رأى علماء البحرين أنّ التجارب أثبتت أنّ شعب البحرين عصيّ على الرضوخ للظلم ولا يستسلم له، ولا يمكن أن يتعايش معه أو تستقرّ البلد في ظلّه.،
وفي بيان لهم يوم الجمعة 7 فبراير/ شباط 2020 دعوا كافّة أبناء الشعب الوفيّ إلى النزول لميادين الحراك والعمل والجهاد، وبكلّ الوسائل المتاحة والمشروعة في ذكرى 14 فبراير المجيدة، مجدّدين العهد مع الشهداء وعوائلهم والجرحى والمضحّين والمعتقلين الأحرار، والبيعة للقائد الفقيه آية الله الشيخ عيسى قاسم، والوفاء والإخلاص لرموز المسيرة.
وهذا نصّ البيان:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات ١٥]لا يكون إيمان صدق مِن دون جهاد في سبيل الله، جهاد ضدَّ الظِّلم والفساد والإفساد، جهاد بالأموال والأنفس يطلب العدل والحقّ وحرّية الإنسان من استعباد الطَّاغوت وجشع البشر واستكبار المستكبرين وتسلّطهم على رقاب عباد الله المستضعفين.
ومِن هذا الأساس الإيماني انطلقت نهضات شعب البحرين المؤمن على مرِّ التاريخ الذي اتَّسم بعدم الإستقرار في العلاقة بين النِّظام الجائر والشَّعب كنتيجة طبيعية للمنافرة بين الايمان الصَّادق وبين الظِّلم والعدوان، فلا تكاد تهدأ الأوضاع نسبيًّا في ظلِّ مساعٍ محدودة للإصلاح حتّى تتفجَّر من جديد بسبب الإنقلاب ونقض العهود من جانب الحكم. .
وإنَّنا في اليوم الذي نرضى فيه بأن يحكمنا الظِّلم والجور مِن دون أنْ نغيِّر عليه بقول ولا بفعل سنكون قد فقدنا إيماننا، هذه هي عقيدة شعبنا، ومن عرف هذا الشَّعب العظيم يعلم أنَّه لم يفارق خط الإيمان منذ صدر الإسلام ولن يفارقه أبدًا، وقد أثبتت التَّجارب أنَّ شعب البحرين عصيٌّ على الرُّضوخ للظِّلم ولا يستسلم له ولا يمكن أن يتعايش معه أو تستقر البلد في ظلِّه. .
إنَّ فهم واستيعاب هذا الأساس يشكِّل المدخل لأيِّ حلٍ يراد له أن يأخذ البلد إلى برِّ الأمان والاستقرار والتَّنمية والإزدهار.
واليوم وفي ذكرى انطلاقة ١٤ فبراير المظفَّرة نجدِّد عهدنا مع شهدائنا الأبرار ومع الجرحى والمضحين والمعتقلين الأحرار، ونجدِّد بيعتنا وانقيادنا التَّام للقائد الفقيه سماحة آية الله الشَّيخ عيسى أحمد قاسم (دام ظلَّه)، ونجدِّد وفاءنا وإخلاصنا لرموز مسيرتنا العلماء والأساتذة المجاهدين، ونجدِّد العهد مع كلِّ أبناء شعبنا العزيز لا سيما عوائل الشُّهداء الذين جسَّدوا أروع ملاحم الصُّمود، وقبل ذلك ومعه نعاهد الله سبحانه تعالى بمواصلة المسيرة والثَّورة على الظِّلم والدِّيكتاتورية، وأنْ لا نُقارَّ على كظَّة ظالم ولا سغب مظلوم.
كما نجدِّد تأكيدنا على ما يلي:١– إنَّ إنتصار الشَّعب أمرٌ حتميٌّ بإذن الله تعالى؛ لأنَّه مع الحقّ ويطلب الحقّ، وإنَّ سنة الله تعالى قاضية بأنَّ الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه، وأنَّ من صارع الحقّ صرعه. وإنَّنا على ثقة تامة بذلك وفق إيماننا بوعد الله تعالى وثقتنا بنصره عزَّ وجلَّ، وثقتنا بصبر شعبنا وصلابته واستعداده للتضحية على الدَّوام، وثقتنا بحكمة قيادته الرَّبانية، وإخلاص رموزه الوطنية الواعية والمضحية، وسلامة نهجه وعدالة قضيته، ولذلك فإنَّنا مع شعبنا (على طريق النَّصر) وعلى موعد مع النَّصر بإذن الله تعالى. .
٢– نؤكِّد على تمسك الشَّعب بمطالبه المشروعة وحقَّه السِّياسي الثَّابت في نظام غير مستبد ولا جائر، وسلطات يكون هو مصدرها بحقّ، ودستور يقرّه بنفسه ويقرِّر من خلاله مصيره، ونؤكِّد تمسُّكه بكافة حقوقه الطَّبيعية في الحرِّية والكرامة وخصوصًا ما يتَّصل منها بدينه ومقدَّساته وفرائضه وشعائره التي لم تسلم من عدوان السُّلطة وجورها.
ونؤكِّد أنَّ كلَّ محاولات النِّظام للإلتفاف أو القفز على مطالب الشَّعب قد باءت وستبوء دومًا بالفشل في ظلّ حكمة القيادة الرَّبانية وصمود الرُّموز الشَّعبية، وفي ظلِّ وعي الشَّعب الذي صقلته التَّجارب. .
٣– إنَّ التفاف الشَّعب بقواه وتوجهاته المتنوِّعة حول قيادة ورمزية وأبوّة الفقيه القائد سماحة آية الله الشَّيخ عيسى أحمد قاسم (حفظه الله تعالى)، وخصوصًا في هذه المرحلة، من شأنه أن يعزِّز وحدة الشَّعب أمام غطرسة السُّلطة وبصورة غير مسبوقة، وأن يفتح الطريق بكيفية أقوى للتَّعاون الحقيقي على القواسم المشتركة التي هي أكثر وأكبر من كلِّ اختلاف، وإنَّ المسؤولية الشَّرعية والأمانة تقتضي الدفع بهذا الإتِّجاه لدى الجميع.
٤– نؤكِّد على التَّمسك بالسلمية كخيار استراتيجي لا تخلي عنه، وقد أثبتت التَّجارب والسنون مدى الحاجة له في استمرارية الحراك وبقاء شعلته وقَّادة على الدوام، وهذه الحاجة تتأكَّد اليوم بصورة أكبر من السَّابق.
٥– لقد تكوَّن جيلٌ جديد من الشَّباب بعد تسع سنوات من انطلاق الحراك، وهذا الجيل مدعو -وخصوصًا أصحاب المؤهلات القيادية- إلى إنعاش العمل الميداني السِّلمي وضخ الدِّماء الجديدة فيه بكلِّ حيوية ونشاط. وإنِّ الشَّعب ينتظركم أيُّها الجيل الصَّاعد الواعد، ينتظر أن يرى بصماتكم القوية في ذكرى الثَّورة لهذا العام وعلى طول الخط.٦– إنَّ أحبتنا المطاردين ظلمًا، والجرحى، والمعتقلين، وعائلاتهم جميعًا، وعلى رأسهم عوائل الشُّهداء هم أمانة في أعناقنا، ونحن مكلَّفون بواجب الوفاء لحقِّهم الكبير علينا، فعلينا أنْ لا نغفل ولا نقصِّر في الوقوف إلى جانبهم وتفقُّد أحوالهم والسَّعي في قضاء حاجاتهم.
ختامًا، ندعو كافة أبناء الشَّعب الوفي للنزول لميادين الحراك والعمل والجهاد، بالكلمة، والموقف، والقلم، والصُّورة، وبكلِّ الوسائل المتاحة والمشروعة، في الشَّارع وفي وسائل الإعلام ووسائل التَّواصل، وغيرها، وخصوصًا في المسيرات والجولات الميدانية السّلمية في ذكرى ١٤ فبراير المجيد، يوم الثَّورة على الظِّلم والظالمين، يوم من صدقوا ما عاهدوا الله عليه، يوم وقوف مع الحقّ، بالحقّ، وللحقّ.إنَّ حراككم في هذا السبيل عبادة كبرى لله وحده لا شريك له، بل إنَّها فريضةٌ تصان بها كلَّ فرائض الإسلام من صلاةٍ وصومٍ وزكاةٍ وغيرها، واعلموا أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يُقرِّبان من أجلٍ، ولا يُنقصان من رزق، وأنَّ أفضل الجهاد كلمة حقٍّ تقال عند ذي سلطانٍ جائر.
اَللّـهُمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الاْسْلامَ وَاَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَاَهْلَهُ.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
علماء البحرين
١٢ جمادى الثاني ١٤٤١هـ
٧ فبراير ٢٠٢٠م