أكّد الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم أنّ على المستضعفين عدم الخضوع للطواغيت، وأنّ السبيل الوحيد للتخلّص من الوضع المأساوي الراهن والانحدار الذي تشهده البشريّة هو العودة إلى الإسلام العظيم والتمسّك به.
آية الله قاسم، وفي كلمة له يوم السبت 20 أبريل/ نيسان 2019 خلال حفل تكريمه من مسجد جمكران المعظّم في مدينة قمّ المقدّسة، الذي منحه لقب «ناصر المهدي» لهذا العام تزامنًا مع ذكرى ولادة الإمام المهدي المنتظر «عج»، شدّد على أنّه «حين يوجد الإنسان بالعدد الكافي وبالعدد الهائل الذي لا يقول إلا صدقًا وحقًا بأنّه لا يركع إلا لله، فحينئذ يكون التحرّر، ويكون كسر القيود، وتكون الشجاعة، وتكون الثورة، وتكون الدولة العالميّة التي تسحق الظلم كلّه، وتسحق الجاهليّة كلّها، وتسحق عالم الاستكبار، وتذلّ المستكبرين والطواغيت».
وهذا نصّ الكلمة:
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم
الصلاة والسلام على حبيبنا المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين..
الإنسان أكبر موجود على الأرض، أكبر من خلق الله على الأرض قدرا، الإنسان مسؤوليته أن يعمر نفسه، أن يعمر الأرض كلها، أن تنمو النفس التي بين جنبيه على يده، وأن تنموا نفوس الناس الذين حوله من جهده ومشاركة من مشاركته، الإنسان خليفة الله في الأرض.
أين الإنسان اليوم؟ أين الإنسانية اليوم؟ هذا اليوم الذي تحكمه حضارة المادة، والحكم الطاغوتي في الأرض، أين صار الإنسان من إنسانيته؟ أين صار الإنسان من مساره؟ أين صار الإنسان من دوره الخلافي؟ أين صار الإنسان من قدرته الهائلة على إعمار هذا الكون والسير به إلى الأمام؟ أين صارت فاعلية الإنسان الخلاّقة التي لا تصنع إلا على طريق الخير والتي لا تنتج إلا ما فيه سمو هذه البشرية؟ أين صار كل ذلك؟ وما السبب في ذلك.
الإنسان اليوم أبعد ما يكون عن مستواه، أبعد ما يكون عن دوره الخلافي، أبعد ما يكون عن إنسانيته، أبعد ما يكون عن عدله واستقامته، أبعد ما يكون عن وظيفته الأولى الكبرى المقدسة (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
ما خلفية هذا الإنحدار؟ ما خلفية هذا التدهور؟ ما خلفية هذا الضياع؟ وراء كل ذلك خلفية واحدة تعرفونها كلكم، وراء ذلك لكه البعد عن الله، الشطط عن طريقه، حكم الطاغوت في الأرض، ما نشره الإنسان البعيد عن الله، وقدرات الحضارة المادية من فساد وخراب في النفوس وفي الأوطان.
هل من حل؟ الحل أوجده الله عز وجل أزلاً، الحل في دين يوصل الإنسان لله، بدين لا تمسه الجاهلية بشوب، بدين خالص من عنديّات الإنسان..
الحل في إمامٍ يتوفر على الفهم الدقيق الصائب المعصوم للإسلام، الحل في إمامٍ لا يميل يمنة ولا يسرة ولا بقدر أنملةٍ عن خط الإسلام، لا ينسى عبادة الله لحظة، لا يخونه أن يعرف في أي لحظة عبوديته وذُلَّها، وربوبية ربه العزيز الجبار، لا ينسى حاجته وحاجة كل من يأتمُّ بإمامته وحاجة كل إنسان والكون كله إلى خالقه العظيم تبارك وتعالى، يعرف أن الإنسانية في ضياع، يعرف أن الإنسانية إلى نار في الدنيا، وإلى نار في الآخرة، ويعرف أن الإنسان في إنحدار حين يميل يسرة ويمنة عن خط الله، الخط الصاعد، الخط البناء لهذا الإنسان، لعقله، لتفكيره، لشعوره، لخطاه.
الحل في وعي صادق للإسلام والإمام، وفي إلتفاف صادق بالإسلام والإمام، بالانتماء الجاد الحار الواعي لخط الإمام عليه السلام.
المنقذ لابد أن يكون إماماً معصوماً على مستوى الفكر والشعور والعمل والتطبيق، يتحمل أمانة نفسه، وأمانة أمته التي يسائله الله عز وجل عنها، إمامٌ وفيٌ بإمامته على نفسه، وبإمامته على الناس جميعاً.
لا نستطيع أن نخرج من واقعنا المأساوي على مستوى الإنسانية بكاملها، من انحدارتنا السحيقة، من نارنا وجحيمنا المُحرق إلا بعودة جادة صادقة قوية واعية لإسلامنا العظيم وقائدنا العظيم الذي أعده الله عز وجل لهذا العصر، العصر الذي تعبت فيه الإنسانية، وانحدرت، وضاعت وشقيت.
يا مستضعفي الأرض كل الأرض، اطلبوا إمامكم، اطلبوا منقذكم، اطلبوا قائدكم، الذي لن يبقى لكم شيء من شقاء على الأرض في ظله، وتحت رايته الإلهية الكريمة.
اطلبوه بتمردٍ جاد على النفس، على حضارة اليوم، على طواغيت الأرض، على كل الفساد السائد في الأرض، على الإرادة الإستكبارية التي لا تقتنع إلا بأن تُرَّكع هذا الإنسان إلى الطواغيت، وتفصله وتجعله مستكبراً على الله.
أبداً أبداً لا خضوع للطاغوت، أبداً أبداً لا طاعة للطاغوت، أبداً أبداً لا ركوع إلا لله، لا نركع إلا لله..
حين يوجد الإنسان بالعدد الكافي، وبالعدد الهائل الذي لا يقول إلا صدقاً وحقاً بأنه لا يركع إلا لله، فحينئذ يكون التحرر، ويكون كسر القيود، وتكون الشجاعة، وتكون الثورة، وتكون الدولة العالمية التي تسحق الظلم كله، وتسحق الجاهلية كلها، وتسحق عالم الإستكبار وتذل المستكبرين والطواغيت، وهذا إنما يكون على يد الأطروحة الإلهية، والقائد الإلهي، والأنصار لله.
يا أنصار الله، يا جنود الله، ارفعوا من مستواكم العقلي والإيماني والنفسي، ومن قابلياتكم البدنية، ومن قابليات القوة في كل أوضاعكم.
اصنعوا قوة في الفكر، اصنعوا قوة النفس، اصنعوا قوة في الأوضاع، اصنعوا قوة في كل أبعاد حياتكم، تهزمون بها الكفر، وتهزمون بها الطاغوت، وتحققون بها أمل الإمام القائم عجل الله فرجه وسهل مخرجه وأرواحنا فداه.
الإمام عليه السلام ينتظركم يا منتظرون، أنتم تنتظرون الفرج على يده، أنتم تنتظرون قيادته، وهو يطالبكم وينتظر منكم أن تكونوا الأكفاء للقيام بمهمات الثورة، وأن تقوموا بمهمات الدولة تحت قيادته الإلهية الرشيدة الواعية الرصينة المؤتمنة.
أعدَّ الله لنا الإسلام المنقذ، وأعدَّ لنا الإمام المنقذ، فماذا بقي؟ بقي أن نعد أنفسنا لنصرة الإسلام ونصرة إمام الإسلام الحق، إنه إمام لا يتكرر، إنه إمام لا تعرفه الأرض في واقعها اليوم، إنه الإمام الذي لا نعرفه من خلال معرفة الحسين عليه السلام، معرفة الإمام علي عليه السلام، مرعفة رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” أرأيتم كيف أخرج رسول الله والقرآن الكريم والإسلام العظيم الأرض كل الأرض والإنسان من الظلمات إلى النور؟ خرج كل إنسان اهتدى بهدى الله، واقتدى برسول الله واستظل براية الإسلام، راية النبي، راية علي، راية الحسن، راية الحسين، كل انسان استظل بهذه الراية، وتبع هذه القيادة، خرج من الظلمات إلى النور، من الظلمات كل الظلمات، من الظلمات بكل طبقاتها، من الظلمات بكل أبعادها، إلى النور بكل أبعاده وبكل معانيه الضخمة، وبكل معانيه السامية.
نستطيع أن نستعيد عزة هذه الأمة، وكبرياء هذه الأمة، وريادة هذه الأمة، بنهضةٍ نبدأها في أنفسها، وفي أوضاعنا، ليقود هذه النهضة ويأخذ بها إلى آخر مدىً يستطيع فيه الإنسان أن يسعى إلى النصر الأكبر، إلى العز الأكبر، إلى المجد الأكبر، إلى حاكمية الإسلام التي تنبسط على البسيطة بكاملها.
كل الإنسانية ستخضع لحكم الله، كل الإنسانية ستستظل بحكم الله ولعينا التحضر وعلينا الإعداد، أنتم جنود الله، أنتم جنود الإسلام، أنتم جنود الإمام المنتَظر، والإمام المُنَتظِر ينتظر جنوده، ينتظر بواسله، ينتظر فقهائه، ينتظر الخبراء الذين تقوم على خبرتهم الحرب وتقوم على خبرتهم الدولة، فإلى الأمام على طريق الله، باتجاه الله، صُعُدًا صُعُدًا إلى الله، نصعد بذلك إلى المجد والكمال، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أعددتُ شيئاً وقلتُ شيئاً آخر