وأضاف إنّ هذا الفيروسُ الذي لا يُرى بالعينِ المجرّدةِ لم يستطِعِ العالمُ بأكملِهِ الوقوفَ أمامَهُ مع ما يملكُهُ من إمكانيّاتٍ، ولم يتمكّنْ من الخروجِ من أزمتِهِ بحلولٍ أرضيّةٍ؛ حتى خضعَ الكلُّ وتيقّنَ أنَّ الحلَّ خارجٌ عن إرادةِ البشرِ بل هو بيد الله تعالى وحده.
وشدّد رئيس مجلس الشورى في هذه المحنةِ والظروفِ الصعبةِ التي يعيشها العالم بسببِ الجائحةِ المستجدّةِ،على التوسّل بالإمامِ المهديِّ «عجلَ اللهُ فرجَهُ» فهو إمامُ الزمانِ وسلطانُ العصرِ وبيدِهِ قضاءُ الحوائجِ ودفعُ المهمّاتِ عن البشر، وعلى أن يكون هذا الشهرُ فرصةً للسعيِ إلى قضاءِ حوائجِ الناس، وتقديمِ المساعدةِ والعونِ والوقوفِ إلى جانبِهِم، والأخذِ بيدِ الفقراءِ والأيتامِ والمستضعفينَ وإعانتِهِم، وعدم الغفلة عن كتابِ اللهِ القرآنِ الكريمِ والتدبّرِ في آياتِهِ المباركةِ.
ودعا إلى ضرورة الإفراج السريع عن المعتقلين السياسيّين الذي يرزح منهم أكثرُ من 4000 في السجونِ الظالمةِ، لا لجرمٍ اقترفوه ولا لذنبٍ عملوه سوى مطالبتِهِم بحقوقِهِمِ المشروعةِ، فعوقبوا أشدَّ العقوبات، وها همُ اليومَ يتهدّدُهُمُ هذا الوباءُ أكثرَ من غيرِهِم، مؤكّدًا أنَّ إخراجَهَم من هذه السجونِ هو منَ الأولويّاتِ الكبيرةِ، وعلى النظامِ الخليفيِّ أن يستمعَ إلى صوتِ العقلِ والضميرِ الإنسانيِّ، وقولِ الناصحينَ والمحذّرينَ، الحريصينَ على أمنِ العبادِ والبلادِ، كالفقيهِ القائدِ آيةِ اللهِ الشيخِ عيسى أحمد قاسم، مطالبًا إيّاه بالإفراج عن جميعِ المعتقلينَ وتبييضِ السجونَ قبلَ وقوعِ الكارثةِ وحدوثِ الفاجعةِ التي قد تعصفُ بالبلادِ وتنهارُ معَهَا المنظومةُ الطبيّةُ، فلا مجالَ في هذا الظرفِ الصعبِ والمحنةِ التي يعيشُهَا العالمُ بسببِ جائحةِ فيروسِ كورونا، والأعدادِ الهائلةِ من الإصاباتِ والوفياتِ التي يوافي بها الإعلامُ، عدا التي لا يُعلمُ عنها، إلى التوظيفِ السياسيِّ.
وشدّد رئيس مجلس الشورى مجدّدًا على التعاضدِ والتكاتفِ، والوقوفِ مع الكوادرِ الطبيّةِ، والمخلصةِ عمليًّا، والتقيّدِ بتوجيهاتِ المراجعِ والعلماءِ الأفاضلِ، والالتزامِ بكلِّ التعليماتِ التي تسهمُ في الحدِّ من انتشارِ هذه الجائحةِ العالميّةِ التي تهدّدُ حياةَ الجميعِ، موجّهًا الشكر إلى كلَّ من قدّمَ وتعبَ وجاهدَ وشاركَ في هذه الحربِ على هذا العدوِّ في كافةِ مناطقِ البحرينِ لضمانِ سلامةِ الشعب، خاصًّا بالذكرِ الطاقمَ الطبّيَ الذي يتصدّرُ ساحةَ المواجهةِ، والجنودَ المجهولينَ الذين شاركوا في حملةِ التعبئةِ الوطنيّةِ لمواجهةِ كورونا في البحرين، والشبابَ المهجّرينَ الذين انضمّوا إلى حملاتِ التعقيمِ الميدانيّةِ في الجمهوريّةِ الإسلاميّة.
وأكّد أنّ شعبَ البحرين الواعيَ الذي ناضلَ وجاهدَ وتحمّلَ ما تحمّلَ من آلامٍ وجراحاتٍ، وبذلَ ما بذلَ من تضحياتٍ منذ انطلاقِ ثورتِهِ حتى اليومَ لينالَ حريَّتَهُ، متمسّكًا بأهدافِهِ التي خرجَ من أجلِها وفي مقدّمتِها حقُّ تقريرِ المصيرِ وإنهاءُ حكمِ العائلةِ الواحدةِ القائمِ على القمعِ القاسي والمتوحش، لن يقبلَ بالحلولِ الهشّةِ وبما لا يحفظُ عزّتَهُ وكرامَتَهُ ونيلَ حقِّهِ في تقريرِ مصيرِهِ، وسيبقى مواصلًا مسيرتَهُ، وضاغطًا ميدانيًّا وسياسيًّا وحقوقيًّا وإعلاميًّا حتى يحقّقَ أهدافَهُ الساميةَ، ولن تنطليَ عليه كلُّ أساليبِ النظامِ وحيلِهِ الماكرةِ والخادعةِ وتدابيرِهِ السياسيّةِ الخبيثةِ للالتفافِ على هذه الأهداف، أو تثنيهِ عن الجهادِ والدفاعِ عنها، وهو على يقينِ بمطالبِهِ وحقوقِهِ، وبنصرِ اللهِ الموعود.
وختم كلمته «فلنعتبرْ ممّا نزلَ من بلاءٍ وعمَّ العالمَ ولنتعّظْ منه، ولنرجعْ إلى اللهِ «عزَّ وجلَّ» متسلّحينَ بالدعاءِ والتوسّلِ بالعترةِ الطاهرةِ من آلِ محمدٍ «ص»، ونسألُهُ تعالى أن يعينَنَا على أنفسِنا، ويبعدَنَا عن سوءِ الخُلقِ واقترافِ الخطيئةِ، ويقبلَ توبَتَنا وإنابَتَنا بين يدَيْ حجّتِهِ الإمامِ المهديِّ (عج) ».