قال القيادي المعارض جواد عبد الوهاب في مقال له نشر على موقع مرآة الجزيرة يوم الخميس 17 يناير/ كانون الثاني 2019، إنّ المعارضة البحرانيّة الحيّة ما زالت تتجلى في صور إنسانيّة نبيلة تؤكّد قيمة المبدأ، وفي صور سياسيّة تؤكّد قيمة الانتماء، على الرغم من دخول الثورة الشعبيّة في عامها التاسع وسط قتامة في المشهد وتعقيدات خطرة ناتجة من تصعيد الحالة الأمنيّة التي انتهجتها السلطة الخليفيّة وأدّت إلى أزمات على المستويات المعيشيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة، خاصة مع رفض كلّ مبادرات المعارضة وإصرار السلطة على خيار القوة والتعاطي مع المطالب الشعبية بمنطق القهر والغلبة واستخدام القوة المفرطة، وجعل الخيار الأمنيّ خيارًا استراتيجيًّا وحيدًا لحلّ الأزمة السياسيّة.
وأضاف أنّه في مقابل استراتيجية السلطة كان رد فعل الثورة وقادتها أكثر ذكاء ومنطقيّة حيث اعتمدت استراتيجية الصمود بدلًا من فكرة ردّ الفعل المضاد للإرهاب أو الفعل الإرهابيّ المضاد الذي كانت تفتعله هي نفسها.
وأوضح عبد الوهاب أنّ خطوة تشكيل مجلس سياسي التي أعلنها ائتلاف الرابع عشر من فبراير في 22 ديسمبر/ كانون الأوّل 2018 جاءت في وقت يستمرّ فيه الكيان الخليفيّ بإجراءاته القمعيّة وهيمنة أجواء الملاحقات والمطاردات الأمنية والتشويه الإعلامي المنظم، وأحكام السجن القاسية والمجحفة التي طالت معارضين ونشطاء سياسيين لمدد طويلة، فكان لا بدّ من بدء مرحلة جديدة عبر اتخاذ خطوة جريئة كخيار وطنيّ ملح.
من هنا كانت خطوة ائتلاف 14 فبراير نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة حين أعلن عن تشكيل مجلسه السياسي في حفل حضرته شخصّيات وازنة ولها ثقلها في المجتمع السياسي في العاصمة العراقيّة بغداد، وهي خطوة تعكس حجم الإنجازات التي حققها ميدانيًّا على الأرض، كما أنّها استجابة ذكيّة لضرورة وجود صوت سياسي يمثّل مطالب حراكه الميداني في الساحة ويعبّر عنه وعن هويته ومشروعه ومطالبه.
وقال القيادي إنّ قيمة الإعلان -وفق مراقبين- تكمن في أنّه يأتي خارج السياق القائم من هيمنة السلطة على زمام المبادرة السياسيّة واكتفاء جميع قوى المعارضة السياسية بردّات الفعل فقط على ما تطرحه السلطة وما تقوم به من مبادرات، أمّا الإعلان عن تشكيل المجلس السياسي للائتلاف وفتح مكتب بيروت فهو مبادرة سياسيّة ربما وضعت إحدى أهمّ قوى المعارضة السياسية في البحرين بموقع «صناعة الفعل» وقيادة زمام المبادرة وجعل السلطة والآخرين في موقع «ردّات الفعل».
ورأى أنّ الإعلان يثبت أيضًا أنّ ائتلاف 14 فبراير رقم صعب في معادلة الصراع مع السلطة، ولا سيّما أنّه جاء في وقت باتت الحالة الشعبيّة في أمسّ الحاجة إلى صوت يعبّر عن تطلّعاتها المشروعة، وصوت يتصدى للتعريف بهوية المشروع السياسي للحراك الشعبي ومبادئه ومطالبه، وتكون لديه القدرة للدفاع عنها، منوّهًا إلى أنّه لا يوجد في الساحة من يمكن أن يعدّ ندًّا للسلطة ويتحدى مشروعها في الهيمنة والسيطرة غير الائتلاف، مؤكّدًا أنّ الطريقة التي تمّ الإعلان فيها عن تشكيل المجلس السياسي ونوعية المشاركين في المؤتمر تعكس قدرة الائتلاف وجدارته في التحرك في ميدان السياسة والدبلوماسية.
ووصف عبد الوهاب الإعلان بأنّه رسالة قوية للغاية مفادها أنّ المعارضة في البحرين لديها من المساحة والخيارات ما تستطيع من خلاله التحرّك في المجالين السياسي والدبلوماسيّ كما أثبت أنّ المعارضة ليست مكشوفة الظهر أو يتيمة، وأنّ ثمّة من سيوفر الدعم والغطاء والشرعية لها لكي تتحرك وتنشط، وهو قد ضخّ حجمًا هائلًا من الأمل في أنّ مسيرة ثورة 14 فبراير الشعبية لم تنته، وأن هناك قوة صمود وتحدٍ وإرادة ما زالت قائمة وأنّها تواصل المسير، وأعطى جرعة ثبات وصمود قوية كانت الساحة تحتاج إليها، في وقت تحاول السلطة أن تقول للعالم وللشعب إنّها أجهزت تمامًا على الحركة المطلبيّة.
ورأى أنّ هذا الإعلان جاء أيضًا ليقول إنّ ثمّة قدرة لدى الشعب على الأخذ بمسار الحركة المطلبيّة إلى أفق ومكان آخر، وأنّه طرح بقوّة موضوع «الحل السياسي» وجاء بمثابة إعلان عن فشل سياسات القمع والبطش، وهو إعلان عن مشروع سياسيّ كبير وبداية لمشروع جديد يؤكّد أنّ المعارضة أذنت بمرحلة جديدة من العمل، حيث حرّكت هذه المبادرة الجمود الذي كان يلفّ هذه الجزئية من الحراك الشعبي المطلبي الواسع، ووضعت حدًّا للكثير من التساؤلات المثارة حول غياب الدور الديبلوماسي والسياسي للمعارضة السياسية في البلاد بما يتوازن مع حجم المجابهة الميدانية على الأرض.