى شَظَف العيش، وضيق ما في يدي الأمّة، ومصرع الجبناء المُضيعين.
وأنتُم لستُم الشعب النائم الذي يحتاج إلى إيقاظ، ولا الغافل الذي يحتاج إلى تنبيه، ولا الجاهل الذي يحتاج إلى تعليم، ولا الناسي لواجبه في نصْر الدِّين والأمّة حتى يُذَكَّر، ولا الساذج الذي يستغفله المستغفِلون، ويلعب بذهنه اللاعبون.
ولستُم مِمَّن تُكسَر ارادته الإيمانيّة الجهاديّة، أو يغيّر إيمانه بقيمه ودينه، ومكانة أمّته، وأهمية استقلاليّتها وسلامة أراضيها وحريّة إنسانها، ألاعيب التضليل ومؤامرات التطبيع، وهرولة الارتماء في أحضان أعداء الدِّين والإنسانيّة ومصاصي دماء الشعوب ومَنْ يعيث في الأرض الفساد.
أنتُم لستُم الشعب الأمَّعَة الذي يُقاد مِنْ غير أنْ يسأل عن صحّة القصد، وسلامة الطريق، وشرف الغاية، وصحّة الوسيلة، ومِنْ غير أنْ يسأل ما لدينه ولأمّته وما عليها مِنْ وراء ما يراد اقحامه فيه وتأييده وانتصاره له أو الرضا به والسكوت عليه على الأقلّ.
وليس شعب البحرين الذي لا ينكر منكراً، ولا يردّ باطلاً، ولا يأمر بمعروف، ولا يقيم حقّا، ولا يدفع ظلما، ولا يردُّ إلى العدل من عَدَلَ عن طريقه.
ويوم القدس العالمي، وكلّ احياءٍ له في كلّ مكانٍ يعيش الحيويّة الإسلامية، وحالة اليقظة التي يستلزمها الإيمان، وروح الحسّ الموضوعيّ والثوريّة الرشيدة، لا شيء منه للتلهية والتسلية، وإنّما ذلك لتزداد البصيرة بصيرة، واليقظة يقظة، والادراك ادراكاً، والثوريّة ثوريّة، والرُشْد رشداً، ولتكون الخطوات على طريق النصْر وتحرير المسجد الأقصى والقدس وفلسطين أسرع وأوسع وأنتج وأهدى وأرضى لله ولرسوله “صلَّى الله عليه وآله”، وأقرب ليوم النصر المبين.
يوم القدس واحياؤه في أيّ مكانٍ مِن أرض الإسلام والمعمورة، مِنْ أجل أنْ يتعزَّز شعورنا جميعاً بأنَّنا أمّة واحدة ذات منهجٍ إلهي واحد، وهدفٍ واحد، ومصيرٍ واحد، ومصلحةٍ واحدة.
وحتّى ينطلق عمل الجميع من هذه الرؤية، وهذا الإيمان والقناعة، وتتوّحد النهضة والمقاومة على طريق النصْر.
شعب البحرين العزيز الكريم شعبٌ لا ينقصه التمييز بين الحقّ والباطل، ولا بين رجالٍ مع الحق ورجالٍ آخرين مع الباطل، وقوىً وكيانات مع الحق أو الباطل، وإعلامٍ للحقّ وإعلامٍ للباطل، ومَنْ يخدم الأمّة أو يخدم أعداءها، ومَنْ يبيع الأمّة لنفسه ومَنْ يبيع نفسه للحقّ الذي معه ومَنْ معه مِنْ الأمّة قَلّوا أو كثروا، ومَن حساباته ومواقفه كلّها لدنياه، ومَن حساباته ومواقفه لدينه وأمّته وآخرته.
وليس من عينٍ عمياء اليوم لا تملك أنْ تُميّز بين مَنْ هو على حقٍّ أو باطل في الصراع مع الصهيونية البغيضة وداعميها، ومَنْ ينتصر للتطبيع معها على حساب مصالح الدين والأمّة، إلاّ تكون عيناً سدَّت عليها مطامع الدنيا أنْ تبصر الواقع والحقيقة.
يبقى يوم القدس محلَّ العناية والاهتمام دائماً مِنْ كلّ غيارى الأمّة ونافذي البصيرة فيها، لينشط طريق النصر الشامل المؤزَّر عبر بوابة المسجد الأقصى والقدس وفلسطين والجهاد والمقاومة والمُدَافَعَة للصهيونية المُعتدية وجبهة الاستكبار العريضة معها.
والمؤمنون مِنْ ذوي البصيرة والنُضج والغيْرة على الإسلام والأمّة، لا تراجع عندهم ولا فتور، ولا انكماش ولا ضمور، وإنَّما هم في نموٍّ وازديادٍ في البذْل والتضحية، وفي تقدّمٍ مستمرٍّ على طريق الجهاد حتى احقاق الحقّ وإبطال الباطل، والوصول إلى يوم النصر المبين، والظَفَر الصدق، والعزّة القاهرة.
ورَكْب المجاهدين في سبيل الله صاعدٌ وفي عزمٍ شديد على الطريق حتّى بلوغ قمّة النصْر المجيد للدين والأمّة والإنسانية، ودماء شهداء الحقّ وأشلاؤهم كفيلةٌ بعد نصْر الله بفتح كلّ مغاليق الطريق، وهَدْم حواجزه وسدوده، ونَسْف كلّ تحصينات العدوّ وقواه العدوانيّة الباغية.
وإنَّ يوم النصْر إنْ شاء الله لقريب.
أعَادَكَ الله يا شعب الإيمان والكرامة في البحرين، وجميع شعوب الأمّة المسلمة على هذا الشهْر العظيم، شهر المغفرة والرحمة في عزٍّ ونصرٍ وخير، وأنتم أكثر ثباتاً على طريق الحقّ، وأقوى في ذات الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وفَرَّج الله عن كلّ المرضى والمعلولين والسجناء المظلومين، وهو بالاجابة حقيقٌ جدير.