لم تخطّ دماء الشهداء وحدها مسيرة الثورة منذ انطلاقها، بل عبّدتها أيضًا الكلمة الحرّة التي كتبت باللون الأحمر، سلاح أقوى من كلّ الأسلحة اتي استخدمها النظام الخليفي والاحتلال السعوديّ في قتل شعب البحرين الثائر.
سقط الشهداء وظلّت الكلمة الحرّة خفّاقة يدوي صداها على مدى السنوات التسع من عمر الثورة وإن غيّب القتل قائلها.
الشهيد المدوّن والصحفي والمحرّر والكاتب «زكريا العشيري- 40 عامًا«، من بلدة الدير، رفض أن تخنق يد الجور والاحتلال كلمته الحرّة، وظلّ يكتب دستور الحقّ لشعبه، حتى صبغت دواته باللون الأحمر.
كان الشهيد العشيري يدوّن أخبار بلدته، وينشر تقارير إعلاميّة وأخبارًا في مجال حقوق الإنسان ومجالات الحياة المتنوّعة، وكتب في الصحافة المحليّة، والمواقع الإلكترونيّة وبخاصّة منتديات الدير، وفي نشرة الوفاق ومجلة صدى العقيدة، وشارك في العديد من الدورات الإعلاميّة والمهنيّة، وله الكثير من المشاركات الفاعلة في الشأن السياسيّ والوطنيّ، وعمل متطوّعًا في مؤسّسات بلدته الاجتماعيّة التي كان يطمح إلى تطويرها وتقدّمها.
شكّلت ثورة 14 فبراير منعطفًا مهمًّا للعشيري حيث وجد نفسه في واجهة المعركة مع عدوّ جاهل يمتهن القتل والقمع، فحاربه حتى النفس الأخير بكلمته الحرّة إلى أن اعتقله النظام الخليفيّ في 2 أبريل 2011، ووجه إليه تهمة نشر أخبار كاذبة، والتحريض على كراهيته، والدعوة إلى إسقاطه، وفي 9 أبريل 2011 أي بعد سبعة أيّام فقط من اعتقاله أفيد بأنّه استشهد في ظروف غامضة، حيث ادّعى الخليفيّ أنّه توفي نتيجة مضاعفات مرض فقر الدم المنجلي، لكنّ جسده على المغتسل وجراحه والكدمات التي ملأته كشفت حقيقة التعذيب الوحشيّ الذي لقيه حتى أفضى إلى استشهاده، وكان أوّل صحفيّ حرّ يستشهد في ثورة 14 فبراير.
في ذكرى الشهيد التاسعة يوجّه المركز الإعلامي في ائتلاف 14 فبراير ألف تحيّة لروحه الطاهرة، مجدّدًا له العهد ولكلّ الشهداء الإعلاميّين بالاستمرار على نهجهم في النضال بالكلمة الحرّة.