شدّد سماحة القائد السيّد علي الخامنئي على أنّ وجود أمريكا في المنطقة يجب أن ينتهي، مؤكّدًا أنّ الردّ الذي وجّهه الحرس الثوري فجر اليوم إليها ما هو إلا صفعة والانتقام أمر آخر.
وأشاد خلال استقباله حشدًا من أهالي مدينة قم المقدسة، اليوم الأربعاء 8 يناير/ كانون الثاني 2020، ببطولات الشهيد القائد «قاسم سليماني» وشجاعته، حيث تمكّن من الوقوف أمام كل المخططات التي تقوم بها أمريكا بالمال والأجهزة الدعائيّة الواسعة والقدرة الدبلوماسية والغطرسة التي تمارسها على سياسيي العالم، ونجح في إحباط كلّ هذه المخططات التي تم حياكتها بواسطة كلّ هذه الأدوات.
ففي فلسطين، عمل سليماني على جعل قطاع غزة يقف أمام الكيان الصهيوني ويرغمه على طلب وقف إطلاق النار بعد 48 ساعة من المواجهة، وهو أمر شهد به الفلسيطينيّون مرارًا، وكذلك أسهم الشهيد في إحباط مخططات أمريكيّة للعراق وسوريا ولبنان.
وأوضح سماحته أنّ الأمريكيّين يريدون العراق كما كان نظام الطاغوت في إيران والسعودية اليوم، وأن تكون المنطقة المليئة بالنفط تحت تصرّفهم، وأن يفعلوا ما يريدون وبتعبير «ترامب» أن تكون بقرة حلوب.
وأضاف أنّ العناصر العراقية المؤمنة والشجاعة والمرجعية قد وقفوا أمام هذه الأمور، وقدّم الحاج قاسم الدعم لهذه الجبهة الواسعة بصفة مستشار وداعم كبير، وفيما يتعلق بلبنان فإنّ الأمريكيّين يرغبون في حرمانه من أهم عناصر استقلاله، وهو حزب الله، كي يفسحوا المجال أمام هيمنة الكيان الصهيوني عليه، إلّا أنّ حزب الله قد أضحى أقوى يومًا بعد يوم، ويعدّ اليوم يد لبنان وعينه، وكان لسليماني دور ممتاز وبارز في هذا المجال.
ونوّه آية الله الخامنئي بالشهيد أبو مهدي المهندس؛ الذي وصفه بالرجل المؤمن والشجاع، والذي كان نور الإيمان يتلألأ في وجهه تمامًا، وكيف تمكّن مع سليماني من إنجاز أعمال كبرى.
وأشار إلى مراسم التشييع المليونيّة الحاشدة للشهيد سليماني ورفاقه في العراق وإيران، مؤكّدًا أنّ استشهاده قد أظهر للعالم كلّه بأنّ الثورة في البلاد ما زالت حيّة، وهو ما يفنّد إيحاءات بعضهم بأنّ الثورة في إيران قد اندثرت وماتت وانتهت، وبطبيعة الحال فإنّه هؤلاء يسعون لحدوث هذا الأمر.
وأعرب سماحته عن أسفه وحزنه العميق للحادث المرير الذي وقع في مدينة كرمان خلال مراسم تشييع الشهيد سليماني، والذي راح ضحيّته عدد من الأفراد بسبب التدافع والزحام الشديد.
ولفت إلى أنّ الأمريكيّين يسعون لإلصاق وصم الإرهاب بسليماني، هذا المجاهد العظيم والقائد الكبير المكافح للإرهاب، مشدّدًا على أنّهم عديمو الإنصاف وكذابون وبذيئو اللسان، ولا يمكن إيلاء قيمة لكلامهم.
وأكّد أنّ عمليّة اليوم هي مجرّد صفعة لهم فقضية الثأر هي قضية أخرى، والأعمال العسكريّة بهذه الصورة لا تكفي، إذ يجب إنهاء الوجود الأمريكي المثير للفساد في هذه المنطقة، لقد أثاروا الحروب والفتن والدمار وتخريب البنية التحتيّة، أينما حلّوا، وهم يصرّون أيضًا على توجيه الاتهام للجمهورية الإسلاميّة بأنّها وراء هذا الفساد والدمار، لافتًا إلى أنّ إصرارهم على التفاوض والجلوس خلف طاولة المفاوضات تمهيد لمثل هذا الوجود والتدخّلات، غير أنّ شعوب المنطقة والحكومات النابعة من شعوبها ترفض هذا الأمر.
وأوضح سماحته أنّ عدوّ الأمّة يتمثّل بأمريكا والكيان الصهيوني وجهاز الاستكبار الذي يتضمّن أيضًا مجموعة من الشركات وناهبي ثروات العالم الذي يعارضون كلّ من يعارض الظلم والنهب، وهذا التوصيف لا يشمل الحكومات التي تتحدّث ضدّ الجمهوريّة في المنطقة أو خارجها فهي لا تعدّ عدوّة ما دامت لم تقم بتحرّك ما ضدّ إيران، «لذا لا ينبغي الوقوع في الخطا في تشخيص العدوّ».
ورأى السيد الخامنئي أنّ عداء جبهة الأعداء التي أشار إليها بأنّه ليس موسميًّا وفصليًّا، بل هو عداء ذاتي ودائم، مضيفًا «ومتى ما تمكّنوا فإنّهم يوجهون الضربة كلّ ما استطاعوا»، مؤكّدًا أنّ العلاج لهذه القضيّة هو «أن نقوي أنفسنا من النواحي العسكريّة والأمنيّة والسياسيّة والاقتصاديّة وغير ذلك بحيث لا يتمكن العدو من ضربنا»، ومشدّدًا على أنّه من الخطأ الكبير لو تصوّر بعضهم أنّه «لو تراجعنا خطوة وتنازلنا بعض الشيء فإنّ الأمريكيّين سيكفون عن عدائهم لنا».