يسعى الكيان الخليفيّ في هذه الأيّام إلى اجتياز مراحل في مسيرته نحو التطبيع مع الكيان الصهيونيّ بخطوات أوسع من المعتاد، علمًا أنّه لم يوقف يومًا هرولته إلى ذلك، غير أنّه كان أحيانًا يبطئ وتيرتها تحسّبًا للظروف الراهنة.
لكنّه اليوم يوازن نفسه على الميزان الصرفيّ، فمن «التطبيع» مع الصهاينة الذي يعدّ هو عرّابه الأوّل والأساسيّ في الخليج العربيّ إن لم يكن في المنطقة، إلى «التطبّع» الصهيونيّ، لا يعني أنّه لم يكن يشبهه في جرائمه وانتهاكاته وإرهابه، بيد أنّه اليوم تلبّس لبوسه الكامل حتى انسلخ مما بقي عنده من عروبة ورجولة، حتى ليكاد المتتبع لشؤونه يظنّ أنّه الفرع الثاني للكيان الصهيونيّ في البحرين.
منذ أيّام أيّدت محاكمه غير الشرعيّة، على شاب تظاهر نصرة للقضيّة الفلسطينيّة فحرق العلم الإسرائيليّ، بالسجن 3 سنوات، فحقّق سابقة من نوعها على الصعيد العربيّ وحتى الدوليّ، كيف لا؟ وهو الذي يهوى حصد الجوائز والمراتب الأولى في كلّ شيء.
وهنا لا بدّ من التنويه له على تحقيقه سابقة أخرى ستبوّئه مكانًا في الصفّ الأوّل من المتصهينين، وهو مركز يستميت للحفاظ عليه، ظنًّا منه أنّه سيحفظ له ملكه الذي صار عقيمًا بعدما أكّد الشعب أنّه لا يرتضيه على سدّته، بل لا يرتضيه بأيّ مكان من البحرين الأصيلة بعروبتها.
هذه السابقة ضجّت بها مواقع التواصل الاجتماعيّ، حين طالعت المتابعين صورةُ طفل في العاشرة يستنجد بنظرات عينيه وبراءته كلّ الضمائر الحيّة، ومن لا تزال الإنسانيّة تنبض في عروقه، لفكّ قيده وتحريره من السجون الخليفيّة.
الطفل «أمين رضا علي» من بلدة المرخ، اعتقل يوم الجمعة 14 فبراير/ شباط 2020 حين شنّت عصابات الساقط حمد حملة مداهمات سافرة على المناطق، واعتقلت كلّ من وجدته في طريقها، من دون تفرقة أو التأكد إذا ما كان ثائرًا مشاركًا في فعاليّات الذكرى التاسعة للثورة أو عابر سبيل، أو طفلًا يلهو مع أقرانه بجانب منزله.
أخفي «علي» من الساعة 4 عصرًا حتى الساعة 12 ليلًا، 8 ساعات لطفل في العاشرة بين وحوش بشريّة مع صراخ وتهديد ووعيد وضرب، ثمّ «إفراج مؤقّت» ليومين قبل أن يوقّع من يسمّى وكيل نيابة على قرار بتوقيفه أسبوعًا، ولا غرابة في أن تكون التهمة في البداية «على ذمّة التحقيق»، ثمّ ترتقي لتصبح «المشاركة في تجمهر»، وتظلّ النيابة تؤجّل قرار الإفراج عنه، لا لشيء سوى ليثبت الكيان الخليفيّ أنّه قد ارتقى درجات على سلّم التطبيع مع الكيان الصهيونيّ.