بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ للهِ قاِصمِ الجَّبارينَ، مُبيرِ الظّالِمينَ، مُدْرِكِ الْهارِبينَ، نَكالِ الظّالِمينَ صَريخِ الْمُسْتَصْرِخينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطّالِبينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنينَ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد خاتم النبيّين والمرسلين «ص»، وعلى أهل بيته الصادقين وعترته الناطقين «ع»، واللعن الدائم على ظالميهم من الآن إلى قيام يوم الدين.
شهر رمضان المبارك قد أقبل بخيراته وبركاته، وموائده ونفحاته، وأيّامه ولياليه وساعاته وثوانيه المباركة، شهر عامر بذكر الله «عزّ وجلّ» وعبادته، تكثر فيه تلاوة القرآن الكريم الذي نزل فيه وتُرتّل آياته ترتيلا.
على الإنسان المؤمن في هذا الشهر الكريم أن يوطّد علاقته بكتاب الله؛ فهو مصدر التشريعات الإسلاميّة، وهو مصدر البيّنات التي يجب أن نهتدي بها على الواقع بكلّ تفاصيله ووقائعه وأحداثه والتي تولّت العترة الطاهرة شرحها وتفسيرها، وهو الكتاب الذي ينبغي لنا أن نسير على توجيهاته وتعاليمه، لأنّه يرتقي بنا إلى مدارج المعرفة والكمال، فلا يوجد ما هو أرقى من القرآن الكريم وأكمل منه، فها هو أمير المؤنين «ع» يصفه «نُوراً لَا تُطْفَأُ مَصَابِيحُهُ وَ سِرَاجاً لَا يَخْبُو تَوَقُّدُهُ وَ بَحْراً لَا يُدْرَكُ قَعْرُهُ وَ مِنْهَاجاً لَا يُضِلُّ نَهْجُهُ وَ شُعَاعاً لَا يُظْلِمُ ضَوْءُهُ وَ فُرْقَاناً لَا يُخْمَدُ بُرْهَانُهُ وَ تِبْيَاناً لَا تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ وَ شِفَاءً لَا تُخْشَى أَسْقَامُهُ وَ عِزّاً لَا تُهْزَمُ أَنْصَارُهُ وَ حَقّاً لَا تُخْذَلُ أَعْوَانُهُ»، فليكن أحسن حديثنا، وربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا.
انطلاقًا من تعاليم القرآن والعترة الطاهرة، نؤكّد الآتي:
أوّلًا: أنّ تكليفنا الشرعي يحتّم علينا مواصلة حراكنا الثوريّ حتى تحقيق مطالبنا المشروعة وإن طال زمان الثورة، وحين يتعلّق الأمر بالتكليف الشرعيّ فيجب أن يكون عملنا مرتبطًا بالله «عزّ وجلّ»، وألا يصيبنا اليأس أوالتعب أوالملل، بل يدفعنا الأمل والإيمان بالنصر المؤزّر والأكيد.
ثانيًا: ضرورة التوحّد في مواجهة المستكبرين والمستبدين، فنحن اليوم أمام مشاهد مخزية من أنظمة دكتاتوريّة فاقدة للشرعيّة عميلة للأمريكان، وتهرول نحو التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني العدائي الغاصب لأرض فلسطين، من هنا فإنّ الإيمان والوعي والمسؤوليّة تفرض على الجميع التحرّك بكلّ المستطاع لمواجهة أعداء الأمّة في مختلف المجالات: مقاطعة كلّ ما فيه دعم للاقتصاد الإسرائيليّ والاقتصاد الأمريكيّ، لأنّ هذا العمل شديد عليهم، ورفع الشعارات المناهضة لهم ولسياساتهم وعلى رأسها أكثر ما يغيظهم: «الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل».
ثالثًا: لقد تجلتً الحقائق وانكشفت الوقائع عن أنّ من يفرّخ الإرهاب هو الاستخبارات الأمريكيّة والإسرائيليّة، ونظام آل سعود راعي الإرهاب والنظام الخليفي ينعق مع الباطل، لا يملك وعيًا، ولا يعرف ما يدور وما يجري في الساحة، كلّ ذلك سعيًا منهم لاحتلال الشعوب، والسيطرة عليها، ونهب ثرواتها وخيراتها، وما قرارات ترامب وتبعيّة النظامين السعوديّ والخليفي لها، من صفقة القرن والاعتراف بالقدس والجولان تحت السيادة الصهيونيّة، وتصنيف الحرس الثوري في الجمهورية الإسلامية بالإرهاب، وفرض العقوبات على الدول المستوردة لنفط إيران، وغير ذلك من القرارات المجنونة والعدائيّة إلّا تغطية لوجههم القبيح ومحاولة لطمس الحقائق والواقع الذي لا ينطلي على أصحاب الوعي والإدراك، والبصيرة النافذة.
أخيرًا: لأبناء شعب البحرين الحبيب، الشعب القرآنيّ المتمسّك بالقرآن الكريم، منهج الله القويم الذي اختاره لعباده بعلمه وحكمته، وبما جاء فيه من تعاليم لمواجهة للمستكبرين والطغاة المتجبّرين، أقول: لا تتراجعوا فأنتم لا تعرفون الذلّ والهزيمة، أنتم شعب مؤمن بمطالبه المشروعة وحقانيّتها، ولا يقبل إلّا بما يحفظ كرامته وعزّته بتحقيقها وتقرير مصيره، فلا بدّ من أن ينتصر له الله فينتصر، وأوصيكم أحبّتي وأعزائي من منطلق الشعور بالمسؤوليّة وتأدية التكليف الشرعي، بالمشاركة الفاعلة في اليوم الوطني لطرد القاعدة الأمريكية، في أوّل جمعة من شهر رمضان والعمل الجاد على الإعداد والاستعداد النفسي لمواجهة وجودهم في وطننا العزيز، والإحياء اللائق ليوم من أيّام الله العظيمة، يوم القدس العالمي في آخر جمعة من رمضان، فإنّ إحياء هذا اليوم معناه أن تبقى فلسطين ومشاعر الجهاد والرفض لإسرائيل حيّة في نفوسنا وحياتنا، وهو خطوة عمليّة لتحرير الأراضي الفلسطينيّة وانتصار للشعوب المستضعفة.
أسأل الله أن يحفظ لنا الفقيه القائد سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم «دام عزّه» الذي حمل على عاتقه نصرة المظلومين، ووقف إلى جانب مطالب شعبه عبر منبره الصادق، وتوجيهاته الرشيدة، وبياناته الهادفة، وكلّ عام وأنتم بخير وتقبّل الله أعمالكم في هذا الشهر المبارك، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.
رئيس مجلس شورى ائتلاف 14 فبراير
الثلاثاء 7 مايو/ أيّار 2019 م
المنامة – البحرين المحتلة