ألقى ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة للثورة، أكّد فيه الاستمرار حتى تحقيق أهدافها، مشيدًا بثبات الشعب طيلة السنوات التسع الماضية في مواجهة آل خليفة الذين تدعمهم دول الاستكبار، وموجّهًا التحيّة لسماحة الفقيه القائد والرموز المعتقلين.
وهذا نصّ الخطاب كاملًا:
بسمِ اللهِ الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ الذي يؤمنُ الخائفينَ وينُجي الصالحينَ، ويرفعُ المستضعفينَ ويضعُ المستكبرينَ، ويهلكُ ملوكًا ويستخلفُ آخرين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِ بيتِهِ الطيّبينَ الطاهرينَ وأصحابِه المنتجبين.
ونحنُ في رحاب شهر الثورةِ المباركة، شهر فبراير الصبرِ والاستقامةِ، نُرسلُ تحيّةَ إجلالٍ وإكبارٍ لأبناءِ شعبِنا العظيم، شعبِ البحرينِ الصابرِ والصامدِ بعزّةٍ وإباءٍ في ميادينِ الثورةِ وساحاتِ البطولةِ والكرامةِ، ونقولُ لهم، «نعم، على طريقِ النصرِ معكم سائرون»، كما نُرسلُ سلامَنا وسلامَ أبناءِ شعبِنا للفقيهِ القائدِ المقاومِ سماحةِ آيةِ اللهِ الشيخِ عيسى أحمد قاسم «دام عزُّهُ»، سائلينَ المولى (جلّ في علاه) أن يديمَ عليه موفورَ الصحّةِ والعافيةِ، وأن يحفَّهُ بعنايتِهِ من جورِ الظالمين.
يا شعبَنا المقاوم.. ها قد بزغتْ شمسُ ذكرى ثورتِنا المجيدةِ من جديدٍ في عاشرِ أعوامِها، لترسلَ أشعّتَهَا الملتهبةَ بذكرياتِ انطلاقةِ الفجرِ الجديدِ، فجرِ ثورةِ الرابعَ عشرَ من فبراير، هي الثورةُ التي لم تغادرْ ضمائرَكُم ووجدانَكُم ولن تغادرَها، وأصبحتْ كالدماءِ الجاريةِ في عروقِكُم بعد أنِ اجتمعتْ دماءُ شهدائِنا الزكيّةِ الطاهرةِ على دروبِها، فانفجرتْ من دماءِ «الشهيدِ علي مشيمع»، و«الشهيدِ فاضل المتروك»، و«الشهيدِ القائدِ عبد الرضا بوحميد» فاتحِ ميدانِ الشهداء، إلى أن خطّتْ ملاحمَ البطولةِ على جبينِ الشهيدِ «أحمد فرحان»، وصولاً للشهيدين السعيدين «حميد خاتم والسيد كاظم عباس».
تحلُّ علينا الذكرى التاسعةُ لانطلاقة ثورتِنا المباركة، وندخلُ في عامِها العاشر، وعينٌ لنا ترمقُ قدسَ الأقداسِ لِنعلنَ موقفًا بحرانيًّا موحدًا برفضِ «صفقةِ القرن» المشؤومةِ، ونؤكّدَ مركزيّةَ قضيّةِ الأمّةِ التي مضى على طريقِها أخيرًا شهداءٌ عظامٌ منهم «الحاج الشهيد القائد قاسم سليماني والحاج الشهيد القائد أبو مهدي المهندس» ورفاقهما، وعينٌ أخرى تنظرُ إلى صرحِ ميدانِ الشهداءِ وهو ماثلٌ أمامَنَا بكرامتِهِ وعزّتِهِ، وصورُ الصمودِ في مرفأِ الحريّةِ لا تزال واضحةً كصورِ الضحايا الأبرياءِ في مجمعِ السلمانيّةِ الطبيّ، تحلُّ الذكرى وشوقُنا يتعاظمُ إلى لقاءِ الرموزِ القادةِ المغيّبينَ في سجونِ الكيانِ الخليفيِّ الإرهابيِّ، هؤلاءِ الرموزُ الذين قدّموا الكثيرَ من أجلِ حُريّةِ البحرينِ واستقرارِها وكرامةِ شعبِها، هؤلاءِ الرموزُ الذين نذروا أنفسَهُم للدفاعِ عن المظلومينَ والانتصارِ للحقِّ والعدلِ والمبادئِ السامية، فلهم منّا أجملُ تحيّةٍ، وسيأتي اليومُ القريبُ الذي سنستقبلُهُم فيه بمدنِ البحرينِ وبلداتِها استقبالًا يليقُ بتضحياتِهم الكبيرة.
يا شعبَ العزّةِ والكرامةِ، ويا شعبَ الصبرِ والاستقامة..
إنّ إخوانَكم الشهداءَ يرقبونَ من عليائِهِم حضورَكُم في الميادينِ والساحات، وإخوانَكم المعتقلينَ والمطاردينَ والمغتربينَ يُكبرون فيكم روحَ الصمودِ والمقاومة، فلقد سجّلتمْ يا جماهيرَ شعبِنا الأبيِّ على مدى تسعةِ أعوامٍ انتصاراتٍ مهمّةً بصمودِكم، ولم تهنوا وتحزنوا وتُعطوا الكيانَ الخليفيَّ المجرمَ أيَّ شرعيّة، وكان جوابُكُم هو الثباتَ أمام العصابةِ المجرمةِ ومقاومَتَها؛ فحقّقتمْ بصبرِكم وثباتِكم واستقامتِكم الكثيرَ، ولا يزالُ الطريقُ أمامكم لتحقيقِ المزيدِ على طريقِ النصر، والمزيدِ من الأهدافِ المنشودةِ ولا سيّما تقريرُ المصير، فإنّهم يرونَه بعيدًا ونراه قريبًا.
وهنا نُشيدُ، في ائتلافِ شبابِ ثورةِ 14 فبراير، بالخطواتِ الوحدويّةِ التي شهدتْها مساراتُ العملِ المعارضِ، ونُرسلُ تحيّةً لرفاقِ دربِنا في مختلفِ الحركاتِ السياسيّةِ والثوريّة، مثمّنينَ الجهودَ الحثيثةَ لقطعِ الطريقِ على النظامِ ومكائدِهِ الخبيثة، وإفشالِ خططِه الدنيئةِ لبثِّ الفرقةِ والفتنةِ بين أبناء الشعبِ وأطيافِ المعارضة، ونُؤكّدُ أهميّةَ الاستمرارِ في مثلِ هذه الخطواتِ، وتطويرَها بما يُحققُ المزيدَ من الإنجازاتِ والتقدّم.
يا أبناءَ شعبِنا الثائرِ المقاوم، نجدّدُ العهدَ معكُم للعامِ التاسعِ على التوالي ومع دماءِ الشهداء، ومع أحبّتِنا الأسرى والجرحى والمُهجّرينَ وكلِّ المضحّين، على الثباتِ والصمودِ لإحياءِ هذه الذكرى بما يليقُ وحجمَ تضحياتِكُم الجسيمة، وندعو كلَّ الثوّارِ إلى رفعِ حالةِ الجهوزيّةِ في المدنِ والبلداتِ البحرانيّةِ كافّة، استعدادًا لفعاليّاتِ هذه الذكرى، فلن توقفَنَا بنادقُ مرتزقةِ الكيانِ الخليفيّ، ولن يُرهبَنَا الدعمُ الأمريكيُّ – البريطانيُّ لهذه العصابةِ الحاكمةِ التي سفكتْ دماءَ الأبرياءِ، وانتهكتِ الحرماتِ وهدمتْ بيوتَ اللهِ وحرقتِ القرآنَ الكريمَ، وأوغلتْ في ارتكابِ الجرائمِ الفظيعةِ بحقِّكُم أيُّها الأصلاء.
إنَّ ثباتَكُم، أيُّها الأوفياء، وتمسّكَكُم بمبادئِ الثورةِ وأهدافِها التي نصَّ عليها «ميثاقُ اللؤلؤ»، وفي طليعتِها إنهاءُ الحكمِ الديكتاتوريِّ ونيلُ حقِّ تقريرِ المصير، حقّقا الكثيرَ وأعجزا الكيانَ الخليفيَّ المجرمَ عن مواجهَتِكُم، وفضحاه أمام حلفائِهِ وخصومِهِ، وكشفا زيفَهُ أمام المجتمعِ الدوليّ، وبقيتُمْ كما أنتم، في شموخٍ وثباتٍ، فهلّموا معًا من جديد، لنُحييَ ذكرى ثورتِنا المجيدة، بقبضاتٍ ملؤُها الإيمانُ والأملُ بنصرِ اللهِ الموعودِ، فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون، سيروا على بركةِ الله على هذا الطريقِ الشائكِ الوعر، وهو طريقُ الأنبياءِ والأولياءِ الصالحين، فالمددُ الإلهيُّ حاضرٌ معنا، وما النصرُ إلّا من عند الله.
ائتلاف شباب ثورة الرابع عشر من فبراير
الثلاثاء 11 فبراير 2020
العاصمة المنامة- البحرين المحتلّة