قال مدير المكتب السياسي لائتلاف شباب ثورة ١٤ فبراير، د. إبراهيم العرادي إنّ الشهيد الشيخ نمر باقر النمر عبّر بكلماته الجريئة عن مشروعِهِ السياسيِّ، ولخّصَ بها عمقَ ما يطرحُهُ من قضيّةٍ، فصنعَ بتجربتِهِ المضمّخةِ بالدمِ العبيطِ عنوانًا للحريّةِ ومثالًا حيًّا للانعتاقِ من ذلِّ العبوديّةِ والخنوع.
جاء ذلك في المهرجان الخطابي «فوق أيديهم» الذي أقامته المعارضة الحجازيّة في مدينة مانشستر البريطانية، يوم السبت 4 يناير/ كانون الثاني 2020، إحياء للذكرى السنويّة الرابعة لاستشهاد آية الله الشيخ نمر باقر النمر، حيث أوضح العرادي أنّ الشهيد وضعَ الأمّةَ، بلِ البشريّةَ جمعاء، أمام تجربةٍ تنضحُ حيويّةً وعنفوانًا لطلّابِ الحريّةِ، بعد أنْ حطّمَ بالدمِ أسطورةَ الرهبةِ والخوفِ من الحاكمِ المستبدِّ والطاغيةِ الجائر، ووضعَ تجربتَهُ هذه أمام العالم ليستفيدَ منها جميعُ طلّابِ الحريّةِ والعدالةِ في مجتمعاتِهِم من قوّةِ ما تضخُّهُ فيهم من روحٍ وحيويّةٍ، وما تزرعُهُ في نفوسِهِم من قيمٍ ومبادىءَ خلاّقةٍ من أجلِ الكرامةِ ومواجهةِ الطغاةِ المستبدّين.
ومشيدًا بمواقف سماحته البطوليّة أضاف العرادي «سهلٌ جدًّا التنظيرُ من وراءِ الحجبِ والسواترِ في سُبلِ مواجهةِ الطاغوتِ، ومجابهةِ الأنظمةِ الشموليّةِ المستبدّة، كما أنّ من السهلِ تسجيلَ البطولاتِ الورقيّة في الغرفِ المظلمةِ، وتحقيقَ الانتصاراتِ الزائفةِ في الحروبِ بالمناظيرِ والتلسكوبات، ولكن من النّادرِ تسجيلُ الموقفِ على الأرضِ، خاصّةً عندما تكونُ تكاليفُهُ باهظةً، وهكذا كانت صرخةُ آيةِ اللهِ النمرِ بوجهِ الظالمِ في ظلِّ جبروتِهِ، وفي عقرِ دارِهِ، وليس من وراءِ الحدود، وهذا هو الموقفُ الذي يقلُّ نظيرُهُ، وربّما ينعدم»، مستنكرًا صمت نخبة الشعوب والناس عن ظلم الحكّام واستبدادهم.
وشدّد على أنّ الاستفادةَ من التجربةِ المضمّخةِ بدماءِ الشهيدِ آيةِ اللهِ الشيخِ النمر لا بدَّ من أن تكونَ عمليّةً، بأخذِ الموقفِ أمامَ السلطانِ الجائرِ والنظامِ الظالمِ والمتجبّرِ، وهذه هي إحدى ثمارِ شهادته.
وقال الدكتور العرادي إنّ الشيخ الشهيد أصبح أعظمَ مثالٍ للشجاعةِ والإقدامِ في مجابهةِ الطاغوت، وقد أضحى قدوةً للعرب والمسلمين ولكلّ أحرار العالم في مجالِ الموقفِ الحقِّ أمام سلاطينِ الظلمِ والاستبدادِ والجورِ، مؤكّدًا أنّ شهادتهُ حجّةٌ بالغةٌ على الساكتينَ والخانعينَ والخاضعينَ لحكمِ الأمرِ الواقعِ، والمتدّثرينَ وراءَ الجدرانِ خوفًا وهلعًا من سلطاتِ الجورِ والاستبدادِ، وهي من جهةٍ أخرى وصمةُ عارٍ على الأنظمةِ الديكتاتوريّةِ المستبدّةِ التي تتشدّقُ ليلَ نهارٍ بالحريّاتِ وحقوقِ الإنسان.
وأكّد أنّ جريمةَ قتلِه هي جريمةٌ مكتملةُ الأركانِ لنظامٍ لا يتوانى عن سفكِ الدماءِ في التعاطي مع من يختلفونَ معه في الرأيِ والموقف، كما كشفت أنّ البشريّةَ بحاجةٍ إلى صياغةِ نظامٍ جديدٍ يضعُ حدًّا للديكتاتوريّةِ والحكّامِ المستبدّين، ويضعُ الآلياتِ اللازمةَ لحمايةِ الكرامةِ الإنسانيّةِ وصيانةِ العدالةِ في المجتمعاتِ الإنسانيّة، موضحًا أنّها لا تكمنُ في جانبِها المتوحّشِ بحزِّ الرأسِ فقط، وإنّما تضاهيها أيضًا جريمةُ اختطافِ جثتِهِ وإخفائِها وعدم تسليمِها لحدِّ الآن لذويه، بالرغمِ من مرورِ أربعِ سنواتٍ على قتله.
ودعا مدير المكتب السياسي في ختام كلمته جميعَ الأحرارِ والشرفاءِ في العالمِ إلى أن يجعلوا من الصورةِ الرمزيّةِ للشهيدِ آيةِ الله النمر أيقونةً معبّرةً عن تطلّعاتِهِم الإنسانيّةِ نحو الكرامةِ والعدالةِ، وطالب جميعَ المنظّماتِ والهيئاتِ الدوليّةِ والشخصيّاتِ السياسيّةِ والحقوقيّةِ والاجتماعيّةِ والدينيّةِ بممارسةِ كافةِ أشكالِ الضغطِ على النظامِ السعوديِّ لوقفِ الإعداماتِ السياسيّة، والإفراجِ الفوريِّ عن جثةِ الشهيدِ آية الله النمر وتسليمِها لذويه، ليتسنّى لهم ولكلِّ شعبِ الجزيرةِ العربيّةِ إقامةَ مراسمِ الدفنِ والتشييعِ بما يليقُ بقامةٍ دينيّةٍ كبيرةٍ كسماحتِه.