تنسج الشمس ضوءها أطيافًا تلقيها على نافذة لا تكاد تنفذ منها إلى داخل زنزانة صغيرة، في سجن على جزيرة بعيدة هي نفسها تكاد تكون سجنًا..
تبدأ القصّة منذ أكثر من مئتي عام، حين احتلّت قبيلة غازية أرضًا خضراء، مزدانة بالعطاء، سمحة بأهلها الكرماء، فحوّلتها كتلة جمر وغضب.
من سجن حقير في جزيرة بعيدة، خلف أفق الظلم، وغضب الجلّاد، في زنزانة معتمة تبدأ الحكاية، حكاية بطل من أبطال البحرين، ستصبح يومًا ما أسطورة، بل ملحمة، بل تاريخ بلد أرّخه هذا البطل، ستحكيها كلّ جدّة، وينتظرها كلّ طفل، وتتردّد على كلّ لسان ناطق بالضاد.
حكاية تجسّد وطنًا في شاب، أبى الظلم والجور، فخرج ينادي بالحقّ، وينشد الحريّة.
لم ترهبه آلة حرب العدوّ، ولا كثرته، فهم قلّة لديه بل لا يساوون شيئًا، فنبض قلبه يضخّ دمًا أبيًّا ليروي أرضًا يفديها بروحه.
ولسانه يلهج بكلمات تردّد صداها، خارقًا أبعاد الزمن من عاشوراء إلى الآن، هيهات منا الذلّة….
بطل واجه جيشًا، فأصبح فخرًا للوطن، وصار معلّمًا لكلّ مقاوم، يعلّم الأجيال معنى الثبات والعزيمة، يغرس فيهم مفهوم الشجاعة والإباء، ويرسم لهم الأمل.
مسكنه في كلّ قلب، وذكره على كلّ شفة، وطيفه في كلّ عين، فالقلوب تناجي الله من أجله، والشفاه تلتمس الدعاء له، والعين تدمع لغربته، وهو صامد صمود الجبل في وجه الريح لم يهن ولم يضعف لأنّه بطل.
وحين تسدل الستارة على المسرحية التي كتبتها يد ملطخة بدم الأبرياء، سيلوح في الأفق فجر جديد، لبلد جديد، ونهاية تكون البداية، ويبقى «ماهر الخباز» بطل الحكاية.